بات واضحا وضوح الشمس أن إسرائيل باتت تتبنى استراتيجية قضم الأراضى، بعد الانتهاء من استراتيجية الانتقام بتدمير مقومات الحياة في غزة وفى الضاحية الجنوبية بلبنان، وبعد اغتيال عدد كبير من قادة وكوادر المقاومة وصلت لاغتيال أعلى هرم القيادة فى حركة حماس يحيى السنوار وإسماعيل هنية، وكذلك في حزب الله، بدءا من الأمين العام للحزب وأهم رجالاته، لتبدأ في تنفيذ استراتيجية قضم الأراضى لإعادة الاستيطان.
والخطورة أن تنفيذ استراتيجية بدأ بالفعل، حيث تم إعلان فصل شمال قطاع غزة عن وسط وجنوب مدينة غزة، وبدء تنفيذ خطة الجنرالات لتهجير 300 ألف فلسطيني، وذلك من خلال إنشاء سواتر ترابية وشق طرق جديدة ونسف البنية التحتية بالروبوتات المفخخة، وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع.
والقضم ببساطة، هو الاستيلاء على الكلّ انطلاقا من الاستيلاء على الجزء، وهو ما يفعله نتنياهو في غزة، وفى لبنان، وما يحدث أيضا في الضاحية يؤكد أنه بدأ أيضا في استراتيجية القضم بعد الغزو البرى المحدود ثم استهداف قوات حفظ السلام، غير مواصلة شن الغارات العنيفة وتدمير البنية التحتية حتى يفتح الطريق للقوات البرى في السيطرة على الأراضى بشكل محدود للانطلاق للأمام حتى يتم الانتهاء من منطقة آمنة.
وعلينا أن لا ننسى أن لفرض الأمر الواقع، وضياع الحس بالمواطنة يؤمّن نجاح الخطة، فالخطة الإسرائيلية الممنهجة على مدى سنوات طويلة لتدمير حياة الفلسطينيين في كليهما، والتي تعمَّقت في ظل الحكومة الإسرائيلية الراهنة الأكثر تطرفاً وعنفاً، وهو ما يجب أن يدركه الفلسطينيون واللبنانيون، لأن الأمر لم يعد مقولات للدعاية، بل باتت سياسة تُطبق أمام مسمع ومرأى العالم كله، المُصاب بصمت غريب، بينما تتعامل تل أبيب بثقة غير مسبوقة بأن لا أحداً في هذا الكون يمكنه وقف إسرائيل.
إذن.. علينا أن ننتبه أن المخطط هو طرد الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان، وفق قناعات صهيونية راسخة بأن كل فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر لا تحتمل قوميتين أو شعبين، بل شعب واحد يرى نفسه الشعب المختار الذي يعلو على باقي البشر.