تدفق الآلاف إلى ميدان «رابعة» بالقاهرة والشوارع المحيطة صباح 22 فبراير، مثل هذا اليوم، 1978، للمشاركة فى تشييع جنازة 15 شهيدا من قوات الصاعقة والقوات الجوية المصرية، سقطوا أثناء معركتهم مع القوات القبرصية فى مطار «لارنكا» بالعاصمة القبرصية «نيقوسيا»، لتحرير الرهائن المصريين المحتجزين بعد اغتيال يوسف السباعى رئيس مجلس إدارة «الأهرام»، وسكرتير عام منظمة التضامن «الأفرآسيوى».
وقعت جريمة اغتيال «السباعى» أثناء توجهه إلى قاعة اجتماعات مؤتمر منظمة التضامن المنعقد بفندق هيلتون فى نيقوسيا، 18 فبراير 1978، حيث أطلق إرهابى الرصاص عليه فسقط قتيلا، وقام آخر باحتجاز 30 شخصا فى كافيتريا الفندق تحت تهديد السلاح، وفقا للأهرام، 19 فبراير 1978، مضيفة، أنه تم الإفراج عن السيدات، ثم عن ممثلى الكتلة الشرقية فى المؤتمر، والاحتفاظ بـ14 رهينة هم ممثلو الدول العربية، بينهم 4 مصريون هم، حسين رزق السكرتير الخاص ليوسف السباعى، وإدوارد الخراط مساعد السكرتير العام للمنظمة، وكمال بهاء الدين عضو اللجنة المصرية، وبهيج نصار عضو لجنة السلام.
تذكر «الأهرام» أن الإرهابيين طلبا وضع طائرة خاصة تحت تصرفهما لتنقلهما مع الرهائن إلى جهة غير معلومة، وفى الساعة الثامنة والنصف غادرت المطار طائرة خاصة تقل الإرهابيين و11 من الرهائن وممثلين عن منظمة التحرير الفلسطينية وصلا من بيروت للاشتراك فى المفاوضات، بعد أن تبين أن الإرهابيين يتبعان جماعة أبونضال الإرهابية، وقالا إنهما ارتكبا الجريمة لأن السباعى ذهب مع السادات إلى إسرائيل يوم 19 نوفمبر 1977، ونزلت الطائرة فى جيبوتى وبعد تزودها بالوقود عادت إلى قبرص بعد رفض عواصم عربية استقبالها.
شيع جثمان السباعى فى القاهرة يوم 19 فبراير 1978، وفى الساعة السادسة من مساء نفس اليوم هبطت طائرة مصرية فى مطار لارنكا عليها قوات خاصة لتخليص الرهائن، مما اعتبره الرئيس القبرصى «كبريانو» تعديا على سيادة بلاده، وفور بدء الهجوم الشامل على الطائرة القبرصية التى بها المحتجزين، ردت القوات القبرصية، لتبدأ اشتباكات استمرت قرابة خمسين دقيقة، أسفرت عن تدمير الطائرة العسكرية المصرية وقتل 15 من رجال الصاعقة ومن طاقم الطائرة، وجرح ما يزيد على ثمانين مصابا من الطرفين، واحتجزت قبرص باقى القوة المصرية، وتذكر الأهرام، 21 فبراير 1978، أن الدكتور بطرس غالى وزير الدولة للشؤون الخارجية، سافر إلى قبرص على متن طائرة خاصة بنقل الجنود يوم 20 فبراير، للتباحث مع السلطات القبرصية لاستعادة المحتجزين، وجثث الجنود والضباط المصريين، وبالفعل عاد فى نفس اليوم، ومعه 47 من القوة، و15 شهيدا و11 جريحا، واثنان من الرهائن هما، حسين رزق، وكمال بهاء الدين، وتخلف، بهيج نصار، وإدوارد الخراط فى قبرص بإرادتهما.
فى 22 فبراير شيع الآلاف شهداء العملية، وتقدم الرئيس السادات الجنازة، وتذكر الأهرام يوم 23 فبراير، أن الجنازة شهدت هتافات منها: «يا سادات، التار، التار، قلب الشعب مولع نار»..و«لا فلسطين ولا عرفات، اضرب، اضرب يا سادات»، وعلت هذه الهتافات وسط موجة هجوم ضد الفلسطينيين فى وسائل الإعلام الرسمية، رغم أن منظمة التحرير الفلسطينية أصدرت بيانا وصفت فيه اغتيال السباعى بأنه عمل يتسم بالجبن والإجرام، وتذكر جريدة الأهالى الأسبوعية، لسان حزب التجمع التقدمى يوم 22 فبراير 1978، أن بيان المنظمة استنكر موقف أولئك الذين يختبئون خلف هذه العملية، ويستخدمون اسم فلسطين فى مثل هذه العمليات البربرية.
توجه السادات بعد مشاركته فى الجنازة إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، وتذكر الأهرام، أنه التقى قوات رمزية من الصاعقة والقوات الجوية فى قاعة الشهيد عبدالمنعم رياض، وأعلن أمامهم، رفضه للحجج التى تذرع بها الرئيس القبرصى لتبرير التصرف الغادر من القوات القبرصية ضد القوات المصرية، وقال إنه على فرض أننا لم نستأذن من قبرص، فما كان يجب أن يحدث ما حدث، خاصة أن مصر قدمت لقبرص مساعدات لم تقدمها لها حتى اليونان رغم أن سكان الجزيرة من أصل يونانى، وأشار إلى أن يوسف السباعى الذى قتل فى قبرص ظل يدافع 22 سنة عن استقلال قبرص، وأنه بعد الإفراج عن «مكاريوس»، الرئيس القبرصى الراحل، من المنفى استقبلته مصر وكرمته.
وأعلن السادات سحب اعتراف مصر بالرئيس القبرصى «سبيروس كبريانو»، ورفضه أى لقاء معه حتى تفسر السلطات القبرصية ما حدث من غدر وخيانة ضد رجال الصاعقة المصرية، وتسليم المأجورين الذى اغتالا الشهيد يوسف السباعى، وحذر السادات العناصر الفلسطينية التى انصرفت لتأجير نفسها للقتل والإرهاب فى الصالات والملاهى، بينما تدافع مصر عن قضية فلسطين فى كل مكان، وأكد أن مصر قادرة على أن ترد كل ضربة بعشر ضربات، ولن يكون مصير مصر فى أيدى حفنة من العملاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة