تأتى ذكرى نصر أكتوبر العظيم 1973 ويكثر الحديث حول هذه الحرب، ويُسرب للإعلام تسريبات على أنها تفاصيل أو كواليس أو وثائق، ليكون السؤال لماذا؟.. ببساطة دائما ما تحرص إسرائيل وأتباعها على تعكير فرحة المصريين والعرب بهذا الانتصار، وأعتقد أن آخر الأكاذيب كانت حول أشرف مروان وأنه جاسوس لإسرائيل، لكن في اعتقادى أن الأمر تخطى أن يكون محاولة لتعكير أجواء الفرحة بل وصل إلى حرب نفسية كبرى تحشد إسرائيل كل قواها بهدف نقل روح الهزيمة للمصريين والعرب، مستغلين حالة السوشيال ميديا والعالم الافتراضى وسلاح الشائعات، والهدف كل الهدف قتل كل ما هو جميل لدينا وهذه هي عادتهم.
ومهما كانت الأمور، سيبقى انتصار السادس من أكتوبر 1973 علامة فارقة ونقطة مضيئة فى تاريخ مصر والوطن العربي، بل العالم أجمع، لما ولا.. وقد حقق المصريون إعجازا تاريخيا ما زال يدرس فى جميع الكليات والأكاديميات العسكرية حول العالم، بالفحص والدرس، لذلك سيظل نصر أكتوبر يٌمثل إزعاجا وضيقا لإسرائيل يراودهم في يقظتهم وأحلامهم، وبمجرد تذّكره تحل خيبة أملهم وتتحطم أساطيرهم على صخرة الحسرة والعار.
لهذا هم يكرهون نصر أكتوبر ويخافون، فرغم مرور 50 عاما ما زالت رسائل أكتوبر حاضرة وملهمة في عالمنا اليوم، وأعتقد أن أول هذه الرسائل هي أن حرب 1973 أكدت استحالة سياسة فرض الأمر الواقع، فمهما تفعل أي دولة محتلة لم ولن تنجح فى تكريس سياسات أو ترويج أساطير، فحتى لو حققت مكاسب وقتية، لكن في نهاية الأمر تبقى الحياة والأوطان لأصحابها، وهو ما عززته حرب أكتوبر في العقول، بعد أن أثبتت للعالم استحالة إجبار الشعوب، لذا هم يخافون من فشلهم في فلسطين.
أما الرسالة الأخرى، وهى أن حرب أكتوبر أكدت على أهمية التضامن العربي، خاصة أنه في هذا الحرب شعر العرب ولأول مرّة في تاريخهم المعاصر بالخطر على أمنهم القومي والاستراتيجي، لذا هم يخافون من عودة هذا التضامن وتبدد أحلامهم وتتحطم طموحاتهم.
وإذا كانت حرب أكتوبر 1973 انتهت برفع راية النصر والبدء فى مفاوضات سلام، لكن قدر الله أن تدخل مصر حربا أخرى وتنتصر من أجل سيناء لكنها حرب كانت تحت مظلة القضاء والتحكيم وتعود طابا إلينا، لذا فهم يخافون من عبقرية المصريين ونفسهم الطويل في الصمود.
لتأتى أحداث 2011 وما بعدها ويعود الخطر من جديد وتهدد سيناء بالضياع على يد قوى الشر والضلال والإرهاب، لينتفض المصريون كعادتهم معلنين من سيناء خط أحمر ويدخلون معركة أو حرب رابعة من أجل أرض الفيروز، لتكون نتائج الانتصار الكبير في أكتوبر عزة وكرامة وإعادة تعمير سيناء وبدء مشروعات ربطها بوادي النيل والعمل علي تحويلها إلي منطقة إستراتيجية متكاملة، لذا هم يخافون من عمار المصريين وتعميرهم..
لهذا فهم يكرهون وسيظلوا كارهين لكل مناسبة تذكرهم بنصر أكتوبر فلا تُصدق ما يقال وما يروج عن نصر شهد به القاصى والدانى، وما زالت تقتبس العلوم العسكرية في العالم أجمع من فيضه وإعجازه حتى الآن، فمها هي إلا حرب نفسية لأناس انهزموا ويريدون نقل هزيمتهم إلينا لكن هيهات..