مؤكد أن خطاب بايدن ومقترح إنهاء الحرب في قطاع غزة بمثابة فرصة أخيرة لإسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وفى – اعتقادى – أنها باتت أمام خيارين لا ثالث لهما، الأول ضرورة وقف القتال لأنه الملاذ الأخير لها بعدما تلقت خسائر وهزائم على كل المستويات الأيام الماضية سواء خسائر في الميدان أو هزائم استراتيجية، خلاف الفشل العسكرى في تحقيق الأهداف الثلاثة المعلنة منذ 7 أكتوبر 2023 رغم حجم التدمير وأعمال الإبادة التي ارتكبتها والعزلة الدولية التي تعيشها، والخيار الثانى تغيير الحكومة المتطرفة إذا أرادت البقاء واسترداد مكانتها الدولية بعدما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارات باعتقال رئيس حكومتها المتطرف نتنياهو ووزير دفاعه جالانت.
صحيح إسرائيل هي إسرائيل، التي لا ترى إلا أهدافها وأحلامها ولا تعرف إلا تجنيد الولايات المتحدة لتشويه القانون الدولي وحمايتها، لكن تدخل بايدن واتخاذ خطوات فورية يجب على إسرائيل اتخاذها قبل الوصول إلى الهاوية، يؤكد أن الولايات المتحدة قررت أخيرا أن تتخلى عن سياسة المراوغة إلى سياسة الحسم خدمة لإنقاذ إسرائيل من نفسها.
لكن يجعلنا أيضا نقدر صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته وما بذلته جهود الوساطة والتحركات السياسية والدبلوماسية خاصة من قبل الدولة المصرية التى بذلت جهودا مضنية – لا ينكرها إلا جاحد أو حاسد أو كاره - على كل المسارات وفرضت إرادتها في النهاية لوقف الحرب.
نعم مصر فرضت إرادتها، وتتجلى هذه الإرادة باستضافتها اليوم اجتماع ثلاثى يضم مسؤولين من الولايات المتحدة وإسرائيل بمشاركة مصرية، لمناقشة تطورات الأوضاع، في ضوء الرفض المصري الكامل للعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية وتمسكها بانسحاب كامل لجيش الاحتلال من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح البرى كي تستأنف تشغيل المعبر من الجانب المصري، في ظل رغبة تل أبيب في فرض واقع سياسي جديد.
وفرضت مصر أيضا إرادتها بإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، وإخراج الجرحى الفلسطينيين لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية منذ أكتوبر الماضي، وكذلك نجاحها في تكثيف التحركات سياسيا ودبلوماسيا لحشد الجهود الإقليمية والدولية لتشكيل محور رافض لسياسة الاحتلال الإسرائيلي في غزة، ليعلم العالم كله أن صمود الفلسطينيين مع الإرادة المصرية هما ما أوجدا الضغط الأمريكي الحقيقى لوقف الحرب من خلال مقترح بايدن الجديد،
لذا، فإن الإرادة وحدها هي من وقفت في وجه إسرائيل، لأنها لم توافق في أي يوم على أي قرار للمجتمع الدولي وهى المحصنة والمحمية دائما من قبل أمريكا، والمسموح لها بالاستخفاف بكل العالم على مر العقود.. فتحية تقدير لصمود المقاومة والشعب الفلسطيني وحفظ الله مصر الذى تثبت دائما أن السند والداعم الأكبر للقضية الفلسطينية..