أثرت الحرب في أوكرانيا بشكل كبير على الخطة الأوروبية لإزالة الكربون في المناخ، وذلك مع عمليات قطع امدادات الغاز الروسى التي نفذتها موسكو، واغلاق صنبور الغاز الذى يغذى ألمانيا ودول أوروبية أخرى، تدريجيا، حيث تلجأ هذه الدول الآن إلى الوقود الأحفورى مرة أخرى.
وقال المفوض الأوروبى لشئون البيئة والمحيطات، فيرجينيوس سينكيفيسيوس إن "الحرب في أوكرانيا لن توقف إزالة الكربون عن الاقتصاد"، مشيرا إلى أن حرب أوكرانيا تؤثر على أزمة الطاقة وعلى خريطة الطريق الأخضر للمجتمع الأوروبى مع عمليات قطع الغاز التي نفذتها موسكو.
كما روبرت هابيك، نائب المستشار الألماني ، ووزير الاقتصاد وحماية المناخ قال إن "صنبور خط الغاز الذي يغذي ألمانيا ودول أوروبية أخرى ينغلق تدريجياً، وهو ما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار ، وانخفاض الغاز ، وذلك باقتراب الشتاء أكثر فأكثر وهو ما أدى إلى خطة عمل أدت إلى تحول 180 درجة في سياسة الطاقة الألمانية، واللجوء إلى محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بشكل أكبر ".
وقالت صحيفة "لاراثون" الإسبانية في تقرير لها نشرته على موقعها الإلكترونى إن المانيا لم تكن الدولة الوحيدة فى أوروبا ، التي لجأت إلى الوقود الأحفورى لتعويض الغاز الروسى، بل اتبعتها أيضا إيطاليا والنمسا وهولندا.
وعلق الخبير فيرناندو فالاداريس، على اللجوء إلى الفحم "الرجوع إلى الوراء عمل مروع"، وقال فرانس تيمرمانز ، نائب رئيس المفوضية الأوروبية "كان دى هذه الدول خطط لترك الفحم واستخدام الغاز الطبيعي ثم الانتقال إلى الطاقة المتجددة، ولكن أصبح من الضرورى إعادة التفكير في الاستراتيجية الأوروبية.
وبالتالى فإن العودة إلى حرق الفحم تمثل توقفًا مفاجئًا لتطلعات المجتمع الأوروبى لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بنسبة 55٪ بحلول عام 2030 مقارنة بقاعدة عام 1990 ، لكن هذا يُظهر أنه كان يفعل أشياء خاطئة بالفعل من قبل"، كما يحذر فالاداريس".
وأشارت الصحيفة إلى أن الاتحاد الأوروبي سجل أكبر زيادات في استخدام الفحم ، مع ارتفاعات بنحو 20٪ ، تليها الهند بنسبة 12٪.
وقال مار أسونسيون ، رئيس برنامج المناخ والطاقة في الصندوق العالمي للطبيعة بإسبانيا: "العودة إلى الفحم هي خبز اليوم ، والجوع للغد".
أما النمسا، فتهدف الى تعزيز إنتاج الكهرباء من الفحم من جديد في الحالات الطارئة، لكن وزارة البيئة أبلغت وكالة الأنباء النمساوية "أبا" أن العملية قد تستغرق أشهرا عدة على الأرجح.
وفي هولندا، فإن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في البلاد، سيسمح لها بزيادة الإنتاج للمساعدة في تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
أما إسبانيا، فقد استخدمت الفحم ثلاث مرات أكثر من العام الماضى، حيث أجبرت ازمة الطاقة والحرب في أوكرانيا ، لجوء محطات الطاقة الحرارية لاستخدام هذه المادة الخام التي تنوى الحكومة الإسبانية للقضاء على استخدامها بسبب ارتفاع مستوى تلوث الغلاف الجوى.
وقد أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستمدد خدمة المحطات الحرارية العاملة بالفحم الحجري، والتي كان مفترضاً أن تتوقف عن العمل نهائياً أواخر هذا العام، وذلك بسبب أزمة إمدادات الطاقة العالمية الراهنة وخطر انقطاع التيار الكهربائي عن ملايين المنازل في البلاد خلال فصل الشتاء المقبل.
الطاقة النووية أحد الحلول المتاحة
وفى الوقت التي تلجأ فيه الدول إلى الفحم مجددا كبديل للغاز الروسى، وجهت وكالة الطاقة الدولية «IEA»، أوروبا بضرورة تسريع تحركاتها لاستبدال إمدادات الطاقة الروسية الخاضعة للعقوبات والمقلصة، والعمل على مضاعفة الكفاءة ومصادر الطاقة المتجددة بما في ذلك الطاقة النووية.
وكشفت وكالة الطاقة أنه من المقرر ضخ استثمارات بقيمة 2.4 تريليون دولار في الطاقة هذا العام، بما في ذلك الإنفاق القياسي على مصادر الطاقة المتجددة، بزيادة بنسبة 8% عن العام السابق عندما كان الوباء أكثر حدة، لكنه لم يفلح في سد فجوة العرض والتصدي لتغير المناخ، موضحة أن التدافع على مصادر بديلة للوقود الأحفوري يخلق فتحات واضحة للموردين غير الروس.
وأضافت أن أوروبا يجب أن تستجيب للأزمة بتسريع حازم للاستثمار في الكفاءة ومصادر الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة الأخرى، وتمديد وقت تشغيل محطات الطاقة النووية في البلاد لتعويض النقص المحتمل في إمدادات الطاقة بسبب انقطاع الإمدادات الروسية ليس خيارًا.