سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 5 يونيو 1951.. مصطفى الحفناوى يناقش الدكتوراه عن «قناة السويس» بجامعة باريس.. والمناقش يسأله: «كيف تصف ديليسبس بأنه أكبر أفاق فى القرن الـ19؟

الأحد، 05 يونيو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 5 يونيو 1951.. مصطفى الحفناوى يناقش الدكتوراه عن «قناة السويس» بجامعة باريس.. والمناقش يسأله: «كيف تصف ديليسبس بأنه أكبر أفاق فى القرن الـ19؟ مصطفى الحفناوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وقف مصطفى الحفناوى فى المدرج الكبير بكلية الحقوق بجامعة باريس الساعة الواحدة ظهر الثلاثاء، 5 يونيو، مثل هذا اليوم، 1951، لمناقشته رسالته للدكتوراه بعنوان «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة»، حسبما يذكر فى الجزء الثالث منها «طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب»، وكانت هذه الرسالة ضمن الدراسات التى اعتمد عليها جمال عبدالناصر فى قراره بتأميم قناة السويس، وكلف صاحبها بكتابة النص القانونى لقرار التأميم، ويذكر «الحفناوى» أيضا وقائع مناقشته لرسالته فى مذكراته «مصطفى الحفناوى وخلفيات تأميم قناة السويس»، مشيرا إلى أن لجنة المناقشة كانت برئاسة «جلبرت جيدل»، أستاذ القانون الدولى العام، وصاحب المؤلف الخالد فى قانون البحار الدولى.
 
اعتمد «الحفناوى» فى رسالته على وثائق سرية من مقر «شركة قناة السويس» فى باريس، وحصل عليها بعد أن قدم نفسه لرئيس الشركة «شارل رو» على أنه يخطط لإنجاز كتاب باللغة العربية عن «شركة قناة السويس»، فرحب «شارل رو» على اعتبار أن هذا الكتاب سيكون دعائيا للشركة، وسمح له بالإطلاع على كل الوثائق، ويذكر «الحفناوى»: «استطعت أن أملأ صناديق بما حصلت عليه من وثائق وبيانات ومعلومات، وعلى ضوء ما تكشف لى منها حددت موقفى من كل مشكلة تحديدا واضحا، ومدعما بالأسانيد والأدلة القاطعة»، ويذكر «الحفناوى» محاولة إغراء شارل رو له، ما ساعده على كشف خطة الشركة للبقاء بعد انتهاء امتيازها فى 16 نوفمبر 1968.
 
يذكر «الحفناوى»، أن «شارل رو» دعاه للخيانة بلا تورع ولا حياء، بأن قدم له اقتراحا يتبناه ويروج له.. يكشف: «قال لى بالحرف الواحد: بعد انتهاء امتياز الشركة فى 16 نوفمبر 1968، بل يمكن أن يكون قبل انتهاء الامتياز، وباتفاق خاص يعقد مع شركتنا، ويعوضها عن الأضرار، تقوم الأمم المتحدة بتعيين لجنة دولية تحل محل الشركة فى إدارة قناة السويس واستغلالها، تمثل الدول العظمى فى هذه اللجنة، ويكون لمصر مقعد واحد، وعضو يمثلها فى اللجنة الدولية، وباعتبارك صاحب الاقتراح لن ترشح الحكومة المصرية سواك، وستكون أول من يجلس فى هذا الكرسى الدولى، وسوف يضفى عليك مكانة عالمية ضخمة، وكى أكون صريحا معك إلى أقصى حد، أنبهك إلى أنك سوف تصادف متاعب فى أول الأمر من أهل بلدك، ولن يفهموك بسرعة، أذكرك بأن المرحوم الدكتور أحمد ماهر قتل وراح ضحية شجاعته فى الرأى، لكنه خلد فى التاريخ، كمثال فى الشجاعة الأدبية، وأنت الآخر يجب أن تكون شجاعا، وتدافع عن رأيك ولو خالفك أهل وطنك، والآن أحب أن أعرف رأيك فى هذا المشروع، وهل تستطيع أن تتبناه؟..قلت له: سأعرضه بالطريقة التى أراها ملائمة، وأرجوك أن تترك لى فرصة التأمل، والتفكير فيه». 
 
كان هذا الموقف وغيره من الوثائق فى رسالة الدكتوراه، دليلا على أن شركة قناة السويس كانت تجهز نفسها لمرحلة ما بعد انتهاء الامتياز بعدم ترك القناة للسيادة المصرية، ولهذا دعا «الحفناوى» إلى تصفية الشركة، ما أدى إلى سخونة مناقشة الرسالة.. يذكر: اشتد الحوار واللجاج حتى استغرق خمس ساعات مع الفقيه «جلبرت جيدل».. يكشف «الحفناوى» أنه وبالرغم من الإشادة الكبيرة من «جيدل» بالرسالة، إلا أنه وفى المناقشة اختلف حول ما جاء فيها عن «ديليسبس»، وعن اقتراح تصفية الشركة.
 
يذكر الحفناوى ما قيل نصا فى ذلك.. قال «جيدل»: «كيف استبحت لنفسك وأنت تتقدم برسالتك إلى جامعة فرنسية أن تصف «فرديناند ديليسبس» بأنه أكبر أفاق ظهر فى القرن التاسع عشر، إنى أنكر عليك هذا، وأعلن أن بى ضعفا لهذا الفرنسى العظيم الذى يجب أن يقام له تمثال فى كل ميناء فرنسى».. يذكر «الحفناوى»: «كان جوابى: إنكم أيها الرئيس أحرار فى اختيار الأفراد الذين تقيمون لهم التماثيل، ولكن لا تفرضوا علينا أن نشاطركم الشعور، ولا ينبغى أن تخرج المناقشة هنا عن إطار العلم، وأن تقحموا السياسة فى هذه الساحة وأنا حينما وصفت ديليسبس هذا الوصف الذى أهاجك لم أكن متجنيا عليه، وإنما قلت ما قالته «محكمة السين الجنائية» و«محكمة النقض الفرنسية»، حينما دمغت الرجل فى قضية بنما بعد أن تجاوز سن الثمانين بالنصب والاحتيال، وأنت تعلم أنه ذهب إلى العالم الآخر حاملا فى يده صحيفة السوابق، فإذا كان بك ضعف له فاسمح لمواطن من بلد مجنى عليه أن يكون به ضعف لوطنه».
 
يذكر «الحفناوى»: «عندئذ دوى تصفيق حار من المصريين الذين كانوا بالمدرج، وشاركهم غير المصريين، فتراجع الأستاذ الكبير، وقال بصراحة العالم الشريف: «أنا فرنسى، وأنت مصرى، ومن يدرى ماذا كنت لأقول لو أننى مصرى».. يضيف الحفناوى، أنه عندئذ انتقلت المناقشة إلى قضية أخرى وهى اقتراحه بتصفية الشركة، ثم ردود الأفعال التى حدثت فى اليوم التالى لمناقشة الرسالة.   









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة