مما لا شك أن المنتخب المصرى أدى أداءً مشرفا خلال بطولة أمم أفريقيا، ولا خلاف على اجتهاده المتواصل للتتويج، وهذا ما ظهر جليا خلال مباراته مع المغرب، ثم مباراة نصف النهائي مع الكاميرون صاحبة الأرض والجمهور، وأخيرا فى النهائي أمام السنغال، والذى شهدت تألق اللاعبين ومثابرتهم للظفر بالبطولة في لقاء مشرف وأداء رجولى انتهى بركلات الترجيح لصالح السنغال.
وأعتقد أن رغم خسارة اللقب، إلا أن لاعبى المنتخب المصرى حققوا مكاسب عديدة على الصعيد الكروى والصعيد الشعبى، ونسلط الضوء هنا على الصعيد الشعبى، فرأينا جميعا كيف كان التضامن الجماهيرى مع اللاعبين والمؤازرة والتشجيع؟، وكيف خرجت ملايين الجماهير في الشوارع رافعة الأعلام المصرية مع كل مباراة للمنتخب؟ وكيف امتلأت القهاوى والكافيهات وافتتحت مراكز الشباب أمام الجماهير المصرية، في مشاهد تعكس الروح الوطنية العالية والرياضية المشرفة.
غير أن هناك مكسبا مهما، وهو أن هذا الأداء المشرف للاعبين قطعا صب في صالح ريادة القوة الناعمة المصرية الرياضية، خاصة أنه ليس هناك مناسبة تجمع الشعوب أكثر من كرة القدم، وهذا ما فعله المنتخب خلال مشوراه بالبطولة في بث الفرحة والسعادة والآمال لدى الجماهير ومحبى الكرة المصرية، وأعلن اللاعبون عن أنفسهم بكل شرف واحترام بما أنجزوه وحققوه من انتصارات مقدرة خلال البطولة.
فنعم لم تعد كرة القدم مجرد لعبة تمارَس إنما أصبحت بمثابة قوة ناعمة تجمع الشعوب حولها، وأصبحت أيضا قوة لا يستهان بها في إسعاد الجماهير وصناعة الريادة، لذلك فليس هناك شك أن أداء المنتخب المصرى فى هذه البطولة ساهم فى عودة هذه الريادة والقوة الناعمة كما تنشده الدولة بعد عام 2014، فكلنا رأينا مظاهر عديدة لعودة هذه القوة والريادة من خلال مشاركة مشرفة في مسابقات رياضية عامة والفوز بالعديد منها، وكذلك وستضافة الفعاليات الرياضية كتنظيم كأس الأمم الإفريقية عدة مرات أخرها عام 2019، وكأس العالم السابع والعشرين لكرة اليد للرجال 2021، بما أظهر قدرة مصرية عالية على حسن التنظيم والإدارة في ظل ظروف استثنائية.
ومن المكاسب أيضا، أن محمد صلاح قدم أداءً مشرفا ورجوليا خاصة أنه يعد أحد أدوات القوة الناعمة المصرية في العالم الآن، وكذلك تألق عدة لاعبين مثل الحارس محمد أبو جبل، الذى أصبح أيقونة حقيقية، وصنع اسما كبيرا له كامل التقدير لاجتهاده وتألقه الذى أبهر الجميع، وكذلك ظهور لافت ومميز للاعبين أحمد فتوح ومحمد عبد المنعم لتنضم هذه الأسماء إلى سلسلة الرموز التى من شأنها المساهمة بقوة في صناعة الريادة المصرية الرياضية مستقبلا.
وختاما، تحية تقدير للمنتخب المصرى، متمنين إعادة تشكيل الوعى الجمعى من جديد نحو رياضة نظيفة بلا تعصب، خاصة أن كرة القدم صارت ترسم العلاقات الدولية بل أزيد القول، إنها أصبحت تحدِّد الهُوية وترسم الأوطان..