مؤكد أننا نعيش لحظة مهمة في تاريخ مصر الحديث فى ظل جمهورية جديدة قائمة على بناء الإنسان والدولة معا، فالناظر إلى ما حدث في أولى جلسات المحور السياسى بالحوار الوطنى ومشاركة كافة أطياف المجتمع يكتشف أن هناك إرادة حقيقية نحو النظر إلى المستقبل رغم التحديات، ويتأكد أن مصر التاريخ والحضارة بوحدتها وتضامنها مهما كانت الظروف والأخطار والتحديات والتهديدات.
فما رأيناه من حضور مكثف وحرص شديد على المشاركة من قبل أطياف المجتمع يعكس أننا أمام عدة مشاهد مبشرة، "الأول" يتمثل في البداية الناضجة خاصة أن مؤشرات التوحد كانت موجودة في كافة النقاشات والمناقشات مع اختلاف الآراء، وما زاد المشهد رونقا وجمالا أن المناقشات تمت في ظل مساحة واسعة من الحرية لكافة المشاركين، والدليل تنظيم 4 جلسات بالتوازى مع المحور السياسى، وهى "النظام الانتخابى ومكافحة التمييز والمساواة والتعاونيات" وجميعها قضايا مهمة وضرورية تحتاج إلى نقاش جاد.
المشهد الثانى.. التنظيم الجيد على كل المستويات، سواء تنظيم المشاركات وكلمات المتحدثين، واستيعاب كافة وجهات النظر في مشهد حضارى وديمقراطى يدل على فهم ووعى وإصرار على الخروج بأحسن صورة، فلك أن تتخيل أن عشرات الأحزاب والقوى السياسية تتجمع فى قاعة واحدة الكل يبدى برأيه في مشهد افتقدناه منذ سنوات وسنوات، والكل كان يتمنى أن يراه.
المشهد الثالث.. استعداد الحضور بتجهيز أفكار ورؤى واقتراحات، وقيمتها في تنوعها ودراستها من أصحابها لنصبح أمام مناقشات جادة ومقدرة وذات قيمة، خاصة أن الجميع يتحدث من أجل الدولة وعينه على حاضر مصر ومستقبلها، ما كان بمثابة كلمة السر في نجاح الحلسات الأولى للمحور السياسى للحوار.
المشهد الرابع.. يتمثل في التكوين المتنوع في الحوار الوطني، مما يبشر بالخروج بمخرجات وتوصيات ونتائج تعبر عن الشارع المصري، خاصة أن الكثير تحدث في ظل تنظيم رائع وإدارة راقية ونموذجا تمكن 55 عضوا من لجنة مكافحة التمييز من التحدث من بين 300 عضو كانوا حاضرين ومشاركين.
إذن النجاح مهم لكن الأهم هو الحفاظ على هذا النجاح، لذا يجب علي كل مشارك أن يعلم أنه أمام مسئولية وطنية بامتياز، وأن هذه المسئولية تحتاج إلى فن وعلم، "فن" بالتحلى بالقدرة على تهيئة كافة السبل لإنجاح الحوار وتفعيل مخرجاته في إطار من الديمقراطية والتعاون البنّاء، و"علم" بامتلاك المعلومة والفهم الصحيح والتقييم الموضوعى للمشكلات والقضايا المطروحة على الساحة.
ونهاية.. لا تنسى عزيزى المشارك في الحوار الوطنى أن من يخلدون خلود الأوطان هم الذين خدموا أوطانهم بجد وإخلاص، وتفانوا فى رفعتها بعزم وإصرار وتحلّوا بالصدق والأخلاق.. تحيا مصر بنا جميعا