اجتماعات متواصلة شهدتها العاصمة المصرية القاهرة على مدار ستة أيام للمسار الدستوري الليبي بمشاركة وفدي مجلس النواب والدولة الليبيين، وهي الاجتماعات التي سادتها روح الود والتعاون بين الوفدين المشاركين في المحادثات حيث تم تشكيل لجنة "المسار الدستوري الليبي" والتي ستبحث وضع الإطار الدستوري اللازم لإجراء الانتخابات وتقريب وجهات النظر بين البرلمان ومجلس الدولة باعتبارهما أهم الكيانات المؤثرة في البلاد.
الليبيون يعولون بشكل كبير على نجاح المسار الدستوري الليبي الذي يمثل الدافع الرئيسي لإجراء انتخابات عامة في البلاد بعد تعثر إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر الماضي بسبب القوة القاهرة التي أعلنت عنها المفوضية العليا للانتخابات الليبية، بالإضافة للشواغل الأمنية التي تتمثل في التخوف من شن جماعات متطرفة لعمليات إرهابية على مراكز الاقتراع واستهداف الناخبين.
الواقع أن المسار العسكري الذي تقوده لجنة "5+5" الليبية يعد أحد أهم وأبرز المسارات التي يجب أن يتم دعمها وتفعيل دورها بشكل كبير خلال الفترة المقبلة لأنها تمثل قاطرة المسار السياسي والدافع نحو حل شامل وكامل للأزمة الليبية التي طال أمدها خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى المسار الاقتصادي الذي لا يجب إغفاله حيث أن الصراع على واردات بيع الثروة النفطية أحد أبرز العقبات التي تسببت في أزمات بين الأقاليم التاريخية الثلاثة في البلاد.
ليبيا تعاني من عدة أزمات أولها المشكلات الأمنية المتمثلة في انتشار ميليشيات مسلحة غير نظامية وعصابات إجرامية عابرة للحدود، فضلا عن الانقسام في صفوف القوات الأمنية التي تحتاج لتأهيل وهيكلة خلال الفترة المقبلة والأهم هو توحيد المؤسسة العسكرية الليبية ودمج العناصر المعتدلة في صفوف الجيش الوطني.
ولكي تعمل لجنة المسار الدستوري الليبي بشكل مكثف ودقيق خلال الفترة المقبلة يجب عليها تشكيل لجنة تواصل مع كافة المكونات الاجتماعية والثقافية والأقليات للاستماع إلى شواغلهم ومواقفهم تجاه بعض مواد مسودة مشروع الدستور الليبي الذي أنجزته الهيئة التأسيسية في يوليو 2017، والذي تسبب في انسحاب ورفض عدد من المكونات الليبية لبعض المواد الدستورية وطالبوا بإعادة صياغتها وإضافة مواد أخرى تلبي شرائح بعض المكونات الاجتماعية الفاعلة في المشهد الليبي.
اجتماعات القاهرة بين مجلسي النواب والدولة الليبيين وهو الاجتماع الأول عقب التوافق الليبي – الليبي الذي حدث مطلع العام الجاري وأفضى لوضع خارطة طريق جديدة وتعديل الإعلان الدستوري يؤكد بما لا يدع مجال للشك أن الشعب الليبي قادر على حل أزماته ومشكلاته بعيدا عن التدخلات الأجنبية التي أثرت بشكل سلبي على حل الأزمة، ويجب على المجتمع الدولي دعم التوافق الليبي – الليبي وعدم لعب دور الوصاية على أيا من الأطراف الليبية لأن الشعب الليبي بطبعه حساس ويرفض التدخل في شؤونه الداخلية ويفضل حل مشكلاته بعيدا عن التدخل الأجنبي.
لكن السؤال الذي يدور في أذهان المواطن الليبي والمراقب والمتابع للوضع السياسي يدور حول السلطة التنفيذية التي ستتولى تسيير أمور البلاد وتنظيم الانتخابات المقبلة عقب انتهاء خارطة الطريق ( تنتهي يونيو المقبل ) التي وضعتها الأمم المتحدة في ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف، ويترقب الشارع الليبي موقف الأمم المتحدة من التطورات الراهنة في البلاد سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو العسكري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة