حازم حسين

تطمين واتّزان وردع.. القضية الفلسطينية ورسائل الرئيس من الأكاديمية العسكرية

الأحد، 15 أكتوبر 2023 02:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت البداية من فلسطين؛ ثم توسَّعت شهوة التمدُّد لتقضم أطرافا من سوريا ومصر والأردن ولبنان، أخفقت الأولى ونجح الباقون فى تحرير أراضيهم، وصار الوضع إلى تهدئةٍ حرجة؛ إلا أن القانون الوحيد الثابت منذ اليوم الأول، أن الأطماع أكبر من المُعلَن، وأن الجغرافيا الفلسطينية هى المُنطلَق دائمًا.. مع الأيام الأُولى التالية لعملية «طوفان الأقصى» التى انطلقت من غزّة إلى غلافها؛ تردَّدت دعوات إسرائيلية لتهجير سكّان القطاع، وصِيغت تحذيرات ونصائح على ألسنة عسكريِّين صهاينة بالذهاب إلى سيناء، وقال نتنياهو إنهم سيُعيدون ترسيم خريطة الشرق الأوسط وإبقاء ما سيفعلونه فى ذاكرة الغزِّيين لخمسين سنة، ردَّت مصر سريعًا بوضوحٍ وحسم، عبر مصادر أمنيّة ثم برسائل رئاسية صريحة، كان آخرها احتفال الأكاديمية العسكرية بتخريج دفعات جديدة من كُلّياتها، وفيها جدَّد الرئيس السيسى تأكيده لثوابت الموقف المصرى، وكشف الحدَّ الفاصل بين دعم الأشقاء بكل السُّبل المُمكنة، وأن يُطرَح تحت لافتة الدعم ما يمسُّ ركائز القضيّة، ويُهدّد بتصفيتها نهائيًّا لصالح دولة الاحتلال؛ إنها شعرةٌ دقيقة يراها الفلسطينيون أنفسهم، ويعرفون تماما أنه ما من مصلحةٍ فى قطعها؛ إلّا لعدوِّهم شديد البطش والعنصرية.
 
احتفال الأكاديمية العسكرية كان استثنائيًّا فى حجمه ومعانيه، إنه من ناحيةٍ يتزامن مع اليوبيل الذهبى لحرب أكتوبر، ويسبق بيومين ذكرى «معركة المنصورة» التى اتُّخذت عيدًا للقوات الجوية، كما يأتى فى سياق مناخ إقليمى مُلتهبٍ ولا يخلو من تهديدٍ حقيقى للأمن القومى، انطلاقًا من تلك الباقة كان الحدث أكبر من حفل تخرُّج؛ امتدّ لنحو أربع ساعات، وتجاوز رسميّات البروتوكول المُعتادة إلى حالةٍ بلاغية ناضجة، من مضامينها التعبير عن تماسك الجبهة الداخلية، وتكاتف الشعب، مُمثّلاً فى الحضور الحاشد لأهالى الطلاب، مع الدولة وقيادتها ومُؤسَّساتها، واستعراض كياسة الإدارة المصرية وفطنتها ونزوعها للسلام والاستقرار، مُغلَّفةً بشواهد القوّة والقدرة على مُجابهة التحديات. لا مُبالغة إن قلنا إنه كان مشهد طمأنةٍ ورَدع، يُخاطب الداخل بأن المصالح الاستراتيجية مصونة ومُسيَّجةٌ بجدارٍ منيع، ويُطمئن الأشقاء بأننا لن نتخلّى عنهم ولن نسمح بتصفية القضية، ويُعلِّق الجرس فى رقبة المجتمع الدولى، كما يردُّ على الساعين للتحلُّل من التزاماتهم وتصدير الأزمة لمن لم يتسبَّبوا فيها، وقد صِيغت باقة الرسائل برزانةٍ وإحكام، دون حنجوريّةٍ أو عاطفية أو مُهادنة، وأحسب أنها وصلت جميعًا إلى صناديق البريد المقصودة فى الإقليم والعالم.
 
المواد البصرية المُرافقة للحفل كانت شديدة الإتقان والتعبير، مشاهد حيويّة تُبرز الكفاءة وتكامل عناصر المنظومة العسكرية، وإطلالات لامعة على أجواء أكتوبر المُفعمة بالفخر والبهاء، وصوت الرئيس فى الخلفية يقول «لو مصر عملتها مرة هتعملها كلّ مرة»، سماء العرض شهدت تشكيلاتٍ نوعيّة تُقدّم موجزا عن القدرات الجوية المُتقدمة، وأرضه احتضنت طابورًا لبعض المعدَّات التى شاركت فى الحرب.. بدت إمكانات الواقع ذراعًا طُولى لمصر، وميراثُ الماضى نياشين لامعة على صدرها، والمسافة بينهما بحجم المعاناة فى تحرير الأرض، والإخلاص فى صناعة الأمن والاستقرار، وبحسب تعبير الرئيس «كنّا مُقاتلين فى الحرب ومُبادرين إلى السلام»، كأنَّ يدًا تحمل السلاح وجارتها مبسوطةٌ للمُصافحة، وعلى الآخرين أن يختاروا، ولا فارق فى ذلك بين المُبادأة بالرصاص أو الالتفاف بالخطط المشبوهة، تستوعب مصر أن التسوية السياسية للصراعات طويلة الأمد مهمَّة شاقة، ومُكلِّفة، وتتطلَّب شجاعةً وتجرُّدًا حقيقيين من كل الأطراف، وهى جاهزةٌ لسداد حصَّتها من الأعباء بالتزامٍ تاريخى وأخلاقى؛ لكنها لا تُرحِّب بتخليق مُعادلات جيوسياسية اعتباطية، ولا بمحاولات فرضها بالوحشيّة أو الخديعة.
 
لم تغب القاهرة يومًا عن صدارة المشهد العربى، وكانت الأكثر تمسُّكًا ودفاعا عن ميثاقه المصوغ بروابط الجغرافيا وحكمة التاريخ، على ما أكَّد الرئيس، وفى كلمته المكتوبة شدَّد على أن مصر لم تخذل الأمة يومًا ولن تخذلها، وأنها تسعى للسلام وتعتبره خيارًا استراتيجيًّا، ولن يتأتَّى ذلك إلّا بحماية المدنيين، والترفُّع عن الحصار والتجويع والعقاب الجماعى، ومن وراء ذلك أن يتحمَّل المجتمع الدولى مسؤوليّاته فى سبيل فتح ممرَّات آمنة للمُساعدات وجهود الإغاثة، وصولًا إلى تغليب لغة الحكمة وتطويق دائرة النار؛ كما كان صريحًا فى التنديد بمساعى بعض الأطراف إلى الانحراف بالقضية الفلسطينية، وتأكيد أن «كلّ صراع لا يقود إلى السلام لا يُعوَّل عليه»، والمرجعيّة التى يجب العودة إليها تُلخّصها مبادئ أوسلو والمُبادرة العربية ومُقرّرات الشرعية الدولية، وفى الكلمة الارتجالية كان أكثر تعمُّقًا وتفنيدًا؛ فأوضح أن مصر تستضيف 9 ملايين لا تعتبرهم لاجئين؛ لكن المسألة تختلف فى حالة الفلسطينيين؛ إذ أن نزوحهم أو تهجيرهم يقضى على ما تبقَّى من القضية، ولا سبيل لاستبقاء الحق إلّا أن يظلّ الشعب صامدًا على أرضه، هكذا لا يكون رفض الدعاوى الخبيثة موقفًا من الأشقاء، أو محضَ دفاعٍ عن سيناء، وهذا حقٌّ وواجب؛ إنما هى فى جوهرها نُصرة لفلسطين، وتحصين لها من محاولات الخنق والابتلاع.
 
ما يجرى بحقّ قطاع غزة جريمةٌ مُكتملة الأركان، وتتجاوز حتى مبدأ «تكافؤ القوة» فى النزاعات الدولية، والأصل أن إسرائيل سُلطة احتلالٍ تقع على عاتقها التزامات قانونية وأخلاقية مُباشرة، وإن تعوَّدت التوحُّش وانتهاك المواثيق الأُمميّة تحت ستارٍ دولى؛ فليس مقبولًا أن يُدار ذلك اليوم بنيَّة الخلاص من الضحايا بدلًا عن وضعهم على طريق العدالة.. كان «رابين» اليسارى الذى أبرم اتفاق أوسلو يتمنَّى لو استيقظ يوما على أن «البحر يبتلع غزّة»، والمنطق أن نتنياهو يتطلَّع لما هو أكبر، وفى ظهره أسوأ حكومات اليمين فى تاريخ الدولة العبرية، أو «حكومة الحرب» المُشكّلة مع المُعارضة بنكهة نازيّة، وتحت تأثيرات جرح الكبرياء ورغبة الثأر والتشفِّى، إن كانت ستَّة عشر عامًا من الحصار لم تقتل القطاع، وانفتاح الجحيم عليه فى 2008 و2014 وما بعدهما لم يكتم أنفاسه؛ وإن أدمى أنفه؛ فلعلّ المقصود اليوم نزع الشوكة وتطويحها بعيدًا، إثارة الفكرة بمثابة التلويح بعملية إبادةٍ وتطهيرٍ عرقى، والسعى لتمريرها كأنه مُكافأة مجّانية للعنصرية والشراسة، لرفع الحذاء الصهيونى فى وجه العالم.. مصر تتصدَّى لذلك بجدّية من مُنطلقات قومية ووطنية، والعرب مدعوّون إلى إعلان مواقف جادة، فرادى وتكتُّلات وعبر الجامعة ومُؤسَّساتها، والبيئة الدولية مسؤولةٌ عن كبح الغول الاستيطانى، وتقليم أظافر «وحش الترانسفير» المُتعطّش للأرض والدم.
 
استهلكت المحنةُ الفلسطينية مشاعر العرب منذ النكبة إلى اليوم، وجفَّفت خزَّانات دموعهم ولوعتهم. لم تعُد العاطفة وحدها كافيةً لمُقاربة القضية المأزومة، وإخراجها من النفق المُظلم، قال الرئيس فى الحفل إن رصيد التعاطف قائمٌ لم يهتزّ؛ لكن المُهم أن نُعمِل العقل من أجل الوصول إلى سلامٍ لا يُكلِّفنا الكثير، يبدأ التعقُّل من حماية المدنيين، وإيقاف المقتلة التى تُغذّيها شهوةٌ صهيونية مسعورة، وأن يتَّحد الفلسطينيّون على برنامجٍ وطنى جامع يُوازن بين السياسة والمُقاومة، ولا يُقوّض السُّلطة مُغامرًا بفقدان ورقة الشرعيّة التى يعترف بها العالم، وإسرائيل نفسها، والتعقُّل أيضًا فى أن تُدفَع إسرائيل خطوةً إلى الخلف، وأن تحترم القوى الكبرى شعاراتها عن السلام وحقوق الإنسان، بدلًا من انخراطها فى مجلس الحرب، وأن تنصرف الأذهان عن أيّة حُلول تلفيقيّة تُغامر بتوسعة نطاق الصراع، وامتداده لمزيدٍ من جبهات الإقليم، ليس الطموح العقيم فى إزاحة سكَّان القطاع لسيناء آخر المطاف؛ إنما سيتبعه تطلُّع إلى تفريغ الضفّة على حساب الأردن، والجولان السورية، وربّما يرتقى الطمع لإعادة قَضم الجنوب اللبنانى. لم تُبد إسرائيل مُطلقًا أيّة رغبة صادقة فى السلام، ولم تلتزم به إلّا عندما فُرِض عليها بالقوّة.
 
نبَّه الرئيس فى كلمته إلى «طوق النار» الذى يُغلِّف مصر جنوبًا وشرقًا ومن الناحية الليبية، فى الأخيرة أُريد قبل سنوات أن تكون قاعدةً لتهديد أمننا القومى، وقتها زار السيسى المنطقة الغربية العسكرية، وأعلن وسط الضباط والجنود ومُمثّلى القبائل أن «سرت/ الجُفرة خطّ أحمر»، بعدها انضبطت الأوضاع وتوقَّف زحف الميليشيات من جهة الغرب، المشهد اليوم شبيهٌ بما كان فى 2020، والرسائل المُراوغة التى سحبتها إسرائيل سريعًا كانت لجسّ النبض، والردود المصرية على تنوُّعها تحلَّت بالاتّزان دون لُيونة، وبالحسم دون تصعيد، وأبدت المُرونة الكاملة فى التعاطى مع الأزمة بفُروضها واستحقاقاتها، دون خصمٍ من عدالة القضية، أو افتئاتٍ على الجغرافيا والتاريخ والرُّشد السياسى.. على هذا المعنى كانت رسالة الرَّدع فى الحفل جوابًا مُباشرًا على مراسيل الاحتلال وداعميه، وتطمينًا واجبًا للمواطنين والأشقَّاء، يقع الدعم فيه موقع القلب، تأكيدًا لأننا لا نضيق بالفلسطينيِّين ولن نُقصِّر فى دعمهم؛ لكن شدَّ ظهورهم فى تثبيتهم وضمان ألا يُقتلَعوا من بُيوتهم، كما أن نُصرة فلسطين فى إبقائها حيَّة، تتنفَّس من رئات مُواطنيها القابضين على محبَّة الحياة، مهما اجتهد عدوُّهم فى صناعة الموت.
 
تلقَّت إسرائيل نحو 3 آلاف قذيفة؛ فردَّت بـ6 آلاف قنبلة فى أول ستّة أيام، دمَّرت مئات الأبنية ومسحت أحياء بكاملها، وحشدت 360 ألفًا من جنود الاحتياط تأهُّبًا لغزوةٍ برّية.. ما يفوتها أن الهزيمة وقعت بالمُباغتة، وإسقاط الرَّدع، ونقل المُواجهة إلى العمق، وكلُّها كانت من ثوابتها فى مُنازلة العرب طوال ثمانية عقود، عدَّاد الجُثث اليوم لن يُرمِّم كرامتها، أو يُعيد التوازنات إلى سوابقها؛ إنّما هو جنونٌ مجّانى لغاياتٍ يمينيّة مُتطرفة، أدناها إطالة عُمر الحكومة، وأقصاها تهجير مليونى فلسطيني؛ كمُفتتح لجولةٍ جديدة من «الأبارتيد المُتّصل»، الأُفق السياسى يغيب عن الطرفين: لا «حماس» درست مآل العملية، وكيف يُمكن صرفها لصالح القضيّة فى المديين القريب والبعيد، ولا إسرائيل تريَّثت قبل هجومها الوحشىّ أمام احتمالاتٍ دامية تترتَّب على إعادة احتلال القطاع، الذهاب إلى «مواجهةٍ صفريّة» سيرفع كُلفة الأرواح من الجانبين، ويُطيل أمدَ الحرب، ولن ينتهى إلى إزاحة أىِّ طرفٍ للآخر، الانتفاضة العارمة على مرمى حجر، والسلطة الوطنية تتداعى وفى ذلك خسارة للعدوّ والصديق، وجبهات الحلفاء الباردة قد لا تظلّ على سكونها إذا اشتد الولوغ فى دَم المدنيين، مُقاربة مصر مع القوى الوازنة فى الإقليم والعالم تظلّ المنفذ العاقل إلى خياراتٍ أقل خطورةً واشتعالًا، ولا تقطع طريق العودة للتهدئة؛ بعدما اختبر كلُّ طرفٍ حظَّه من القوة والضعف.
 
نحن مُنحازون بالضرورة إلى وجيعةٍ إنسانية من عُمر دولة الاحتلال، ومُنحازون إلى السلام أيضًا، علينا التزام أخلاقى لا نحيد عنه تجاه الأشقاء، كما لا نتخلَّى عن حجيَّة القانون والمواثيق الدولية؛ لكن المسؤول المباشر عن إطالة الصراع وتضخيم فواتيره يظل فى «تل أبيب»، وليس فى مكانٍ آخر.. خانت حكومة نتنياهو التزامها أمام مواطنيها بتعريضهم للخطر، عندما تمادت بصلفٍ ووقاحة فى إلغاء الوجود الفلسطينى، ولم يعد «الاستيطان الإحلالى» مقبولاً، أو قابلاً للعيش بين مظلومين لهم حقوقٌ مشروعة، ويحملون صكوك بيوتهم ومزارعهم جيلاً بعد جيل، وتقطَّعت شرايينهم ولم ينقطع رباطهم بالأرض.. إنّ الاستغراق فى وهم اصطناع «أوطان بديلة» لا يحلّ الإشكال؛ إذ حتى لو تيسَّر إنفاذه فلن تكون البيئات الناشئة إلا قواعد هجومٍ دائمة؛ ناهيك عن أنه أمرٌ «دونه خَرط القتاد» كما يقول العرب، لا سيّما مع الرفض الصارم من قوى كبرى، سبق أن هزمت إسرائيل وجرَّعتها كأس المُرّ، وردّتها بالشدَّة واللين والنفس الطويل أميالًا للوراء.. ما فشل فى الماضى لن ينجح اليوم، والذين ضحّوا طويلاً لن ينكصوا عن التضحية مُجدّدًا، أمَّا الإخلال بالتوازنات القائمة فلعلَّه ليس فى صالح إسرائيل، ولم يعد الأرنب مخبوءًا تحت قبّعة الساحر الأمريكى؛ حتى يسهل اصطياده، الواقع أنه فرَّ وتناسل وملأ الجغرافيا بكاملها أرانب وأنفاقًا.
 
استبق الرئيس السيسى مشهد الأكاديمية العسكرية برسالةٍ صارمة، مفادها أنَّ مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أطرافٍ أخرى، وفى الحفل حذَّر من مغبَّة الطرح المشبوه، ومن الشائعات والمُزايدة وحَرف الصراع عن مداراته العادلة، كان المشهد مهيبًا ووافر الدلالات، جاء مسائيًّا على غير المُعتاد، ما سمح بعروضٍ بديعة للمُسيَّرات، كما أنه موعدٌ يُوافق مداومة العمل فى واشنطن وذروة المتابعة فى كل العواصم الكبرى عالميًّا وإقليميًّا، وحمل ضمن محمولاته إشارةً إلى أننا نتريَّث لحكمةٍ؛ لا لأننا عاجزون أو فى موقع «ردّ الفعل»، ونتحرَّك كما يليق ببلدٍ كبير، عريقٍ وقوى، ولا يُحب المغامرة أو المقامرة ومُراهقات المُتطرّفين، كان «يومَ زفاف» لصفوة من شباب مصر إلى سلك الجندية، وهى ميثاق غليظ على الجاهزيّة والفداء، وكان أيضًا منصَّةً تدعو للحكمة باقتدارٍ على غيرها، وإلى السلام بكراهةٍ للحرب لا خوف منها، وإلى التهدئة انتصارًا للعدل على الظلم، وللحياة على الموت المجّانى المفتوح. ربما كان الظرف مُغريًا لبعض الإطراف بإنفاذ ما أعدّوه من مُخطّطات للمنطقة؛ لكن الردّ الواضح أن أيّة مُناورة أو التفاف ليست موضع ترحيب، ولا سبيل لتجاوز العقل والمنطق، كانت الرسالة بسيطةً لا تحتاج لفحصٍ وتفكيك شيفرات، ولعلّها تكون بدايةً للرجوع عن مسار الجنون المُتسلِّط على آلة الاحتلال، ومنفذًا إلى تهدئةٍ وشيكة تُغلق الجروح على ما فيها، بدلًا من حفرها إلى العَظم، وهو ألمٌ قد لا يُطيقه الواقفون الآن بالسكاكين على مشارف غزّة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة