عندما نتحدث عن تداعيات الحرب فى أوكرانيا على الاقتصاد العالمى، فنحن أمام واقع، وليس خيال، وتتفاوت قدرة الدول على مواجهة الأمر حسب الإمكانات وامتلاك أدوات للتعامل مع مستجدات غير واضحة، وليست لها سوابق، الحرب تدخل شهرها الخامس دون قدرة على رسم سيناريوهات للنهاية أو انعكاساتها على الاقتصاد العالمى، ومن الصعب على أى خبير عالمى، أن يتوقع كيف سيكون اقتصاد العالم خلال هذا العام؟
الواقع أن أسعار الغذاء والوقود تضاعفت عدة مرات فى الخارج، وهناك شكاوى لدى كل دول العالم من ارتفاع التضخم، وثبات الدخول، بتفاوت حسب شكل وقوة كل اقتصاد، وهى حقائق يدركها كل من يتابع ما يجرى فى العالم، ومن يسافر ليرى - بنفسه - حجم التغيير والقفزات فى الأسعار بشكل مرهق لميزانيات الطبقات المتوسطة فى العالم، وهذه التفاصيل تشير إلى حجم التحول فى عولمة الاقتصاد، وارتباط وتشابك القواعد الاقتصادية، بما يجعل تأثيرها شاملا للعالم، وليس جزئيا حسب كل دولة، مثلما كان قبل عقود، وقبل التوسع فى الاقتصاد العالمى وتشابكاته، وهذه حقائق يعرفها كل من يتابع ما يجرى، خاصة أن الإعلام مثل الاقتصاد، مفتوح على بعضه، وأنباء وتفاصيل التضخم والأسعار فى العالم ليست خافية، بل هى معروضة فى الفضائيات وعلى مواقع التواصل، ومتداولة بالشكل الذى يكفى لمعرفة أن الانعكاسات الاقتصادية واحدة، وإن اختلفت درجات الدخول.
وفيما يخصنا، فإن التأثيرات واقعة بدرجة أو أخرى، لكنها متناسبة مع واقعنا ودخولنا، حيث لا يمكن تحمل أن يصل سعر البنزين إلى 2 يورو أو دولار، مثلما هو حادث بالدول الأوروبية والولايات المتحدة، لكن هذه الفروق تجيب على من يحب مقارنة الدخول أو الأسعار، فيما يخصنا فإن الدولة اتخذت من الإجراءات ما يخفف من تأثيرات الأزمة، وانعكاساتها، وفى منتصف مايو الماضى عقدت الحكومة مؤتمرا صحفيا عرضت فيه معلومات عن رؤية الدولة فى مواجهة الأزمة الاقتصادية، باعتبار أن مصر ليست بمعزل عن العالم.
وعرضت الحكومة الإجراءات التى اتخذتها لضمان توافر السلع الأساسية خلال نصف العام، والاتجاه إلى خفض أى مضاعفات على المواطنين لأقصى درجة، حيث تم تثبيت سعر الوقود، خاصة السولار، وحافظت لجنة التسعير على الحد الأدنى، ولم يقدم البنك المركزى على رفع الفائدة، بالرغم من أن «الفيدرالى الأمريكى» رفعها ثلاث مرات فى سابقة هى الأولى من نوعها، وهناك تحركات على أصعدة متعددة من الدولة لضخ استثمارات، وجذب استثمارات خارجية، واستمرار العمل فى المشروعات الكبرى التى توفر فرص عمل، وحتى لا تتضاعف التأثيرات الجانبية فى بطالة أو تفاعلات أخرى، مع السعى لحل أى مشكلات للصناعة فيما يتعلق بمستلزمات الإنتاج.
كل هذا يعنى أن الدولة تتحرك على كل الأصعدة، للتعامل مع أزمة ذات انعكاسات متعددة، ومن المهم أن تكون هذه المعلومات مطروحة، بعيدا عن أى مبالغات، ولا مانع من الشعور بالقلق، والسعى للتعامل مع أزمة غير مسبوقة، لكن بعيدا عن مبالغات أو محاولات تصدير الطاقة السلبية، أو التفاعل مع بعض المعلومات المغلوطة أو الشائعات، التى تتعلق بالاقتصاد والأموال، والتى تطرح وتتداول على مواقع التواصل، ويتلقفها بعض المعلقين لينطلقوا من معلومات وهمية إلى تحليلات لا تقل وهما، وتنتج تداعيات سلبية وتنشر خوفا مبالغا فيه، البعض بجهل، والبعض الآخر ينتظر المزيد من الإعجاب والإشادات الافتراضية.
بعيدا عن كل ذلك، ليس الهدف هو التهوين أو التهويل، فالأزمة واضحة ومتداولة فى كل دول العالم، وتسعى دول العالم إلى مواجهتها، بإجراءات ومعالجات، بين التقشف والمرونة، انتظارا للحظات تنتهى فيها هذه الأزمة غير المسبوقة، والتى هى بنفسها واضحة وليست بحاجة إلى إضافات، إنما إلى تماسك وقدرة على التعامل بمرونة وفهم وعلم، وليس بنشر الفزع، أو التهوين والتهويل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة