يشير مفهوم الدين الشعبى، أو الدين اليومى فى مصر القديمة، إلى الممارسات الدينية للشعب التي كانت تتم خارج الطوائف والمعابد الرسمية للدولة وعلى الرغم من أن الدين الشعبي غالبًا ما يرتبط بأشخاص من غير العائلة المالكة، إلا أنه يشمل جميع الطبقات ويشير إلى كيفية تواصل الأفراد بشكل خاص مع الآلهة وتعكس الأساليب التى تم بها ذلك الدين الرسمي بعدة طرق، حيث كانت للطقوس الأسبقية على الأخلاق أو الأيديولوجية، ومن أهم الطقوس التي كان يمارسها المصريون يوميًا هي القرابين النذرية.
جاءت القرابين النذرية المتبقية فى المعابد بأشكال عديدة بدءًا من عصر الأسرات المبكرة "أوائل الألفية الثالثة قبل الميلاد"، حيث تم التبرع بمعظمها من قبل النخب، هناك القليل من الأدلة النصية أو الأثرية الموجودة على الممارسات الدينية اليومية لعامة الناس حتى عصر الدولة الحديثة "حوالي 1550 قبل الميلاد" وفقا لموقع the collector.
العديد من الأمثلة الموجودة للدين الشعبى من هذه الفترة تأتى من قرية العمال حيث تبرع عمال المقابر هناك بلوحات نذرية، بل وقاموا ببناء مذابح للآلهة في منازلهم كدليل على التقوى.
مع تقدم الدولة الحديثة، اكتسب الدين الشعبي بين عامة الناس زخمًا حتى أصبح متحققًا بالكامل فى العصر المتأخر "664-332 قبل الميلاد" فيما أسماه بعض علماء المصريات "دمقرطة الحياة الآخرة"، ومنذ العصر المتأخر وحتى حكم اليونانيين والرومان، هناك الكثير من الأدلة الأولية التى توثق الممارسات الدينية المصرية اليومية.
كانت القرابين النذرية الأكثر شيوعًا هي اللوحات والتماثيل، التي تم التبرع بها لمعبد إله معين وكانت اللوحات عبارة عن ألواح حجرية صغيرة تم نقشها عادةً بصيغة قياسية وأحيانًا بنقش قصير للسيرة الذاتية.
ونظرًا لأنه كان مطلوبًا من العمال المهرة والمتعلمين صنع اللوحات، كان التبرع بواحدة للمعبد رمزًا للتضحية والتقوى وعلى الرغم من أن غالبية اللوحات الموجودة في المتاحف اليوم تم التبرع بها من قبل النخب، إلا أن عامة الناس تبرعوا أيضًا بحصة عادلة وفي العصر المتأخر، شارك عدد أكبر من النساء في الوظائف الدينية من خلال التبرع بالمسلات النذرية للمعابد.
تم التبرع بلوحة نذرية مثيرة للاهتمام بشكل خاص من قبل امرأة تدعى إيسنخبي، وفيها تذكر كيف ظلت وفية للآلهة على الرغم من طفولتها الصعبة:"يا ملك الآلهة، رب الأبدية، الذي إليه يأتي جميع الناس! أعطني خبزًا ولبنًا وبخورًا وماءً من مذبحك، فأنا فتاة صغيرة بلا عيب".
كانت اللوحات النذرية وسيلة للتواصل مع الآلهة، ولكن إذا كان لدى المرء المزيد من الموارد، فإن التماثيل النذرية كانت مفضلة وكانت التماثيل النذرية عبارة عن تماثيل صغيرة لا يزيد ارتفاعها عادة عن قدم والتي تصور المالك / المتبرع كما هو الحال مع اللوحات النذرية، كانت التماثيل النذرية تحتوى على نقوش ذات صيغ دينية مماثلة تقوم على تحديد الآلهة التى خصص لها التمثال، ودائمًا ما تكون سيرة ذاتية مختصرة.
من بين التماثيل النذرية الأكثر أهمية تاريخيًا كان هناك تمثال أهداه طبيب يُدعى Udjahorresent ويشير النص الفرعونى القديم إلى أن التمثال تم التبرع به في الأصل في القرن السادس قبل الميلاد من قبل أودجاهوريس إلى معبد الإلهة نيث في سايس.
الجانب الديني للنص مثير للاهتمام، لكن نقش السيرة الذاتية يعطي لمحة رائعة عن كيفية رد فعل المصريين على الحكم الأجنبي حيث يروي النص كيف خدم أودجاهوريسنت كأميرال في عهد الملك المصري بسماتيك الثالث"حكم 526-525 قبل الميلاد"، لكنه عمل بعد ذلك كمساعد للملك الفارسي قمبيز "حكم مصر 525-530 قبل الميلاد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة