اختتمت فعاليات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية 2023 وبقى الإنجاز وانتظار الثمار، وأبدأ بالإنجاز وأعتقد أنه يتمثل فى دور مصر العالمى، فقد أثبتت للعالم نجاحا وريادة خاصة أن هذا المؤتمر يأتى بعد 29 عاما من آخر انعقاد، ما يعنى اهتمام مصر بالقضايا العالمية من أجل السلام والتنمية والخير للبشرية، خاصة أن قضية الزيادة السكانية أصبحت ظاهرة عالمية الكل يبحث عن حلول لها في ظل تعدد أزمات الأمن الغذائي وتحديات التغيرات المناخية، ومشكلات الاقتصاد العالمى وتأثيراتها على البشرية بزيادة الفقر والجوع في المجتمعات، خلاف إثبات مصر للعالم كله أن لديها القدرة على استضافة أكبر وأهم المؤتمرات العالمية لما تتميز به من مؤهلات سياسية واجتماعية وما لديها من جهود ومبادرات من الممكن أن تستفيد بها المجتمعات في ظل الحركة النهضوية التي تتمتع الدولة المصرية منذ 2014.
أما على المستوى المحلى، فمصر حققت كثيرا من المكاسب وفى انتظار كثيرا من الثمار، فهذا المؤتمر بمثابة فرصة كبيرة ومنصة مهمة لطرح وتناول المشكلة السكانية، إضافة إلى إطلاق مصر استراتيجيتها الوطنية للسكان والتنمية 2023-2030"، أمام محفل عالمى كبير مثل هذا قطعا يُعظم من الاستفادة، ويبعث برسائل عدة، خاصة أن هذه الاستراتيجية تستهدف تحقيق التوازن بين السكان والتنمية من خلال تعزيز الصحة الإنجابية وتمكين المرأة والاستثمار في الشباب وتحسين فرص التعليم ورفع الوعي بالقضايا السكانية.
الأمر الآخر المهم، هذا المؤتمر يُعزز من جهود الدولة المصرية وتطلعها للنجاح في قضية تنظيم الأسرة إعلاميا ومجتمعيا ودينيا فمصر تعتبر قضية تنظيم الأسرة بمثابة مشروع استثمارى كبير نجاحه يحقق لها أرباحا وفوائد عديدة، فلك أن تتخيل أن كل جنيه يتم صرفه على تنظيم الأسرة يوفر 151.7 جنيه في قطاعات التعليم والصحة ودعم الغذاء والإسكان.
وبما أن قضية التمويل من أهم القضايا التي تُساهم في نجاح أي مواجهة أو تحرك لأنه دون تمويل فنكون أمام اجتماعات وتوصيات كلامية دون القدرة على تحقيقها على أرض الواقع، لذا أعتقد أن أهم توصيات المؤتمر هى زيادة التمويل الدولي والمحلي لبرامج السكان والصحة والتنمية من أجل التنفيذ الكامل والفعال لبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 توصية مهمة وجادة نحو تفعيل الرؤى والأهداف إلى واقع على الأرض.
وكذلك من الإشكاليات التي كانت تعيق مواجهة الزيادة السكان كانت دائما الحملات والتحركات مركزية، لذا فإن توصية إطلاق مبادرة لتفعيل وتنشيط العمل بمجال السكان والتنمية في المحافظات الأكثر إنجابًا (مرسى مطروح، أسيوط، سوهاج، قنا، المنيا) خطوة مهمة نحو التوجه نحو اللامركزية، لأن ما يصلح لقطاع الصعيد لا يجوز للوجه البحرى، فهناك ثقافات وموروثات وعادات وتقاليد مختلفة، غير أن هذا تحركا جادا نحو معالجة الخصائص السكانية بشكل عملى.
ومن باب الرقابة والمتابعة لتنفيذ التوصيات، هناك توصية في غاية الأهمية وهى تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ توصيات المؤتمر من الأمانة الفنية للمجلس القومي للسكان، ووزارة الصحة والسكان، بحيث لجنة المتابعة إعداد تقرير "مجمع" عن تقدم العمل نحو تنفيذ التوصيات، ويتم عرض التقارير التي أقرتها اللجنة بشكل دوري على وزير الصحة والسكان ولعرضها على دولة رئيس مجلس الوزراء والرئيس السيسى... حفظ الله مصرنا الغالية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة