بوتيرة متسارعة، استطاع الكاتب الفرنسي اليميني إريك زمور تخطي أسماء بارزة داخل الأوساط السياسية في فرنسا بعد الإعلان عن اعتزامه الترشح في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة أبريل المقبل، حيث يتأرجح اسمه في استطلاعات الرأي ما بين المرتبة الثانية والثالثة، خلف الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، متقدماً فى ذلك عن زعيم اليمين المتطرف مارين لوبان، والتى وصلت فى الانتخابات الأخيرة لجولة الإعادة أمام ماكرون.
وطالما آثار زمور الكثير من الجدل بسبب كتاباته التى تحمل طابعاً عنصريا، إلا حالة الجدل تزايدت خلال الأسابيع القليلة الماضية، بعدما واصل تقدمه فى استطلاعات الرأى داخل فرنسا، والتى أكدت أنه سيحصل ـ علي أقل تقدير ـ على ثلث أصوات الناخبين.
ترامب يدعم
وبالتزامن مع المؤتمرات الانتخابية ونشاط حملته، فاجئ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الرأي العام الفرنسي والعالمي، بمكالمة دعم نشرت تفاصيلها وسائل إعلام فرنسية وأمريكية على حد سواء.
المكالمة التي استمرت 40 دقيقة ، كشف تفاصيلها غيوم بلتيير المتحدث باسم حملة زمور، قائلاً أن الرئيس الأمريكي السابق قدم دعماً واضحاً للمرشح الفرنسي، وكان الحديث "دافئاً"، حيث أكد ترامب أنه متابع جيد لنشاط زمور عبر منصات التواصل الاجتماعي والمؤتمرات المغطاة علي الهواء مباشرة.
وحسب بلتيير فقد خاطب ترامب زمور، قائلا: "لا تستسلم، تمسك بمبادئك وابق شجاعا، المثابرة والتحمل يؤتيان ثمارهما في نهاية الحملة.. وسائل الإعلام ستعتقد أنك وحشى، لا تستسلم وابق شجاعاً".
وقال فريق حملة الرئيس الأمريكي السابق لزملائهم الفرنسيين: "لقد كان مدير حملة زمور المكلف بفرنسيي الخارج على اتصال بديوان ترامب وعرض عليهم تنظيم اجتماع حضوري أو عبر الهاتف، وبما أن الرحلة إلى فلوريدا كانت معقدة، اخترنا الترتيب لمحادثات هاتفية".
وقبل أسبوع، أعلن زمور الملقب بـ"ترامب فرنسا"، نظراً لعهده الحديث مع أن عدد أعضاء الحزب الذي أسسه رسمياً مطلع ديسمبر 2021 بلغ 100 ألف عضو، وقال في تغريدة علي حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: "أعلن أن حزب استعادة فرنسا يقترب من 100 ألف منتم وسأقدم شخصياً بطاقة العضوية للعضو رقم 100 ألف".
وبدأت نواة الحزب الذى شكله زمور من خلال إطلاق جمعية "أصدقاء إريك زمور" أبريل 2021 لدعم ترشح الصحفي السابق لانتخابات 2022 الرئاسية، فيما تم الإعلان عن حزب "استعادة فرنسا" في 5 ديسمبر 2021 خلال اجتماع لقاء انتخابي لإريك زيمور في ضواحي باريس.
ويبنى الحزب استراتيجيته الانتخابية على مبدأ "توحيد قوى اليمين" الفرنسي وحشد الشخصيات من جميع الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة حول قضايا الهوية الوطنية والهجرة والإسلام والسياسة الخارجية المستقلة والموقف من الاتحاد الأوروبي وغيرها.
أسرار صادمة من داخل حملة زمور
وفي تقرير لها، نشرت صحيفة جارديان البريطانية مقتطفات من كتاب للصحفي الفرنسي الشاب فينسينت بريسون ، والمقرر مثوله للطبع قريباً بعنوان "في قلب Z" ، والتي حملت أسراراً صادمة عن أفكار زمور وحملته وفريقه الانتخابي.
وقال بريسون في كتابه أنه تسلل إلى حملة زمور الانتخابية وعاش أجوائها لمدة 3 أشهر كاملة، والتحق بفريق " Génération Z"، أو "الجيل Z"، وهي مجموعة الشباب المؤيدة لأفكار زمور، التي وصفها بريسون بـ"العنصرية المتطرفة".
اريك زمور مرشح اليمين المتطرف
وأضاف الصحفي الشاب في كتابه : في الواقع ، يبدو أن بعض "الزموريين" سوف يرونك دائمًا على أنك أقل فرنسية.. ومن المفترض أن هؤلاء هم الوجوه الأكثر اعتدالًا والمقبولة علنًا للحملة.. وستجد نفسك دائماً تواجه أسئلة عما إذا كان الجميع داخل فرنسا يستحق معاملة متساوية في ظل رئاسة زمور المحتملة".
وذكر بريستون في الكتاب: "فى الأمسية الأولي لي داخل الحملة ، ومع مجموعة من النشطاء الشباب ، تم وضع ملصقات تضمنت عبارات مثل الزنوج .. لكن دخولي وسط هذا العالم كان سهلاً ، فأنا شاباً أبيض اللون ، حاصل علي تعليم جامعي ، واحمل اسم كنسي ونشأت كاثوليكيا .. لذا بدوت مجنداً معقولاً بالنسبة لهم".
ووفقا لـ كتاب "في قلب Z": "زعم زمور أنه إذا تم انتخابه رئيسًا فسوف يمنع العائلات من إعطاء الأطفال أسماء أولى غير فرنسية، مما يعني أنه لم يعد بإمكان الناس تسمية أبنائهم محمد، ولكن سيسمح لهم باستخدامها كاسم وسط".
وبحسب الكتاب ، فإن زمور يستعين من وراء الستار بـ"جيش الظل"، وهي كتائب إلكترونية متطوعة تضم مجموعات كبيرة ومتنوعة علي منصات التواصل الاجتماعي فيس بوك وغيرها بهدف الترويج لتلك الأفكار، وكسب المزيد من الأنصار والمؤيدين.
وكشف الكتاب عن وحدة أخرى، تعرف باسم "WikiZédia" ، مكلفة بتحرير إدخالات علي موقع ويكيبيديا المتعلقة بـ زمور وأفكاره، ولا سيما صفحة المجادل الفردية ، والتي تم عرضها 5.2 مليون مرة في عام 2021، مما يجعلها الصفحة الأكثر زيارة في الموسوعة عبر الإنترنت في فرنسا.
ويتبني زمور موقف معادي للمهاجرين، ودعا في وقت سابق لبناء جدار حدودي لمنع الهجرة، كما تعهد حال فوزه بالانتخابات بدعم الدول الأوروبية الراغبة في القيام بالخطوة نفسها، داعياً لبناء "جدار أوروبي" لوقف أمواج اللاجئين والمهاجرين.
وبحسب الكتاب، شارك أحد النشطاء أيضًا في مراجعة عبر الإنترنت لدعم تأكيد زمور، الذي نفاه المؤرخون، أنه خلال الحرب العالمية الثانية، حاولت حكومة فيشي الفرنسية المتعاونة مساعدة اليهود الفرنسيين بدلاً من إرسالهم إلى معسكرات الموت . فزمور، اليهودي الديانة يدافع عن الرواية التي تقلل من ذنب فيليب بيتان، رئيس حكومة فيشي، في عمليات ترحيل اليهود الفرنسيين إلى معسكرات الاعتقال النازية.
ويجادل زمور بأن حكومة فيشي لم تبذل جهودا تذكر بهدف وقف ترحيل اليهود غير الفرنسيين (الوافدون وقتذاك حديثاً من أوروبا الشرقية، وكان عددهم كبير جداً) إلا أن الأمر كان مختلفاً فيما يتعلق باليهود الفرنسيين.
وقال بريسون في كتابه: " اندهشت من السرعة التي اندمجت بها في المجموعة، حيث تقدمت من رحلات الطيران في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر إلى الانضمام إلى فرق من النشطاء الذين يبحثون عن تهديدات خطيرة محتملة لسلامة زمور".
وأضاف: "لقد اندهشت من انعدام الأمن .. لقد غيرت لقبي واخترعت وظيفة في العلاقات العامة، ولكن لم يتم التحقق من هويتي مرة واحدة. في كثير من الأحيان، كان بإمكاني البحث في مكتب زمور، على سبيل المثال رغم أنني لم أفعل ذلك مطلقًا. أنا صحفي ولست جاسوسا".
وانضم بريسون أيضًا إلى حملة زمور السرية المتطورة للغاية عبر الإنترنت والتى تدار من خلال مجموعات على تطبيق "تليجرام" المشفر بواسطة مدير الاستراتيجية الرقمية للمرشح، صمويل لافونت، وقال: "هذا ليس علنيًا على الإطلاق، إنه سرى وهذه ليست حملة سياسية شفافة".
زمور خلال حفل توقيع أحد مؤلفاته
ويصف الكتاب كيف تم توجيه "جيش الظل" المكوّن من مئات متطوعي زمور للانضمام إلى مجموعة كبيرة من مجموعات فيس بوك ، بدءًا من محبي موسيقى الروك الفرنسي الراحل جوني هاليداي مرورًا بأنصار أندية كرة القدم في Lens أو Lyon إلى عشاق البيتزا والمناهضين لـ المتشددون والحركات الاحتجاجية الراديكالية.
وقال بريسون: " طلب منهم أن يعملوا قدر الإمكان لنشر محتوى مؤيد لزمور وسؤال الناس عن رأيهم به متبعين نظيرة "الإغراق على فيس بوك " والتعليق والرد بأكبر قدر ممكن وبقدر الإمكان، ورفع ملف المرشح باستمرار يتعلق الأمر بخلق انطباع لأعداد هائلة من الناس، عن حركة هائلة عبر الإنترنت ".
ووفقا للجارديان، استغرق كتاب "في قلب Z" ستة أشهر وقال جيفري لو جيلشر، أحد ناشري الكتاب، إن اتخاذ إجراء قانوني ضد كتاب زمور كان أمرًا محتملاً، لكن الشركة كانت واثقة من عدم وجود أي شيء غير صحيح على الإطلاق أو لم يتم التحقق منه في كتاب بريسون المكون من 300 صفحة.
وقال: "هذا يتعلق بالتسلل لمزيد من الشفافية إريك زمور هو المرشح الرئاسي الوحيد المدان بخطاب كراهية عنصري بالإضافة الى ان نشاط حملته عبر الإنترنت غير أخلاقي على الأقل. هناك مصلحة عامة واضحة للغاية ".