عصام محمد عبد القادر

تعزيز الريادة.. رؤية مصر 2030

الأربعاء، 17 مايو 2023 09:52 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
يتمثل الهدف الثامن من رؤية مصر 2030 في تعزيز الريادة المصرية؛ فقد حرصت الأجندة الوطنية على ارتباط أهدافها التنموية بالأهداف الدولية من جهة، وبالأجندة الإقليمية من جهة أخرى، لاسيما أجندة أفريقيا 2063 فبعد النجاح في استعادة الاستقرار أصبح هدف تعزيز مكانة مصر وريادتها على المستويين الإقليمي والدولي ضرورة لدفع عجلة التنمية الشاملة، ويتحقق ذلك من خلال العديد من الآليات من ضمنها دعم تعزيز الشراكات إقليميا ودوليا.
 
وتتطلع القيادة السياسية إلى تحقيق غايات ترتبط بالتنمية في ربوع الوطن لتحدث تغيرًا في حياة المواطن المصري بصورة مستدامة؛ فهناك عمل دءوب لتوفير فرص العمل اللائقة في ضوء ما يمتلكه الفرد من مهارات، وسعي وجهد متواصل بغية انتشار النمو في شتى القطاعات، ومن ثم نجد تنامي لدور الدولة المصرية فيما تقدمه من خدمات وصور رعاية، وحماية في مجال التعليم والصحة والإسكان والتوظيف والرعاية الاجتماعية؛ حيث الحد من العشوائيات، بل والقضاء عليها، وفتح أسواق عمل تتيح فرص تشغيل تقلل من معدلات البطاقة من خلال تشجيع المشروعات الصغيرة وإقامة المشروعات القومية التي تستوعب فئة الشباب، قلب الأمة النابض.
 
 والمتمعن لما يجري على الساحة المصرية يجد أن هناك وجودًا للدولة بات قويًا؛ حيث العمل بجد على تحسين الدخل على مستوى الفرد بإعادة تنظيم توزيعه بما يفي بمتطلبات الحياة، وفي هذا الخضم تم وضع رؤية واضحة وفق معايير تتسم بالشفافية فيما يخص الحد الأدنى والأقصى للأجور من خلال قوانين ملزمة للمؤسسات العامة والخاصة، كما دحضت القيادة السياسية فكرة احتكار طبقة رجال الأعمال للسلطة والثروة؛ حيث إن الجميع أمام القانون سواء؛ فلا مجال للأعمال أو الممارسات غير القانونية في دولة يحمي مقدراتها المادية والبشرية دستور صدق عليه الشعب بأثره.
 
وعملت الدولة المصرية على تعضيد الشراكة في التغلب على ما تُواجهه من مشكلات مجتمعية؛ حيث يُسهم ذلك في إزالة الفجوات الاجتماعية بين طبقات المجتمع؛ إذ يساعد أصحاب ورجال الأعمال في بناء ونهضة الدولة، ولا يدخرون وُسعًا في استيعاب فئة الشباب بغرض استثمار طاقتهم الفعالة في زيادة الإنتاج من خلال المشروعات التي تستوعب الكثير منهم، كما تم توفير حاضنات الابتكار لمن يمتلك المهارات النوعية في شتى المجالات.
 
إن ما تقوم به الدولة من إصلاحات تتمثل في زيادة الإنفاق العام على القطاعات الاجتماعية، وبخاصة التعليم والصحة والإسكان، ومراعاة محدودي الدخل بتقديم المساعدات المباشرة من الدولة لضمان حياة كريمة لهم، وتوفير الأمن الغذائي والحد من زيادة الأسعار وغيرها من الإجراءات التي أدت لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وللمؤسسة العسكرية المصرية دور فاعل في نهضة الدولة على كافة المستويات؛ نظرًا لأنها تمتلك عقيدة ثابتة وتقاليد رصينة تجاه الدولة؛ حيث أولوية حماية الأمن الوطني المصري في الداخل والخارج وضمان بقاء الدولة المدنية وفق دستورها الحاكم، كما أسهمت في تنفيذ المشروعات التنموية بالبلاد دون تربح يذكر، بل حققت المعادلة الصعبة بخبرتها والتزامها؛ فلم يتأخر تسليم مشروع أو يتوقف أو يتعارض مع المعايير العالمية في تنفيذه.
 
وتبنت الدولة المصرية الريادة باعتبارها عامل رئيس للتنمية في مشروعاتها القومية وما تحمله من استثمارات آنية ومستقبلية، وما قد ينتج عنها من تنمية عادلة تشمل أفراد المجتمع دون استثناء لفئة بعينها؛ لذا باتت الريادة مكونًا أساسيًا من مكونات استراتيجية الدولة التي تسعى لتحقيق النهضة والتنمية المستدامة بكافة قطاعاتها ومناشطها المختلفة.
 
وتُمكن الريادة الأفراد من المهارات النوعية التي يتطلبها سوق العمل المحلي والدولي، بما يجعلهم مساهمين في بناء المجتمع، وضمانة لاستمرارية واستدامة التنمية؛ ليحدث التماسك المجتمعي الذي يحقق مزيدًا من التقدم والازدهار، ومن ثم يتواجد الرضا الاجتماعي، بسبب أن المواطن هو غاية التنمية وليس أداتها فقط، كما أن امتلاكه للمهارات يرتبط بمقدرته على تحمل المسئولية والمواجهة واتخاذ القرار المدروس، حتى يتسنى له تحقيق الغايات التي يسعى لإنجازها.
 
ويشير مفهوم الريادة إلى ما يقوم به الفرد أو المؤسسة من إجراءات وممارسات توصف بالمبادرة، تسهم في إيجاد مشروعات جديدة، تقوم على فكر ابتكاري وتنظيمي تُعد إضافة في مجالاتها إذ تحقق احتياجات ورغبات أفراد المجتمع، وفي الحقيقة تعمل الريادة على الربط الوظيفي بين المعرفة وتطبيقاتها؛ إذ إنها حاضنة لترجمة الأفكار إلى أفعال تتسم بالابتكارية وبالمخاطرة في ذات الوقت رغم قيامها على التخطيط المرتبط بأهداف طموحة.
 
وحري بالذكر أن التعليم أحد أدوات التطوير للذات وللمؤسسات؛ فبواسطته يتم اكتساب الاتجاهات نحو مهارات العمل الحر من خلال مجموعة المبادئ التي تسهم في تحقيق متطلبات القدرة التنافسية والتي تلبي احتياجات ومتطلبات سوق العمل، وتساعد في حل مشكلات المجتمع، وتعمل على تحقيق أمنياته الحالية والمستقبلية، وتقوم على المخاطرة وتحمل المسئولية، وتركن إلى مهارات الابتكار، والتطلع إلى كل ما هو جديد يتوافق مع ثقافة المجتمع.
 
وتؤكد القيادة السياسية في إطار اهتمامها بالتنمية على ضرورة أن يتحول التعليم من مساره التقليدي لحيز الريادة التي تزيد من إحساس الفرد بالاحترام الذاتي، والثقة بالنفس، عن طريق التشجيع والرعاية والاهتمام وتنمية المواهب والابتكار، ومن ثم تنمو المهارات والقيم التي تزيد من فرص العمل التي تتاح بعد التعليم؛ ليتمكن الفرد من التخطيط لمسيرة حياته وفق ما يمتلكه من مهارات ريادية.
 
ويهدف التعليم الريادي إلى رفع مستوى وعي المتعلم عن العمل الريادي كخيار واقعي لبناء مستقبله الوظيفي، وتكوين اتجاهات إيجابية لديه نحو العمل الحر، كما يؤدي التعليم الريادي إلى تنمية مقدرة المتعلم على الإبداع والابتكار، وأخذ المبادرة لإنشاء مشاريع جديدة، ومن ثم يكتسب المهارات اللازمة للعمل الحر، ليتمكن من إيجاد فرص العمل، غير باحث عنها، وهو ما يؤدي إلى احترامه لذاته وتعزيز ثقته بها. 
 
ويكمن سر الاهتمام بالتعليم الريادي في فلسفته التي تقوم على الربط بين ما تسعى إليه نظريات التعلم من خلال تطبيقاتها الوظيفية في البيئة التعليمية، وما تنادي به نظرية الاستثمار في رأس المال البشري؛ حيث وجوب تنمية المهارات وتنمية المواهب البشرية من خلال التعليم، وهذا ما يشكل الثروة والمورد الذي يحقق أهداف الدولة.
 
وتستند استراتيجية التعليم الريادي على الكفايات التي تُمكن الفرد من مواجهة التحديات الاجتماعية، والاقتصادية، والتغيرات التي يمر بها في حياته، كما تمكنه من تحرير ما لديه من موهبة ليصل إلى مرحلة الابتكار في تخصصه النوعي؛ إذ يسعى الفرد الريادي لإيجاد عمل لائق يوفر له سبل العيش الكريم، ويعزله عن براثن البطالة في صورها المتباينة، مما يحدث استقرارًا سياسيًا للدولة، ويعزز الرصيد المهاري الذي يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية على المستوى المحلي والإقليمي.
 
وتستهدف ريادة الأعمال تنمية مقدرة الفرد الابتكارية من أجل الحصول على مصدر دخل قائم على جودة ما يقدمه من خدمات للآخرين؛ ليقدم سلعة اقتصادية مطلوبة لها ميزة تنافسية في ضوء ما هو متوافر، وتقدم الدولة المصرية الدعم اللازم لريادة الأعمال وتحض مؤسساتها على الاهتمام بحاضنات ومسرعات أعمال الريادة بغية إيجاد أسواق جديدة، ينتج عنها فرص جديدة، وبالتالي توظيف أكثر وتشغيل أيدٍ عاملة، وهذا يؤدي إلى نهضة اقتصادية مأمولة، كما أن ريادة الأعمال تُسهم في إيجاد تنافس محمود فيما يقدم من خدمات أو منتجات، ما يصب في مصلحة المستهلك بكل تأكيد.
 
والخبرات الدولية تؤكد أن ريادة الأعمال وما تتضمنه من أنشطة تساعد في إيجاد فرص عمل على المدى الطويل، ومن ثم تحدث تغيرات جوهرية في هيكل سوق العمل المحلي والدولي، وتعمل على توظيف الموارد بالصورة التنموية المستدامة؛ إذ تحقق أعلى إنتاجية منه في ضوء الاستغلال الأمثل للتقنية؛ حيث هناك ربط وظيفي بين نتائج العلم وسوق العمل، وما يقدمه من سلع وخدمات تحقق الرفاهية المرتقبة للمجتمعات البشرية قاطبة، وبناءً عليه أدركت القيادة السياسية ضرورة تفعيل ريادة الأعمال من خلال تعليم يوظف التقنية في تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين وصولًا للريادة التي تحقق التنمية في مسارتها المختلفة بشتى قطاعات الدولة المصرية.
 
وتشجع الدولة المصرية على الريادة؛ حيث تحض القطاعين العام، والخاص على الاهتمام بالأعمال الريادية بغية تنميتها وتطويرها، وتهيئ المناخ الاستثماري الذي يساعد على جذب الرياديين وظهورهم في المجتمع، كما تقدم الدعم الكامل نحو الانفتاح على الأسواق العالمية باستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، كما توفر البنية التحتية المناسبة، والقوانين والتشريعات التي تدعم الشراكات والاستثمارات على المستويات الإقليمية والعالمية.
 
ومن مظاهر اهتمام الدولة بالريادة، حرصها على إصلاح سوق العمل بالاهتمام المتزايد بالتعليم الفني والتقني لتوظيف المواهب على المستويين المحلي والعالمي في ضوء الاحتياجات المرتبطة بمتطلبات هذا السوق ومهاراته المتغيرة، ومن ثم يضاف رصيد التعليم الفني والتقني ليصبح داعمًا لاستراتيجية التنمية المستدامة للدولة وفق مخرجاته الزاخرة بذوي المهارات العالية.
 
وتعقيبًا على ما سبق نود الإشارة إلى أن قاطرة النهضة تكمن في توفير البيئة الداعمة لاستثمار العقول في كافة التخصصات، ولا يتأتى ذلك بعيدًا عن تضمين المناهج أنشطة مقصودة تستهدف تنمية قدرات الطلاب الريادية بالسلم التعليمي كاملًا، وأعتقد أن هذا يضمن على المدى القريب والبعيد مكانة جمهوريتنا الجديدة وريادتها على المستويين الإقليمي والدولي، ويعزز من تحقيق غاياتها الكبرى.
 
حفظ الله بلادنا، وكلل جهود قيادتنا السياسية لتحقيق مزيد من الأمن والسلام والاستقرار والنهضة والازدهار لمصرنا الحبيبة. 
 








الموضوعات المتعلقة

السلام والأمن.. رؤية مصر 2030

الأربعاء، 10 مايو 2023 10:10 ص

الحوار الوطني فكر متجدد

الخميس، 04 مايو 2023 09:46 ص

الحوكمة.. رؤية مصر 2030

الأربعاء، 03 مايو 2023 10:07 ص

الاستدامة البيئية.. رؤية مصر 2030

الأربعاء، 26 أبريل 2023 09:36 ص

مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة