في ظل احتدام الصراع بين القوى العظمى والتي أنتج اضطرابات سياسية واقتصادية وأمنية بالغة الخطورة وتُنذر بتهديد للبشرية، جاءت القمة الروسية الأفريقية التي انعقدت لمدة يومين بحضور الرئيس الروسى ورؤساء ومسؤولين من 49 بلداً أفريقياً، لتدق ناقوس الخطر، وتدافع عن مصالحها بمناقشة وبحث عدة قضايا تشغل بالها لتحدد مصير شعوبها في ظل عبث ما يحدث تجاها من قبل المجتمع الدولى، وفى اعتقادنا أن هذه القمة أكدت أن القارة السمراء أصبحت لاعباً متزايد الأهمية على المسرح العالمي في ظل حالة من التنافس العالمى على استقطابها.
لذلك فهناك ثمار للقمة، وأول هذه الثمار أنها أصبحت مركز قوة جديد وما يُعزز ذلك ما رأيناه من توافق بين روسيا الاتحادية وأفريقيا حول مواجهة الهيمنة الدولية وتضامن روسيا مع أفريقيا نحو عالم متعدد الأقطاب، خاصة أن نظام القطب الواحد استغل عدة ملفات لصالح أجندته فقط، مثل ملف المناخ وتوظيف حقوق الإنسان لأغراض سياسية، واتباع سياسة إملاء القواعد بدل القوانين.
المكسب الآخر – في رأينا - أن القمة الأفريقية الروسية كانت بمثابة دعوة صريحة إلى عالم متعدد الأقطاب تريد القارة السمرة أن تشغل مكانة مرموقة، وتسعى فيه لتعميق وتعزيز التعاون الدولي والشراكة من أجل التنمية الأفريقية.
وفى اعتقادنا أيضا رؤية مصر كانت من أهم المكاسب والثمار الحقيقة لهذه القمة، خاصة أن الرئيس السيسى طرح رؤية وصفها الكثير بالوضوح والمهمة، وذلك للخروج من الظرف الدولى الراهن، لتأكيدها أن الدول الأفريقية ذات سيادة ويتعين أن تبقى بمنأى عن مساعى الاستقطاب فى الصراعات، ودعوتها المتكررة لأن يكون هناك صوت أفريقى مؤثر وفعال داخل المحافل الدولية، وتأكيدها أيضا على ضرورة حل أزمة الأمن الغذائي من خلال حل توافقى بشأن اتفاقية تصدير الحبوب.
إضافة إلى مكسب آخر، وهو طرح التسوية السلمية للأزمة الروسية الأوكرانية من جديد على المسرح العالمى، حيث تم إطلاق مبادرة الوساطة الأفريقية لتسوية الأزمة عبر مسارات التفاوض والحوار السلمى.
نهاية.. القمة الروسية الأفريقية كان لها ثمار عدة، وستحقق قطعا نتائج عظيمة، نرى أبرزها ما حدث من تقارب في كثير من الملفات ليمنح القارة مركزا جديدا للقوة في ظل النظام العالمى الجديد، ويزيد من دورها السياسى ما يجلب لها منافع عدة وثمار عديدة في ظل التنافس العالمى بشأنها..