معلوم أن زكاة الفطر واجبة على كل مُسلم يملك قوت نفسه وكفايته وكفاية من تلزمه نفقته ليوم العيد وليلته بعد حاجاته الأصلية مما يستطيع أن يؤدى به زكاة فطره، لذلك فهى تحمل رسائل مهمة ومعانى جميلة لما لها من أبعاد دينية وروحانية واقتصادية واجتماعية.
ومن معانى زكاة الفطر الجميلة، أنها تفرض على الأغنياء والفقراء معا، ولهذا حكمة عظيمة، لأن عدم اشتراط الغنى لإخراجها يحقق مقصدا تربويا وأخلاقيا في المجتمع، وهو تدريب المسلم على الإنفاق في السراء والضراء والبذل في اليسر والعسر.
غير أن الفقير عندما يخرج زكاة الفطر - قطعا - سيستشعر جمال العطاء، وسيعلم أن هناك من هو أقل منه فيحمد الله تعالى على ما هو فيه، ويكفى أن هذه الفريضة تُعزز من التكافل المجتمعى، فما من أسرة ولا بيت إلا يسعى ويبحث عن كل فقير، فالفقير يبحث عن ما هو أفقر منه، والجمعيات الخيرية تكثف من العمل ليل نهار للتوزيع على الفقراء والمحتاجين، لنصل للعيد ولا يوجد بيت بلا طعام ولا شراب، فلا تتعكر فرحة العيد، فالكل يفرح والكل يطهر صيامه من الأخطاء، لنتحلى جميعا بالمبادئ الجميلة، كالتسامح وصلة الرحم، ولم العائلة، والتعاون والتكاتف والتضامن لإعادة بناء جسور المحبة والود التي انقطعت بفعل طغيان الحياة المادية وسيطرة وسائل الحداثة في حياتنا وانهيار منظومة القيم.
والأجمل أن فى زكاة الفطر يد الفقير تكون دائما العليا، حيث يسعى الغنى للفقير يبحث عنه ويجتهد للوصول إليه بالتصدق وبالتضامن، ولإحياء مفهوم الأخوة الإنسانية خاصة فى هذه الأيام وفى ظل ظروف تحتاج منا جميعا إلى التسارع إلى سبيل الخيرات والأفعال الطيبة التي فيها النفع للمحتاجين والمعوزين.
لذا، علينا أن نفرح بـ زكاة الفطر ونعمل على إخراجها، لأن بالصدقة يُعالَج المريض، ويتعلَّم الجاهل، ويأكل الجميع، ويتوفر للفقراء مصدر مستدام للعيش الكريم، ولو كان هناك مجتمع دولى عادل، لأدرجها كأضخم عمل لمكافحة الجوع والفقر في العالم، لما تحدثه من إسعاد كل فقير سواء على سد حاجته أو شعوره بأن هناك من هو أفقر منه، وفائدة ذلك كله على المجتمع وتحقيق التكافل بين أفراده ومؤسساته.
وأخيرا.. علينا أن نعلم أن الأصل الذي جاءت منه كلمة صدقة بشكل عام هو كلمة صَدَقَ، فالصدقة دليل على صدق الإنسان، لأن من سُنن الصدقة أن يتصدَّق الإنسان بيمينه، فلا تعلم يمينه ما أخرجت شماله.. فاللهم قبولا وصدقا..