سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 أغسطس 1877.. الخديو إسماعيل يوقع مع إنجلترا اتفاقية منع بيع الرقيق خلال سبع سنوات فى مصر و12 عاما فى السودان

الخميس، 04 أغسطس 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 أغسطس 1877.. الخديو إسماعيل يوقع مع إنجلترا اتفاقية منع بيع الرقيق خلال سبع سنوات فى مصر و12 عاما فى السودان الخديو إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منع محمد على باشا، والى مصر، الإتجار بالرقيق، لكن هذا المنع بقى اسميا فقط، واستمرت هذه التجارة بالسودان فى عهدى عباس الأول، وسعيد باشا، بعين الحكومة وبصرها وبتأييد موظفيها، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر إسماعيل»، مضيفا: «كان يتولى هذه التجارة تجار أقوياء لهم بيوت تجارية كبيرة تتجر فى حاصلات السودان وفى الرقيق وتربح من كل ذلك الأرباح الطائلة، وكان تجار الرقيق لما لهم من النفوذ والسيطرة والمال، يقيمون فى مختلف الجهات معاقل حصينة، اتخذوها مراكز للتجارة واصطياد الرقيق »، ويذكر إلياس الأيوبى فى مجلده «تاريخ مصر فى عهد الخديو إسماعيل»: «كانت النخاسة على أشدها بالرغم من مقاومة محمد على وسعيد باشا لها، بالرغم من عمل الحكومة المصرية على تقليل توريد الأرقاء وإبطالها أسواق الرقيق الرسمية بمصر والإسكندرية وطنطا وغيرها من البنادر».
 
حين تولى إسماعيل باشا حكم مصر، خلفا لعمه سعيد باشا فى 18 يناير 1963، بذل جهودا كبيرة لمنع هذه التجارة، وفقا للرافعى، مضيفا:  «فى سنة 1863 أرسل موسى باشا حمدى، حكمدار السودان وقتئذ، يأمره بتعقب تجار الرقيق وحربهم، فضبط سبعين سفينة مشحونة بالأرقاء بين «كاكا» و«فاشودة»، وأطلق سراحهم، وأعادهم إلى بلادهم، واعتقل التجار الذين جلبوهم، ولم يفرج عنهم إلا بعد أن أعطوه العهود والمواثيق ألا يعودوا إلى النخاسة ».. يؤكد الرافعى: «كان لاحتلال فاشودة سنة 1865 أثر كبير فى سد طريق النيل فى وجه تجار الرقيق، الذين كانوا يقتنصون الأرقاء فى جهات «بحر الغزال» و«خط الاستواء»، ويشحنوهم فى السفن، وأصدر إسماعيل أمره بتحرير كل عبد أو جارية يثبت على سيدهما أنه أساء معاملتهما، وفى عهد حكمدارية جعفر مظهر باشا وإسماعيل أيوب باشا، بذلت الحكومة جهودا موفقة فى محاربة تجارة الرقيق، وعهد الخديو أيضا إلى السير صمويل بيكر ثم إلى غوردن باشا من بعده على تحقيق هذه الغاية».
 
يذكر المؤرخ الدكتور محمد فؤاد شكرى، فى كتابه «مصر والسودان - تاريخ وحدة وادى النيل السياسية فى القرن التاسع عشر»، أنه بالرغم من جهود الخديو إسماعيل للقضاء على تجارة الرقيق، ظلت إنجلترا تطلب المزيد، لأن حكومتها كانت تقع وقتئذ تحت ضغط شديد من ناحية الرأى العام فى بلادها نتيجة للنشاط، الذى أيدته جمعية مكافحة الرق، ومع أن الخديو كان يدرك أنه من المتعذر تحديد وقت معين لإلغاء تجارة الرقيق إلغاء تاما، وأن هذا الإلغاء يقتضى وقتا ليس بالقصير لتحقيقه، أصرت الحكومة الإنجليزية على ضرورة إبطال هذه التجارة نهائيا من مصر فى بحر سبع سنوات، ومن السودان والملحقات المصرية فى اثنتى عشرة سنة، ولما كان الخديو يعانى أزمة مالية حادة، ويبغى مؤازرة إنجلترا له فى اجتيازها، ويبغى علاوة على ذلك نجاح مفاوضاته مع الإنجليز أنفسهم، فيما يتعلق باعترافهم بالسيادة المصرية فى ساحل البحر الأحمر الغربى والساحل الصومالى، فقد رضى بإبرام معاهدة لإلغاء الرقيق مع إنجلترا فى مصر، وفقا لشروطها، فى 4 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1877.
 
يذكر الياس الأيوبى، أن المعاهدة نصت على: «أولا: يبطل بعد التوقيع عليها إدخال الأرقاء إلى الأراضى المصرية، ومرورهم بها أو ببحارها، ثانيا: لا يسمح فى المستقبل للسود والحبشان العائشين بمصر بمغادرتها بدون أن يثبتوا أنهم أحرار، ثالثا: إن جميع النخاسين والمتاجرين بالرقيق فى أية بقعة كانوا من الأرض المصرية يحاكمون أمام مجلس عسكرى، رابعا: إن الحكومة المصرية تستعمل نفوذها على قبائل أفريقيا الوسطى، لكى تحملها على وضع حد ونهاية لاقتناص الرقيق، خامسا: السفن البحرية البريطانية فى البحر الأحمر وفى المياه المصرية الأخرى لها حق تفتيش كل المراكب المصرية، سادسا: إن بيع الرقيق من عائلة إلى عائلة يبطل بالقطر المصرى بعد مضى سبع سنوات، ويبطل فى السودان بعد مضى اثنتى عشرة سنة».
 
يرى «شكرى»، أن هذه المعاهدة لم تكن عملا حكيما، يذكر:  «أجمع المعاصرون على أنه كان من المتعذر تنفيذها، وكانت السبب الذى أشعل ثورة المهدى، وضياع السودان»، ويذهب نفس المذهب عبدالرحمن الرافعى، قائلا: «من الحق أن نقول إن إسماعيل قام بعمل مجيد، لكن من الحق أن نقول أيضا إن عمله كان فى حاجة إلى شىء من الحكمة والروية، لأن تجارة الرقيق كان يقوم بها أناس أقوياء فى السودان، لهم من أعيان البلاد أنصار وتتألف منهم طبقة كبيرة، وكانت هذه التجارة مصدر ثروتهم، فضلا عن أن الأيدى العاملة فى الزراعة ورعى الماشية وغير ذلك، كان معظمهم من الرقيق، وألف أعيان السودان والطبقة المتوسطة من أهله استخدام الأرقاء كأتباع لهم وموال، ونظموا حياتهم على هذا الأساس، فمفاجأة السودان بتحرير الأرقاء دفعة واحدة، كانت مجازفة لا تحمد عواقبها، هذا إلى جانب أن الخديو أسند مقاومة الاتجار بالرقيق إلى الأجانب، فاستثار وجودهم العواطف الدينية وكراهية الحكومة، واجتمعت كل هذه العوامل وكانت من أسباب قيام الثورة المهدية».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة