- مثلما خرجوا بالملايين يستعيدون اصطفافهم ويتحاورون حول المستقبل..راهن الرئيس السيسى على الشعب لإنجاح الإصلاح الاقتصادى الصعب..ويراهن عليه فى إنجاح الحوار الوطنى
- فى سبتمبر 2021 إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتوسيع المشاركة والتعبير عن الرأى.. وفى إبريل 2022 دعوة لحوار يفتح المجال للتنوع.. اجتمع المصريون بالملايين لإنقاذ الهوية.. ومع الإرهاب هزموا فيروس الكبد الوبائى «سى» وعشوائيات ومشكلات مزمنة
- مشروعات زراعية 1.5 مليون فدان فى الدلتا الجديدة و500 ألف فدان فى سيناء وتجمعات زراعية فى توشكى
قبل 9 سنوات خرج المصريون معا لينتشلوا البلد من أيدى الفوضى والتفكيك، واليوم يتجه المصريون إلى حوار وطنى شامل يستعيدون به اصطفافهم، ويتحاورون حول المستقبل، مجتمعين مثلما كانوا قبل 9 سنوات واجهوا فيها التهديد والأعداء بالداخل والخارج، وكسبوا الرهان على المستقبل، بينما خاب من راهنوا طوال 9 سنوات لزرع الشك، عبر منصات وقنوات وحسابات، فى زمن الانفجار المعلوماتى.
ومن يريد معرفة كيف مر المصريون للمستقبل، عليه أن يراجع حجم ما واجهوه على مدار السنوات الماضية، ويقارنه مع دول من حولنا واجهت التفكيك والفوضى، وفقدت اتجاهها فى عالم معقد، ظلت وحدة المصريين هى عنصر الحسم فى التغيير، والانتصار على مخاوف وتهديدات، حيث كان الإرهابيون يحتلون مناصب ويتصدرون الصفوف الأولى لانتصارات أو احتفالات، ويتصدرون المنصات والشاشات، وخرج المصريون ليقولوا «لا»، وينتشلوا البلاد من مصائر دول من حولهم ذهبت إلى طريق الذهاب بلا عودة.
الإنقاذ
فى مثل هذه الأيام قبل 9 سنوات، خرج المصريون للمرة الثانية لحماية هويتهم ووجودهم، المرة الأولى خرجوا يطالبون بالتغيير، وفى الثانية خرجوا بعد أن اكتشفوا الحلم وقد أفرخ كابوسا، ليس فقط فى اقتصاد منهار، وكهرباء مقطوعة، وأمراض متوطنة، لكن فى هوية مهددة من تنظيم سرى علنى قفز للحكم، ليسفر عن وجهه، ويسعى للسيطرة وتقسيم الدولة واستقطاب الناس طائفيا وعرقيا، وفشل تام فى إدارة شؤون البلد، مع رغبة فى التهام المؤسسات وتفتيت النواة الصلبة، وحديث عن ميليشيات خاصة وجيش وشرطة موازية، ومحاولات لدفع البلد لمصير سيئ شاهدناه فى آفاق بعض الدول حولنا.
اجتمع المصريون بالملايين فى الميادين، ليعلنوا رفض حكم مرشد بالداخل يتبع مرشد فى الخارج، يدور حول مرشد مستتر، ورئيس لا حول له ولا قوة، لم يخضع الشعب لتهديدات بحرق البلد، وإرهابى يستعرض قوته، واعتصامات ضد الشعب الذى خرج رافضا التهديد، وكل من عاصر هذه الأيام، يدرك حجم التهديد، والثمن الذى أعلن المصريون استعدادهم لدفعه، وقدموه من أغلى ما لديهم، دماء أبنائهم، من الجيش والشرطة، فى مواجهة إرهاب فكك دولا وأدخل أخرى فى الفوضى.
المبادرات
بجانب الإرهاب، واجهت مصر أعداء أخرى تمثلت فى فيروس الكبد الوبائى «سى» الذى يلتهم أكباد الآلاف سنويا، وعشوائيات تحزم القاهرة والمحافظات كهرباء مقطوعة، أزمات فى الوقود والخبز، بنية أساسية متهالكة، بطالة، وريف منسى، وطرق مزدحمة ومسدودة، واقتصاد مريض، لا يسمح بمواجهة هذه المشكلات المزمنة، أو تداعيات شهور الفوضى.
قبل 25 يناير، كانت المطالب فى عملية تنمية عادلة، تنعكس على حياة الناس، وبعدها لم تتشكل بنية سياسية أو أمنية أو اقتصادية مبشرة، وتراكمت مشكلات الاقتصاد والخدمات، بجانب تهديد للمجتمع وتقسيم طائفى زرع الكراهية والتفرقة بين المواطنين على أساس الدين أو الأعراق، أو التنظيم، وبدت وحدة المصريين مهددة بعد قرون من الوحدة فشل الاستعمار فى تقسيمهم.
كانت هناك أسئلة عن نقطة البداية هل هى الاقتصاد أم الصحة؟ الريف أم المدينة؟ الطاقة أم الخبز؟ الطرق أم الإسكان والزراعة؟ وجاءت الإجابة على مدار السنوات، العمل فى كل الملفات والمشكلات فى وقت واحد، والبدء بالعاجل مع تخطيط للمستقبل. والمفارقة أن المصريين على مدار 9 سنوات واجهوا بجانب تهديد الإرهاب، اختيار إعادة بناء الاقتصاد وتوفير الطاقة والمياه والتوسع فى الزراعة والطرق والاتجاه لتطوير التعليم والصحة، مع مبادرات عاجلة نجحت فى إنهاء الكثير من التهديدات المرضية العاجلة التى كانت تمثل تهديدا لصحة الملايين.
الرهان
راهن الرئيس عبدالفتاح السيسى، على الشعب، فى أخطر وأكبر عملية إصلاح اقتصادى، تعويم الجنيه، وإنهاء ازدواج سعر العملة، وتعديل سعر الوقود، وإعادة هيكلة الدعم، مع علاج سريع للأعراض الجانبية، بأوسع برامج للحماية الاجتماعية، تكافل وكرامة، مع نقل سكان العشوائيات إلى مجتمعات حضارية، مدن وإسكان اجتماعى، بدأت باستعادة الكهرباء وبناء محطات كهرباء عملاقة، نقلت مصر من الظلام إلى عصر تصدير الكهرباء، والبدء فى شبكة طرق، وتخطيط لتوسع زراعى وجغرافى.
تم إطلاق استراتيجية المبادرات، الرئاسية فى مواجهة الأخطار التى لا تحتمل التأجيل، مبادرة القضاء على فيروس الكبد الوبائى «سى»، التى نجحت فى علاج ملايين المصريين، بالمجان، تبعتها مبادرات 100 مليون صحة، والقضاء على قوائم الانتظار للعمليات الخطرة، والكشف عن أورام الثدى، وجاءت «حياة كريمة» لتمثل توطينا للخدمات فى القرية، ضمن عملية إعادة بناء الدولة.
وتم البدء فى الإصلاح الاقتصادى وسط مخاوف حتى لدى أنصار الدولة و30 يونيو، ممن عبروا عن قلقهم من أن يرفض المصريون الإصلاح، وهى آراء محفوظة فى أرشيف الإعلام والسوشيال ميديا، مع عشرات المنصات التى لم تتوقف عن التحريض والتخويف من انهيار اقتصادى على الأبواب، وخليط من التشكيك والتخويف والأكاذيب، وتوقعات بأن يصل سعر الدولار إلى 150 جنيها.
وتمسك الرئيس بالإصلاح الاقتصادى، وراهن على الشعب الذى يمتلك قدرة على التفرقة، ولا يقبل ما لا يقتنع به، وحدة الشعب وثقته فى نفسه وفى اختياره، عبر المصريون وفازوا فى معارك صعبة، اندحر الإرهاب، وانتهى فيروس سى، وتقلصت العشوائيات، وولدت ممرات التنمية فى طرق ومزارع ومناطق صناعية ومدن سكنية وإسكان متعدد للفئات، مع استمرار مواجهة المشكلات المزمنة، التى بدت نوعا من القدر لا يمكن تغييره.
الزراعة
ساهم الإصلاح الاقتصادى فى تحمل أزمات أربكت دولا واقتصادات كبرى، أخطرها كانت جائحة فيروس كورونا التى أصابت العالم بالشلل أكثر من عامين، وأثرت على سلاسل النقل والغذاء ورفعت من التضخم، وقبل أن يفيق العالم اندلعت حرب أوكرانيا، لتنعكس آثارها على الاقتصاد العالمى وتنشر إشعاعها على العالم.
ووسط الأزمة كانت نتائج مشروعات زراعية تظهر فى مواجهة الأزمة وتقلل من آثارها، من خلال التوسع الزراعى، مليون ونصف مليون فدان فى الدلتا الجديدة، ونصف مليون فدان فى سيناء، وتجمعات زراعية فى توشكى والصعيد، تضيف ما يقرب من مليونى فدان إلى الرقعة الزراعية، أغلبها تروى بطرق الرى الحديثة، وبالشكل الذى يرشد المياه، ويضاعف الإنتاج.
فى إبريل الماضى، تفقد الرئيس السيسى مشروع «مستقبل مصر» للإنتاج الزراعى بالصحراء الغربية، ويتضمن زراعة 500 ألف فدان، تم الانتهاء من 200 ألف فدان فى المرحلة الأولى، وجار استصلاح 300 ألف فدان، والموارد المائية تأتى من محطات معالجة مياه الصرف الزراعى، وتم الانتهاء من تنفيذ البنية الأساسية، 500 كيلومتر من الطرق، وحفر آبار المياه الجوفية، وإنشاء محطتين للكهرباء بقدرة 350 ميجاوات وشبكة كهرباء داخلية بطول 200 كم، ومخازن مستلزمات الإنتاج ومبان إدارية وسكنية.
بعد أيام تم افتتاح مجمع الإنتاج الحيوانى والألبان المتكامل بمدينة السادات «5000 رأس حلاب وطاقة إنتاجية تبلغ 150 طنا من اللبن يوميا، ولحوم حية، ونحو 3000 رأس تسمين على مساحة ألف فدان، و6 مزارع فرعية و5 حلاب، ومزرعة تسمين»، بالإضافة إلى توفير الأجهزة والمعدات الخاصة بحفظ الألبان ونقلها، بخلاف محطة معالجة مياه الصرف بطاقة 100 متر مكعب/ يوم.
حياة كريمة
فى العام الثامن لثورة 30 يونيو الماضى تم إعلان إطلاق مبادرة «حياة كريمة» لتطوير الريف، تتعلق بأكثر من نصف السكان فى مصر، بأكثر من 700 مليار جنيه على مدار 3 سنوات، فى أكثر من 4600 قرية وتوابعها، مبادرة لتطوير حياة أكثر من 60% من السكان، وجعل الريف شريكا فى التنمية التى تشمل «الطرق، والتعليم، والصحة، والبريد، والغاز، والكهرباء، والإنترنت»، ليكون نصيب سكان القرية مثل المدينة، وتكون هناك إمكانية لإقامة مشروعات صناعية، وقدرة على توليد قيمة مضافة وفرص عمل حقيقية، وشبكات طرق حديثة، تسهل نقل أدوات الإنتاج أو المنتجات من وإلى القرية، بجانب تخصيص مناطق صناعية فى المحافظات بالوجهين القبلى والبحرى.
بجانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أعلنت الدولة فى سبتمبر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى تضع أهداف ومبادئ حقوق الإنسان ضمن السياسات العامة، مع دعوة صريحة لمشاركة سياسية ومدنية، لدعم التجربة السياسية، وتوسيع المشاركة والتعبير عن الرأى والتفاعل والحوار، وتسهيل تنفيذ قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى بما يتيح المناخ الملائم للمنظمات للعمل كشريك أساسى مع تحقيق الإصلاح الإدارى، وبناء جهاز إدارى كفء وفعال، يخضع للمساءلة، وينال رضا المواطنين وتطوير منظومة تلقى ومتابعة مجال حقوق الإنسان للاستجابة السريعة والفعالة لأى شكاوى. مع إصلاح إدارى يتيح المزيد من المحاسبة وجودة الخدمات ومراقبة جهات تقديم الخدمة.
الحقوق والحوار
الاستراتيجية التى شارك فيها عدد من أبرز العاملين والمهتمين بحقوق الإنسان والمجتمع المدنى، مثلت أرضية لحوار واسع يدعم إدارة التنوع، ويربط الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بالحقوق السياسية وحرية الرأى والتعبير، بعد سنوات شهدت إجراءات لتمكين المرأة وذوى الاحتياجات الخاصة والحقوق الصحية، وتم إعلان عام 2022 عاما للمجتمع المدنى، وتم إلغاء حالة الطوارئ التى استمرت لما يقارب 40 عاما، بعد انتهاء التهديد الإرهابى.
وفى إبريل، أطلق الرئيس دعوته إلى حوار واسع، تبعها من خطوات بإسناد تنظيم الحوار لإدارة «المؤتمر الوطنى للشباب»، ثم تشكيلات أسماء القائمين على تنظيم الحوار، ومجلس أمناء للحوار، فى تأكيد على أن الدولة أصبحت الآن فى موقف يسمح بالمزيد من إدارة التنوع سياسيا ومجتمعيا، الحوار يأتى وسط الاحتفال بثورة 30 يونيو، ضمن عملية إعادة الاصطفاف، وفتح المجال والنظر للمستقبل، وخروج عدد من المحتجزين، بقرارات قانونية، أو عفو، لصالح مشاركة فعالة فى حوارات مجتمعية، وفرصة لمزيد من إدارة التنوع وتوسيع المجال العام للنقاش.
ليذهب المصريون معا، مثلما خرجوا معا فى 30 يونيو قبل 9 سنوات، ليواصلوا مناقشاتهم حول المستقبل انطلاقا من ثمار تسع سنوات انتقلت فيها مصر من التيه إلى الاستقرار، ويحق للمصريين أن يشعروا بناتج عملهم، ومرورهم من اختبارات متعددة.
كل ما يجرى على أرض مصر من تغيير شامل، هو نتاج جهد المصريين وشجاعتهم وصبرهم، كما يؤكد الرئيس عبدالفتاح السيسى دائما، وهو ما يضاعف من مخزون الثقة لدى المواطن، الثقة التى توحد المصريين فى مواجهة الحاضر والمستقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة