كانت الساعة الواحدة صباح 4 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1974، حين بدأت جلسة التحقيق الأولى مع الشيخ إمام عيسى، بعد القبض عليه مع الشاعر أحمد فؤاد نجم، وآخرين، صباح 3 سبتمبر 1974، فى القضية التى اشتهرت إعلاميا وسياسيا باسم «شرفت يا نيكسون بابا» نسبة إلى القصيدة التى ألفها «نجم» بمناسبة زيارة الرئيس الأمريكى نيكسون إلى مصر فى 12 يونيو 1974.
يذكر صلاح عيسى فى كتابه «شاعر تكدير الأمن العام»، أن المحقق سأل الشيخ إمام عن أقواله فيما هو منسوب إليه، واستجوبه فى نصوص القصائد التى يلحنها ويغنيها بهدف تحديد مسؤوليته عن ارتكاب جريمة «بث الدعايات المثيرة وإذاعة البيانات والإشاعات الكاذبة والمغرضة»
قال الشيخ إمام: «اسمى إمام محمد عيسى، سنى 56 سنة، مقيم بشارع المعز لدين الله، عطفة حوش قدم، رقم 2، أنا لا أهاجم أشخاصا وإنما أهاجم أوضاعا، فمثلا الشعب كله يعانى الأمرين من الوقوف فى الطوابير للحصول على ضروريات حياته، وهناك ناس بتأخد مهايا مرتفعة ومئات الأشخاص لا يجدون قوت يومهم، وهاجمت حرب 1967 لأنها لم تكن حربا، وقلت هذا الهجوم فى قصائد ألفها أحمد فؤاد نجم ولحنتها أنا، وأنا لا أقول شيئا غير الغنوة، وأقصد بالهجوم الذى قلته، أننى ألحن قصائد تتضمن هذا الهجوم، ولكننى لا أؤلفه، وهناك أشخاص قد يقولون تعليقات أمامى فيها هجوم على الأوضاع، وهم كثيرون جدا، لا أعرفهم، مع مراعاة أننى كفيف البصر، وأنا أتمنى أن كل المصريين يعيشون حياة رغدة، وفى رأيى أن مثل هذا ممكن التحقق، إذا كان هناك أشخاص أمناء يُفهمون رجال السلطة، إن الأقلية مرتاحة، والأكثرية متعبة جدا، وهذا الرأى الذى قلته احتفظ به لنفسي، ولا أقوله إلا أمام بعض رجال حتى من فرانين ونجارين، عندما أجلس على القهوة ويلتقى بى الناس ونتكلم».
أضاف الشيخ إمام: «أنا أؤيد حرب أكتوبر وأعتقد أنها بشرة خير، وعملنا فيها غنوتين «دولا مين» و«عطشان يا صبايا» أحمد نجم ألفهما، وأنا لحنتهما، وهما تمجيد لحرب أكتوبر وبطولاتها، ولما حضر «المستر نيكسون» إلى مصر، أنا عملت له زفة تمرمغ به الأرض، فقد ألف أحمد فؤاد نجم، قصيدتين هما شرفت يانيكسون بابا، والثانية هى نويت أصلى، تتضمنان هجوما على نيكسون، ولحنتهما وغنيتهما».
سأله المحقق عن صلته بالأشخاص المقبوض عليهم من أسرة فيلم «العصفور» ليوسف شاهين، وكان الفيلم معروضا فى دور السينما منذ 26 أغسطس 1974، وقدم أغنية «مصر يا أمة يا بهية» كلمات نجم وغناء إمام، وكان ضمن المقبوض عليهم الممثل على الشريف، وعلى بدرخان مساعد مخرج، والفنانة اللبنانية جلاديس أبوجودة، التى ظهرت فى الفيلم باسم «حبيبة».
يذكر صلاح عيسى أن الشيخ إمام أجاب، قائلا: «أعرف منهم على بدرخان على أساس أنه مشترك فى إخراج فيلم «العصفور» الذى لحنت فيه أغنية «بهية» وهى مصر، وللعلم لم ينشر اسمى كملحن لها بالفيلم، ولا أحمد فؤاد نجم كمؤلف، وأعتقد أن الأستاذ على بدرخان أحبنى بعدما سمع لى هذه الأغنية، وأعرف على الشريف وأساس هذه المعرفة أنه الذى يغنى أغنية بهية فى الفيلم، ولم يحصل بينى وبينه أى نقاش سياسى، لأن صلتى به حديثة».
وحول صلته بآخرين، قال عن الشاعر نجيب شهاب الدين: «هو صديق أراه أحيانا ويسافر أحيانا لبلده، وكتب لى قصيدتين أعجبتانى، واحدة تقول «يا مصر قومى وشيدى الحيل»، والثانية تقول «سايس حصانك»، والأولى سياسية تدعو الشعب للالتفاف حول مصر، وليس فيها هجوم، والثانية غنائية فلكلورية وليست سياسية، ولحنت القصيدتين وغنيتهما فى جلسات خاصة لأنى لا أقترب من الإذاعة منذ سنة 1968، كأوامر من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لأنى كنت أهاجمه فى الأغانى، وهاجمته فى سنة 1967 بعد النكسة، ونجيب شهاب الدين، شخص مصرى يحب مصر».
وقال عن سيف الغزالى: «لا أعرفه إطلاقا»، وقال عن محمود حسن عاشور: «أعرفه وهو نحات تلقائى ولا يعرف القراءة ولا الكتابة وهو أيضا يحب مصر، أما عيد عبدالرحيم حسنين، فهو جارى بالمنزل، ويحب أن يصاحبنى فى مشاويرى لمعاونتى باعتبارى كفيف البصر وليس له فى السياسة، أما عبدالرحمن خير، فصلتى به كصلتى بالأستاذ إبراهيم شعراوى باعتبارهما يحبان مصر حبا جما، وأى آراء يبديانها ليست إلا لمصر، وفى حبها».
سأله المحقق عن سبب وجود حشيش أمامه وقت القبض عليه، أجاب: «لم يحصل، ولا شميت حشيش، ولا شربت حشيش، وأنا بقالى شهر مبتعد عن الحشيش لعلمى أنه يضر بصحتى»، وفى نهاية الجلسة أمر المحقق بحبس الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم على ذمة التحقيق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة