بدأت الدولة تستقر مع النظام الجديد، فالعباسيون أحكموا قبضاتهم على مفاصل الدولة، وبدأ الخليفة الثانى أبو جعفر المنصور يفرض رؤيته على الجميع، فما الذى يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "ثم دخلت سنة ثمان وثلاثون ومائة"
فيها: دخل قسطنطين ملك الروم ملطية عنوة فهدم سورها وعفا عمن قدر عليه من مقاتليها.
وفيها: غزا الصائفة صالح بن على نائب مصر، فبنى ما كان هدم ملك الروم من سور ملطية، وأطلق لأخيه عيسى بن على أربعين ألف دينار، وكذلك أعطى لابن أخيه العباس بن محمد بن على أربعين ألف دينار.
وفيها: بايع عبد الله بن على الذى كسره أبو مسلم وانهزم إلى البصرة واستجار بأخيه سليمان بن علي، حتى بايع للخليفة فى هذه السنة ورجع إلى طاعته، ولكن حبس فى سجن بغداد، كما سيأتي.
وفيها: خلع جهور بن مرار العجلى الخليفة المنصور بعدما كسر سنباذ واستحوذ على حواصله وعلى أموال أبى مسلم، فقويت نفسه بذلك وظن أنه لا يقدر عليه بعد، فأرسل إليه الخليفة محمد بن الأشعث الخزاعى فى جيش كثيف فاقتتلوا قتالا شديدا، فهزم جهور وقتل عامة من معه، وأخذ ما كان معه من الأموال والحواصل والذخائر، ثم لحقوه فقتلوه.
وفيها: قتل الملبّد الخارجى على يدى خازم بن خزيمة فى ثمانية آلاف، وقتل من أصحاب الملبد ما يزيد على ألف وانهزم بقيتهم.
قال الواقدي: وحج بالناس فيها الفضل بن علي، والنواب فيها هم المذكورون بالتى قبلها.
وممن توفى فيها من الأعيان: زيد بن واقد، والعلاء بن عبد الرحمن، وليث بن أبى سليم فى قول.
وفيها: كانت خلافة الداخل من بنى أمية إلى بلاد الأندلس، وهو: عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الهاشمي.
قلت: ليس وهو بهاشمى إنما هو من بنى أمية ويسمى: أمويا، كان قد دخل إلى بلاد المغرب فرارا من عبد الله بن على بن عبد الله بن عباس، فاجتاز بمن معه من أصحابه الذين فروا معه بقوم يقتتلون على عصبية اليمانية والمضرية، فبعث مولاه بدرا إليهم فاستمالهم إليه فبايعوه ودخل بهم ففتح بلاد الأندلس واستحوذ عليها وانتزعها من نائبها يوسف بن عبد الرحمن بن حبيب بن أبى عبيدة بن عقبة بن نافع الفهرى وقتله.
وسكن عبد الرحمن قرطبة واستمر فى خلافته فى تلك البلاد من هذه السنة إلى سنة ثنتين وسبعين ومائة، فتوفى فيها، وله فى الملك أربع وثلاثون سنة وأشهر.
ثم قام من بعده ولده هشام ست سنين وأشهرا، ثم مات، فولى بعده الحكم بن هشام ستا وعشرين سنة وأشهرا ثم مات، ثم ولى بعده ولده عبد الرحمن بن الحكم ثلاثا وثلاثين سنة ثم مات، ثم ولى بعده محمد بن عبد الرحمن بن الحكم ستا وعشرين سنة، ثم ابنه المنذر بن محمد، ثم أخوه عبد لله بن محمد بن المنذر.
وكانت أيامه بعد الثلاثمائة بدهر، ثم زالت تلك الدولة كما سنذكره من زوال تلك السنون وأهلها وما قضوا فيها من النعيم، والعيش الرغيد، والنساء الحسان، ثم انقضت تلك السنوات وأهلها كأنهم على ميعاد، ثم أضحوا كأنهم ورق جف ألوت عليه الصبا والذبول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة