الفيلم مدته دقيقة، وربما أقل، عن شباب فى حالة نشوة وذهول، يحلق فى الخيالات والهواء، ويحلم ويشعر بانتشاء عظيم، لكن.. لحظات ويسقط كل هؤلاء «على جذور رقابهم»، ويظهر النجم العالمى محمد صلاح ويستلم أحدهم ليقول له: «المخدرات رحلة قصيرة ما تسافرهاش»، ثم شعار الحملة «أنت أقوى من المخدرات» هذا ملخص سريع لفيلم الحملة الجديدة التى يطلقها صندوق مكافحة المخدرات، والتى يتطوع فيها للعام الخامس محمد صلاح، والنسخة الجديدة تخاطب المراهقين والشباب، وتقول إن هذا الشعور بالنشوة والخيال والتحليق، مؤقت، وسوف يزول ليفيق المدمن على كارثة، الفيلم مؤثر، ويستحق العاملون عليه التحية، «سعدى - جوهر»، وطبعا وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان.
أهمية الحملة، أنه لا توجد حرب أكثر خطرا على الشعب من حرب المخدرات، فهى تضرب العقول والقلوب والأجساد، خاصة بين المراهقين والشباب، وهناك أمم بدأت نهضتها بمواجهة المخدرات، العالم حتى الحرب العالمية الثانية لم يعرف سوى أنواع محدودة من المخدرات السائد فيه الحشيش والأفيون والكوكايين، ثم الهيروين.
خلال نصف القرن الأخير من القرن العشرين، ومع انتعاش وتطور صناعات الدواء والكيمياء، ظهرت مئات الأنواع من المخدرات الأكثر خطرا والأشد تدميرا، وهى أنواع يسهل نقلها وتهريبها. خاصة الأمفيتامينات التى تشمل أنواعا من المنشطات، المشعِّرات، المهلوسات، وتتطور بشكل دائم وتمثل مع المخدرات المصنعة نطاقا يصعب الإحاطة به، لأنها تجارة تتداخل مع كل شبكات الفساد وغسل الأموال، وبالتالى فإن هذه المخدرات اليوم تشكل خطرا شديدا، مع ما يمتلكه تجار المخدرات من نفوذ الثروة والمال، الذى يمثل فى حد ذاته جزءا من خطر المخدرات، نحن نقرأ عن الفودو والأستروكس وأنواع تدخل متعاطيها فى موت ربما لا يصحو منه.
بالرغم من أن الأمفيتامينات ظهرت فى الثلاثينيات من القرن العشرين، إلا أنها مع الثمانينيات والتسعينيات انتشرت مع أنواع جديدة تخليقية أو نصف تخليقية، لتصنع نوعا من النشوة الوقتية، لكنها تذهب العقل وتنقل الإنسان الى عالم آخر افتراضى أو مواز، وهو شعور يحتاج المرء لتكراره حتى لا يغادر الوهم، وبناء عليه يدخل مرحلة ما يسمى بالإدمان.
على مدار خمس سنوات، وأكثر بدأت صندوق مكافحة وعلاج الإدمان بوزارة التضامن حملة «أنت اقوى من المخدرات»، والتى يتطوع فيها النجم العالمى محمد صلاح، وفى كل نسخة جديدة هناك إبداع من نوع ما، وأقول هذا بمناسبة إطلاق النسخة الجديدة الأربعاء الماضى، والواقع أن النسخة الجديدة على الرغم أن المدى الزمنى لهذه النسخة لا يتجاوز دقيقة، إلا أنها تجسد - فى إطار قالب فنى، وإبداعى - تأثيرات الرحلة القصيرة، والمدمرة للمخدرات على مختلف الفئات، فهى تخاطب فئة المراهقين من الذكور والإناث.
بالطبع فإن وزارة التضامن، والوزيرة نيفين القباج، تستحقان الشكر على حملة مستمرة لسنوات، وأيضا صندوق مكافحة الإدمان، ومديره عمرو عثمان، مساعد وزير التضامن، على المتابعة والمثابرة، والحقيقة أن ما قدمته شركة «ميديا هب» من جهد فى النسخ المختلفة، والنسخة الجديدة، يستحق التحية، وقد حرص محمد السعدى، عضو مجلس إدارة الشركة المتحدة، ورئيس شركة «ميديا هب»، على توجيه التحية لفريق العمل، والذى قدم نسخة جديدة ومبدعة، وطبعا فإن محمد صلاح نجم الكرة العالمى، الذى قدم نسخا من الإبداع، ساهم فى تشجيع الشباب والمراهقين على التقدم للعلاج، بل وأيضا الموظفين والعمال، وبنسبة تتجاوز 400%، كما تشير البيانات، حيث أسهمت الحملة فى زيادة الطلب على العلاج «أربعة أضعاف» وشاهدها ما يقرب من «165 مليون مشاهد» بشكل تراكمى على مدار السنوات الخمس الماضية، وتخطى تأثيرها المستوى الوطنى لتتجاوز الحدود الجغرافية ولتكون من الحملات الدولية التى يلقى الضوء عليها فى وسائل الإعلام العالمية، وتمت ترجمتها «لخمس لغات» وتكريمها من العديد من المؤسسات الدولية المعنية.
ومع نجاح مثل هذه الحملة، يظل السؤال عن أهمية إطلاق حملات بهذه الكفاءة للتوعية بكل المشكلات ونشر الوعى، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأن يتطوع نجوم كبار فى هذه الحملات، لأن التكرار يصنع الوعى، وهو أمر نجحت شركة «ميديا هب» فى تقديمه بشكل يتجاوز الدعاية إلى صناعة الوعى.