سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 نوفمبر 1956.. صلاح سالم يتوجه إلى السويس لقيادة الدفاع عنها بعد مطالبته لعبدالناصر بتسليم نفسه للسفارة البريطانية لوقف العدوان الثلاثى

الخميس، 03 نوفمبر 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 نوفمبر 1956.. صلاح سالم يتوجه إلى السويس لقيادة الدفاع عنها بعد مطالبته لعبدالناصر بتسليم نفسه للسفارة البريطانية لوقف العدوان الثلاثى صلاح سالم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بينما كان النقاش محتدما وانفعاليا بين الرئيس «جمال عبدالناصر» و«صلاح سالم» عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952، دخل «السفرجى» حاملا صينية القهوة، فأمره «سالم» بأن يسلمه ملابسه المدنية، ولبسها، قائلا: «السلام عليكم يا ريس أنا مسافر السويس وسأقاتل من هناك».
 
كان هذا التصرف ختاما لمناقشة عاصفة بين «عبدالناصر» و«سالم»، حول كيفية التصرف مع العدوان الثلاثى على مصر، الذى بدأ بغارة جوية لإسرائيل على مصر يوم 29 أكتوبر 1956، ويروى القصة الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس»، و«سامى شرف» مدير مكتب «عبدالناصر» فى مذكراته، ومحمد عبدالفتاح أبوالفضل فى الجزء الأول من كتابه «تأملات فى ثورات مصر- ثورة 23 يوليو 1952 ».
 
حسب رواية هيكل، فإن «عبدالناصر» هرع إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، وكان مكتب عبدالحكيم عامر «القائد العام »، حينما دخل عبدالناصر مزدحما بالزوار، بينهم أعضاء مجلس الثورة القدامى وعدد من الوزراء، وقادة من القوات المسلحة، وكان الجو مشحونا بالقلق والعصبية، وانقسمت المناقشات لرأيين، يشرحهما هيكل على النحو التالى:
 
الأول، تبناه عبدالحكيم عامر وهو منطق الوطنية الشهيدة، التى يتحتم عليها أن تقاتل فى مواقعها، ومهما كانت الظروف إلى آخر طلقة إلى آخر رجل، أما الرأى الثانى، فتبناه صلاح سالم وكان محكوما بما يسميه «هيكل» بـ«المنطق الواقعى»، حيث اقترح بـ«أسى وحزن» أنه لا خيار أمام جمال عبدالناصر غير الاستسلام وبسرعة، قبل أن يتمكن الطيران المعادى من تدمير مرافق مصر الحيوية وتمزيق جيشها وتهديم مدنها.
 
يضيف هيكل:«فى اللحظة التى دخل فيها عبدالناصر قاعة القيادة العامة للقوات المسلحة، كان «سالم» يشرح رأيه، ولم يتراجع عنه، وإنما كرره، مضيفًا لعبدالناصر: أنت قمت بخدمة عظيمة لهذا البلد، وضحيت كثيرًا من أجله، والآن فقد كتبت عليك المقادير أن تضيف لتضحياتك تضحية أخرى وأن تقبل تسليم نفسك. إن إيدن «رئيس وزراء بريطانيا» أعلن فى خطابه أن الحرب تستهدفك أنت وليس الشعب المصرى، فإذا عرفوا أنك على استعداد لتسليم نفسك توقفت الحرب على الفور، واستطرد «سالم » قائلا: «إنه يعرف أن السير همفرى تريفليان «السفير البريطانى فى القاهرة» لم يغادرها بعد، وإذا توجه جمال عبدالناصر لمبنى السفارة وسلم نفسه، فإن ذلك كفيل بحل الأمور».
 
لم يفقد عبدالناصر أعصابه، وحسب هيكل: «أدرك أن أبعاد الموقف أهم من أى اعتبار يتعلق بالأشخاص»، وشرح وجهة نظره قائلا: «لو المعركة شخصية لابتعدت بأى وسيلة عن مسرح الحوادث، ولكن المستهدف هو مصر وشعبها، وإذا لم يقف الشعب المصرى فى هذا الموقف، ويخوض المعركة دفاعًا عن وطنه ومستقبله، فإن مصير الأمة العربية كلها يصبح معرضا للضياع».
 
لكن سامى شرف يسرد الواقعة على نحو أنها دارت فى الاجتماع الذى دعا إليه عبدالناصر لمناقشة الإنذار، وحضره من قيادة الثورة زكريا محيى الدين وحسين الشافعى وعبداللطيف بغدادى، وكان الدكتور أحمد ثروت الطبيب الخاص للرئيس موجودا، وما إن دخل سالم حتى فاجأ الحاضرين بخلع الكاب، وقال لعبدالناصر: «يا ريس أحسن حاجة نستسلم، أنا لو منك أروح أسلم نفسى للسفارة الإنجليزية».
 
يذكر شرف أن عبدالناصر ضحك وقال للطبيب: «يا ثروت إدى له حقنة تهديه»، فرد سالم: «يا ريس أنا أعنى هذا الكلام، إحنا مش قد الإنجليز والوضع الطبيعى أن نسلم أنفسنا، وأنت يا ريس عليك إنك تروح وتقابل السفير الإنجليزى وتطلب منه المعذرة».
 
رد عليه عبدالناصر بعنف ووصفه بالجبن، وفى لحظة الانفعال المتبادلة بين الاثنين، دخل أحد السفرجية حاملا صينية القهوة، فأمره سالم بأن يسلمه ملابسه المدنية ولبسها، قائلا: «السلام عليكم يا ريس أنا مسافر السويس وسأقاتل من هناك».
 
يذكر محمد عبدالفتاح أبوالفضل، وكان ضمن القيادات الرئيسية للمقاومة التى شكلها عبدالناصر فى مدن القناة أثناء العدوان:  «فى مساء 31 أكتوبر، قرر عبدالناصر فى اجتماعه التصميم على استمرار القتال والمقاومة ولو حتى بالانسحاب إلى الوجه القبلى واللجوء إلى حرب العصابات، وعارضه فى هذه القرارات صلاح سالم، واقترح على عبدالناصر أن تستسلم الحكومة وتأتى حكومة جديدة يمكنها التفاوض مع الغزاة »، وعلى العكس من «هيكل » يذكر أبوالفضل أن عبدالحكيم عامر أيد وجهة نظر صلاح سالم، لأنه كان يخشى مواجهة الدولتين الكبيرتين إنجلترا وفرنسا، ولمح هو الآخر بالاستسلام. 
 
يقول عبدالحميد أبوبكر، القائد الثانى لعملية تأميم قناة السويس فى مذكراته «قناة السويس والأيام التى هزت الدنيا »: بعد ظهر 3 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1956، غادر «سالم» إلى السويس ليتولى مسؤولية الدفاع عنها بناء على طلب عبدالناصر، وكان يبدو على وجهه مسحة من الحزن، وقال: «بقى جمال عبدالناصر بيقول على جبان علشان كنت عاوز أنقذ مصر من ويلات الحرب، أنا رايح السويس وهحارب ودى مش أول مرة أحارب فيها».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة