كل تفكير فى المستقبل يبدأ وينتهى بالتعليم، وفى مصر خلال السنوات الأخيرة تتوجه الدولة نحو تحديث التعليم الجامعى العام والخاص، ويوجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، دائمًا بأن يكون التعليم العالى والجامعى انعكاسًا لحاجات المجتمع، وأن يشمل تحديث المناهج فى الجامعات العامة والخاصة والأهلية، بالشكل الذى يربطه بحاجات المجتمع، واستيعاب المناهج والتخصصات الحديثة التى تمثل مطالب لسوق العمل، خاصة جامعات الجيل الرابع التى تربط التعليم بالبحث العلمى وحاجات سوق العمل والمجتمع، وكيف يمكن أن يكون هناك جسر بين الجامعات والصناعة والمجتمع، حيث يمكن للعلم أن يحل المشكلات ويقدم الحلول لما يواجه المجتمع، خاصة فى ظل التوجه نحو التقدم والتنمية.
والواقع أن المجتمعات المتقدمة لديها نفس التساؤلات، وتسعى لتقديم إجابات عملية عن الأسئلة النظرية، ويجرى تغيير شامل فى أنظمة التعليم، خاصة فى ظل تسارع التطور التكنولوجى، وتداخل التخصصات ببعضها.
وبجانب الجامعات العامة والخاصة والأهلية، تم فتح أفرع جامعات أجنبية كبرى فى مصر توازيا مع العاصمة الإدارية، بعضها بدأ العمل خلال العام الدراسى الحالى، وميزة هذه التجربة أنها تمثل تجارب عملية وعلمية لكيفية حل الأسئلة المطروحة، وتقديم مناهج وطرق تدريس تتماشى مع الواقع العملى الذى يتغير بسرعة، وهو اهتمام عالمى حيث تتجه كل دول العالم الحديث للدفع نحو التوسع فى المناهج المختلطة والمزدوجة، باعتبار أن العصر أصبح يتطلب تعديلًا فى المناهج السابقة، بحيث تصبح الجامعات نقاطًا ومراكز استشارات لتوجيه المجتمع والبحث عن حلول عملية لمشكلاته وأيضًا للشركات والأفراد.
من هنا تأتى أهمية استراتيجية وزارة التعليم العالى والبحث العلمى 2030، التى أطلقتها وزارة التعليم العالى، أمس، وتهدف إلى رفع جودة التعليم والبحث العلمى وتطبيقاته، وتجهيز الخريجين لسوق العمل، والابتكار وريادة الأعمال وبناء الاقتصاد المعرفة، بجانب أن التعليم لم يعد قاصرا على تخريج طلاب للعمل المحلى، لكن هناك ما يمكن تسميته عولمة الوظائف، حيث يكون الخريج قادرا على العمل محليا أو فى أى مكان من خلال خبرات وتدريب تمكنه من الابتكار والعمل فى نطاقات متعددة.
الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى، أكد أن الاستراتيجية تمت بالتفاعل مع الوزارات والجهات المختلفة، بالشكل الذى يجعلها نتاج حوار متسع ومتعدد، وتضمنت بالفعل وضع الدولة واحتياجات كل إقليم والأنشطة الاقتصادية لكل إقليم من 7 أقاليم التى بها الجامعات والمراكز البحثية، وإعداد البرامج الأكاديمية لكل إقليم، وقال «عاشور» فى كلمته أثناء إعلان استراتيجيةً التعليم العالى، إن الحديث عن جامعات الجيل الرابع التى تبدأ بالتكامل على مستوى المؤسسات الأكاديمية والاتصالية والمرجعية الدولية والريادة والإبداع والاستدامة، وأن الجامعات الحكومية والخاصة والتكنولوجية والمعاهد تتكامل مع بعضها فى كل إقليم لتحقيق الأنشطة الاقتصادية، حيث تم تقسيم الجمهورية إلى 7 أقاليم، حيث تضم محافظات مصر 28 جامعة حكومية و27 جامعة خاصة و20 جامعة أهلية، و10 جامعات تكنولوجية، و7 أفرع للجامعات الأجنبية.
تطور العملية التعليمية من تعليم الجيل الأول إلى الجيل الثانى، حيث تم إدخال البحث العلمى إلى جانب التعليم، ثم إلى الجيل الثالث عندما بدأ التعليم والبحث العلمى فى التعامل مع السوق، وأخيرًا الجيل الرابع حيث يلبى التعليم والبحث العلمى والربط بالسوق عملية الابتكار وريادة الأعمال لتحقيق أهداف التنمية الشاملة وتلبية احتياجات السوق العالمى محليا ودوليا من خلال تنمية اقتصادية وبيئية واجتماعية.
ويتضمن مؤتمر إطلاق الاستراتيجية توقيع بروتوكولات بين الوزارات المختلفة ووزارة التعليم العالى والجامعات، وورش عمل لتحقيق الاستراتيجية والاتصال مع العناصر الرئيسية فى الرؤية، كما سيتم توقيع بروتوكولات تعاون مع الصناعة وفقًا لاحتياجات كل إقليم.
وبالتالى فإن الاستراتيجية تتطلب تغييرا فى المجالس والهيئات المشرفة على التعليم، بما يجعلها قادرة على مجاراة التطور، وتناسب توجه الدولة للدفع نحو التخصصات الجديدة والمطلوبة ضمن عمليات التنمية، فيما يتعلق بالطرق والطاقة، والذكاء الاصطناعى والطاقة الجديدة، وربما تكون هناك حاجة لنقل خبرات الدول الكبرى فى الربط بين الدراسة النظرية، وحاجات المجتمع، وأن ترتبط الجامعة بالوزارات والشركات ومجتمع المال والأعمال، لتمويل الأبحاث والمراكز المتخصصة للتدريب، بل إن هناك طرقا لتمويل التعليم والبحث العلمى، على اعتبار أن الأبحاث والتطوير والمعرفة تصب لصالح الدولة والمجتمع.