حكايات منجد الهنا وصانع الفرحة.. عم جمال قضى 45 سنة فى مهنة التنجيد البلدى

الثلاثاء، 17 يناير 2023 02:00 ص

التنجيد البلدي

الوادي الجديد-ماهر البهنساوي

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت تكلفة تنجيد المرتبة القطن لا تزيد عن 10 قروش عندما بدأ مسيرة عمله فى مجال التنجيد البلدى حيث كان طفلاً صغيراً ارتبط وجدانيا بتلك الحرفة التى عشقها وقرر أن يكمل باقى حياته وهو يمتهنها وبالفعل شرب المهنة بمهارة فائقة على يد معلمه الذى توفاه الله منذ عقود ويستكمل هو مسيره العمل كمنجد بلدى اشتهر فى مدينة الخارجة بالدقة والحرفية وأصبح من اقدم حرفيي التنجيد البلدى الذين لا يتجاوز عددهم الأصابع الخمسة على مستوى المدينة وهو جمال حمام الذي قارب الستين من عمره وهو يعمل بلا كلل فى حرفته التى أحبها منذ صغره.

ويقول جمال حمام فى تصريح خاص لـ اليوم السابع، إنه يعمل فى مهنة التنجيد منذ أكثر من 45 عام والتى اتخذها مهنته الأساسية لانه عشقها وقرر أن يستمر فيها على الرغم من انحسار نشاطها بعد اتجاه المواطنين إلى المراتب الفايبر والجاهزة إلا أنه أصر على مواصلة العمل فى تلك المهنة العريقة ويقوم بتدريب الشباب على العمل فيها حتى لا تندثر مثل باقى الحرف القديمة التى انتهت مع تطور التكنولوجيا والحداثة فهو يقوم بتدريب الراغبين فى تعلم تلك الحرفة وفقا لاصولها التى تعلمها على يد اسطى المهنة منذ عقود طويلة .

وأوضح حمام أن التنجيد البلدى يعتمد على المجهود اليدوى بالكامل بدءاً من تجهيز القطن من خلال آله الوتر وهى عبارة عن قوس ووتر يتم نفش القطن به وهى أداه لم تعد مستخدمة حاليا وحلت مكانها آلة كهربائية تستخدم لهذا الغرض وبعد ذلك يتم تجهيز القماش بالمقاسات التى يطلبها الزبون ويتم حياكتها وبعد ذلك يجرى تعبئة القطن بكميات ومناسيب محددة حتى تاخد المرتبة أو المخدة الشكل المطلوب ويتبعها المرحلة الثانية وهى الخرزان وهى تحديد أطراف المرتبة بالخياطة لتثبيت القطن فى كافة أطرافها ويتبعها مرحلة التغريز وهى خياطة المرتبة بعدد من الغرز التى تحكم ثبات القطن فى كل جزء من المرتبة ويستخدم فى ذلك الإبرة بعدد من المقاسات والخيط والكشتبان لحماية الأصابع من وخز الابرة أثناء العمل .

وأضاف حمام أن مهنة التنجيد البلدى هى رمز الفرحة والبهجة لدى العائلات المصرية بصفة عامة ولدى الاسرة الواحاتية بصفة خاصة حيث أن ليلة التنجيد كانت لها مراسم خاصة تبدأ بتجهيز القماش ليلة التنجيد وسط أجواء من السعادة والفرحة ومشاركة الأهل والجيران فى تلك المناسبة بالحضور إلى منزل العروس والمباركة ويعقبها فى اليوم الثانى بدء أعمال التنجيد حيث يتوجه معلم التنجيد وصبيانه إلى المنزل فى الصباح وسط انتظار الجميع لأول فتحة لمقص المنجد وسط دعوات بالسعادة والرخاء للعروسين ويعقبها إلقاء النقطة على المنجد الذي يجلس على الأرض وهو مرتديا جلباب العمل ويتم إلقاء النقوط عليه تباعاً والتى كانت لا تزيد عن عدة ملاليم آنذاك .

وأكد عم جمال حمام أنه يتذكر منذ حوالى 25 عام أن أكبر نقطة حصلوا عليها كانت جنيه كامل من أحد الزبائن وهو رقم كبير جدآ فى ذلك الوقت حيث أن اجرته طوال الشهر لم تزيد عن 3 جنيهات وهو ما جعله وزملائه يرقصون من الفرحة وكافئهم معلم التنجيد بأن ادخلهم سينما هيلي الصيفى على حسابه الخاص مؤكداً على أن فرحة التنجيد كانت لها مذاق خاص تجعله يعمل وهو فى غاية الفرحة لكونه من صناع تلك البهجة حيث كانت الفتيات المقبلات على الزواج تحضر إليه فيقوم بربط خيط من قماش التنجيد على يدها كنوع من التفاؤل بقرب زواجها وهى عادة قديمة كانت منتشرة بين أهالى الواحات وكانت ترسم البسمة على وجوه كل الحاضرين فى أعمال التنجيد التى كانت تمتاز بالخصوصية على الرغم من إعلان تفاصيلها وذلك لما كان يمتاز به المجتمع الواحاتى من إحترام وتقدير ومشاركة بين الأهالى حيث كان الجيران يباركون التنجيد ولا يتدخلون فى التفاصيل باستثناء أقارب العروس واهلها فيقومون بمجالسة المنجد وتوصيته بتقديم أروع ما لديه من قدرات فى العمل المتقن لإنجاز فرش العروس .