اخترقت الطائرة الأمريكية «SR - 71» المجال الجوى المصرى فى الساعة الواحدة بعد ظهر 13 أكتوبر، مثل هذا اليوم، عام 1973، وذلك بعد أسبوع من بدابة حرب مصر وسوريا ضد إسرائيل فى 6 أكتوبر 1973 وفقا لمذكرات المشير محمد عبدالغنى الجمسى «حرب أكتوبر 1973».
كان «الجمسى» رئيسا لهيئة عمليات القوات المسلحة المصرية وقتئذ، ويتذكر: «كانت الطائرة تطير على ارتفاع أعلى من 25 كليو مترا، وبسرعة تصل إلى ثلاث مرات من سرعة الصوت، وبدأت خط طيرانها من البحر المتوسط، واخترقت مجالنا الجوى فوق بورسعيد إلى السويس، حيث غطت جبهة القتال كلها، ومنها إلى منطقة البحر الأحمر لاستطلاع موانئ الغردقة وسفاجا، وكذا مطاراتنا ووسائل الدفاع الجوى بالمنطقة، والتفتت الطائرة غربا إلى الوجه القبلى فوق مدينة قنا ثم شمالا إلى الدلتا، حيث استطلعت مطاراتنا ووسائل الدفاع الجوى والاحتياطيات، وبعد أن استكملت رحلتها الاستطلاعية عادت إلى البحر المتوسط للهبوط فى قاعدتها بأوروبا».
يؤكد «الجمسى» فى مذكراته أنه أثناء عملية الاختراق «كان فى مركز عمليات القوات المسلحة يتابع أعمال القتال يوم 13 أكتوبر، ويؤكد أنهم اتصلوا من مركز العمليات بقيادة الدفاع الجوى للاستفسار عن سبب عدم اعتراض هذه الطائرة، فجاء الرد: «أنها تطير خارج مدى صواريخ الدفاع الجوى، كما أن مقاتلاتنا لا تتمكن من اللحاق بها»، ويسجل «الجمسى» شعورهم بعد أن تلقوا هذه الإجابة قائلا: «كظمنا غيظنا، والضيق يملأ نفوسنا، وعبر كل منا فى مركز العمليات عن هذا الغيظ والضيق بالكلمات التى يراها مناسبة، وكان معنى هذا الحدث أنه استطلاع جوى أمريكى لصالح إسرائيل، وأصبحت أوضاع وحجم قواتنا بالجبهة وفى عمق الدولة كتابا مفتوحا أمام إسرائيل»، ويؤكد «الجمسى»: «كان ذلك أول تدخل عسكرى أمريكى بطريقة مباشرة وعلنية يتم لصالح إسرائيل».
يؤكد الفريق محمد على فهمى، قائد الدفاع الجوى أثناء حرب أكتوبر، ورئيس أركان القوات المسلحة فيما بعد، فى كتابة «القوة الرابعة، تاريخ الدفاع الجوى المصرى»، أن هذه العملية كانت «إعلانا بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد ألقت بثقلها فى المعركة لإنقاذ إسرائيل من هزيمة محققة».
يضيف «فهمى»: «لا شك أن هذه الطلعة وفرت للعدو معلومات كاملة عن التوزيع التعبوى للقوات والاحتياطات وكانت بمثابة النور الأخضر لإسرائيل لتنفيذ عملية الدفرسوار، وجاءت بعد ذلك الأحداث لتؤكد أن القوات المصرية أصبحت تواجه الولايات المتحدة الأمريكية وليس إسرائيل وحدها، فقد تلاحظ طفرة مفاجئة فى حجم وكثافة الهجمات الجوية المعادية، اعتبارا من يوم 14 أكتوبر، كما رصد تغييرا فى الإعاقة الإلكترونية المضادة لمحطات الرادار، ومحطات توجيه الصواريخ اعتبارا من هذا اليوم».
كانت الصور التى التقطتها هذه الطائرة أمام وزير الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر، حسب تأكيد محمد حسنين هيكل فى كتابه «أكتوبر 73 - السلاح والسياسة»، وذلك حين عاد إلى وزارة الخارجية ليقضى ساعة بعد حفل عشاء أقيم فى البيت الأبيض قدم فيه الرئيس نيكسون نائبه جيرالد فورد، ويقول «هيكل» نقلا عن مذكرات كيسنجر :»هناك وصلته المعلومات عن الجبهة المصرية، بما فى ذلك الصور التى التقطتها طائرة الاستطلاع «SR - 71» كما أنه قرأ تحليلا لما تقول به الصور، وكان أهم ما فيه أن فرقتين مصريتين وهما الفرقة الرابعة المدرعة 21، والفرقة المدرعة الرابعة تتحركان إلى داخل سيناء، وكان «كيسنجر» يعرف أن هاتين الفرقتين تمثلان الاحتياطى الاستراتيجى المصرى».
يؤكد «هيكل»، أن «كيسنجر» أبدى دهشته مما تقول به الصور، وكانت دلالة هذه التحركات أن القيادة المصرية تعتزم تطوير الهجوم فعلا فى ظرف ساعات، وكانت دهشة «كيسنجر» أن القوات المصرية دفعت باحتياطيها الاستراتيجى إلى المعركة، ومعنى ذلك أن هذه القيادة استغنت عن هذا الاحتياطى الاستراتيجى فى وقت حرج من المعركة، ولعمل سوف يتم على الأرجح خارج نطاق حماية حائط الصواريخ المصري، ويضيف «هيكل»: «كانت استنتاجات كيسنجر صحيحة، وكانت دهشته مبررة».
يذكر «الجمسى» أنه فى اليوم التالى «14 أكتوبر»، وبعد أن بدأت قواتنا عملية تطوير الهجوم، وكانت تواجه مقاومة شديدة من العدو بشكل واضح، ذهب الرئيس السادات إلى مركز العمليات فى الصباح، ووجده الجمسى يقف بجواره ويبادره بالسؤال عن الموقف، ويؤكد الجمسي:» أذكر أننى قلت له أن نتيجة الاستطلاع الأمريكى الذى تم فى اليوم السابق «13 أكتوبر» يبدو أنها وصلت لإسرائيل فاستعدت لمواجهة قواتنا بعنف».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة