ما يفعله نتنياهو يؤكد أنه يصمم على الهروب للأمام واتساع رقعة الصراع، لعدة أسباب أولها استغلال الفرصة التاريخية لتحقيق أهدافه الخبيثة من حيث التوسع والاستيطان وتهجير الفلسطينيين والبنانيين، وكذلك للهروب من المساءلة والمحاكمة جراء تحميله فشل عملية طوفان الأقصى، وكذلك للهروب من مستنقع حرب غزة بعد فشله فى تحقيق أهدافه وايضا للاستفادة من دعم الولايات المتحدة والغرب لإضعاف نفوذ إيران فى الإقليم، بل وصل إلى سعيه فى وضع الولايات المتحدة فى مواجهة مباشرة مع إيران وذلك من خطابات له فى الكونجرس والأمم المتحدة، وذلك استثمارا لحالة الانشغال وحدث الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وأيضا بعدما اصيب بغرور القوة بعد نشوة الانتصار في ظل تحقيقه لإنجازات واختراقات كبيرة ونوعية وغير مسبوقة لحزب الله وصلت إلى اغتيال الأمين العام حسن نصر الله وعدد كبير من قادة الحزب وعناصره واختراقه لقلب طهران واغتيال إسماعيل هنية، وإثبات التفوق التكنولوجى والقدرة الاستخباراتية لدرجة وصلت به إلى أن يحلم بأن سيعيد النظام فى منطقة الشرق الأوسط ويرتبه من جديد وفقا لرؤية إسرائيل.
لكن أعتقد أن نتنياهو أصيب بانكسار، وذلك بعد صمود الفلسطينين، وحزب الله وقيام المقاومة من حماس وحزب الله بعمليات حتى الآن رغم القصف والتدمير والاغتيالات، وكذلك الرد الإيراني الذى خرج كثيرا عن قواعد الاشتباك المتفق عليها، وأحدث خسائر وإصابات ووصف بأنه هجوم عنيف رغم التقليل منه من البيت الأبيض، ما جعله يصاب بجنون الانتقام وذلك بالإصرار على اتساع رقعة الصراع لصناعة نصر جديد.
لهذا، فإن نتنياهو - فى ظنى - سيستمر فى التصعيد وفتح كل الجبهات، ولن يتراجع عن الرد المعاكس على إيران باستهداف أهداف استراتيجية وخاصة مخازن النفط، دون استهداف البرنامج النووي.
لذلك، كل السيناريوهات باتت مفتوحة ومتوقعة، خاصة أن نتنياهو يصمم على "قصقصة" أجنحة إيران وحلفائها في المنطقة والقضاء على محور المقاومة كهدف استراتيجى لهذا الحرب وهو ما أعلنه في الأمم المتحدة والكونجرس وفى خطاباته السياسية، محاولا بكل الطرق جرّ أمريكا للانخراط في المعركة ضد إيران.
والخطورة الحقيقية - فى اعتقادى - أن كل المعطيات تؤكد الولايات المتحدة تتفق مع نتنياهو وتدعمه رغم إعلان البيت الأبيض وبايدن أنهم لا يرغبون في حرب إقليمية، وأنهم يرفضون ضرب المشروع النووي الإيراني، ما يعنى أنهم يتبعون سياسة الخداع الاستراتيجي كغطاء لنتنياهو من جهة ومن جهة أخرى تنفيذ مشروعها وإعادة هيمنتها على الإقليم بعد أن هددت هذه الهيمنة خلال السنوات الماضية من خلال ترك نتنياهو يفعل ما يشاء، وهو ما يجب أن نضعه عين الاعتبار.
لتنتهى تلك المعطيات، بأن نتنياهو يفكر في الاستفراد بغزة، وإخراج حزب الله من معركة طوفان الأقصى، بل وصلت أحلامه لنزع أسلحة الحزب، وقضم أراضى وراء النهر الليطانى، وهذا كله لا يأتي إلا بإضعاف الحزب وإلحاق خسائر كبيرة بقياداته وكوادره وقواعده الشعبية وذلك لتقليل نفوذه ووزنه السياسي في الساحة اللبنانية، ما يسمح لتغيير المعادلة السياسية تُلبي بشكل أفضل المطالب والمعايير الإسرائيلية والأمريكية، وأيضا للتوسع فى الاستيطان فى الضفة وغزة، ما يجعل استحالة قيام دولة فلسطينية..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة