تعيش منطقة الشرق الأوسط أوضاعا خطيرة للغاية فى ظل التصعيد العسكرى الإسرائيلى ولجوء الاحتلال إلى سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية، وذلك مع استمرار عدوانه الغاشم على قطاع غزة لليوم الـ 300 على التوالى وسط صمت دولى مخزى ودعم أمريكى لجريمة الإبادة الجماعية التى يرتكبها جيش الاحتلال بتزويد واشنطن اليمين المتطرف فى إسرائيل بكافة سبل الدعم المالى والسياسى لإشعال الإقليم.
الواقع الحالى فى منطقة الشرق الأوسط هو ناتج عن السياسات الأمريكية الخاطئة خلال السنوات الماضية التى ظنت أن العمليات العسكرية فى العراق وسوريا وغيرها من الدول، ستمكنها من بسط سيطرتها ونفوذها فى منطقة الشرق الأوسط إلا أن هذه التحركات أفرزت قوى إقليمية أخرى تمكنت من تحقيق نجاحات من الفشل الأمريكي، وبسط هذه القوى المدعومة من إيران سيطرتها الكاملة على مفاصل أربع دول عربية، مما شكل إزعاجا لواشنطن التى ظنت أنه بإمكان إسرائيل مساعدتها فى العودة لبسط هيمنة الأمريكان على الإقليم.
ومع استمرار الفشل الأمريكى جرى توافق بين واشنطن وتل أبيب على التنسيق والعمل المشترك لمواجهة قوى إقليمية صاعدة تهدد النفوذ الأمريكي، وكانت أولى خطوات التنسيق هى العودة لسياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية وقد وصل الأمر إلى الذروة باغتيال القيادى فى الحرس الثورى قاسم سليمانى ونائب رئيس الحشد الشعبى العراقى أبو مهدى المهندس فى العاصمة بغداد، ورغم ذلك لم تفلح واشنطن فى تغيير أى شيء داخل المعادلة السياسية والعسكرية داخل العراق.
الاغتيالات والتصفية الجسدية ضد الفلسطينيين هى سياسة قديمة لجأ لها الاحتلال الإسرائيلى بشكل كبير عقب الانتفاضة الأولى عام 1987 حتى توقفت بشكل مؤقت عقب توقيع اتفاق أوسلو مع الرئيس الراحل ياسر عرفات فى تسعينيات القرن الماضى إلا أن جهاز الموساد عاد لاغتيال شخصيات فلسطينية فى الخارج والداخل على فترات قصيرة، وذلك فى إطار رغبة إسرائيل فى القضاء على أى صوت فلسطينى يطالب بالسلام أو المفاوضات.
لا شك أن عملية اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية لم تتم بشكل فردى من الجانب الإسرائيلى وإنما بمساعدة ودعم كامل من المخابرات المركزية الأمريكية التى تقدم لإسرائيل المعلومات الاستخبارية وصور الأقمار الصناعية حول تحركات قادة الفصائل المسلحة فى الإقليم سواء حماس والجهاد فى غزة، حزب الله فى لبنان، الحوثيون فى اليمن، الكتائب المسلحة فى جمهورية العراق، وتشير التقديرات الأولية أن عملية اغتيال هنية تمت بتنسيق وتشاور كامل بين واشطن وتل أبيب، لإنقاذ سمعة إسرائيل التى تضررت بشكل كبير عقب أحداث 7 أكتوبر 2023 التى أثبتت الفشل الكامل للمؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تجميل صورتها فى الإقليم والتأكيد على تمسكها بالشراكة مع دول الشرق الأوسط لكن هذه السياسة الأمريكية الخادعة باتت مكشوفة لكافة الدول العربية، حيث أثبت الأمريكى أن هدفه الوحيد فى الإقليم تقديم كافة سبل الدعم لإسرائيل سواء كان ذلك على أنقاض دولنا العربية التى تأمل فى العيش بسلام واستقرار كاملين، وهو ما لا تقبله واشنطن إلا بعد تطبيع إسرائيل لعلاقاتها مع دول المنطقة وبات ذلك صعبا للغاية من انكشاف الوجه الحقيقى للاحتلال الإسرائيلى المتطرف والمجرم الذى أباد الأخضر واليابس فى غزة
ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط خطير جدا ويتطلب وبشكل عاجل تنظيم اجتماع عربى مشترك يتم فيه ترتيب الصفوف ووحدة الكلمة، ووضع استراتيجية عربية وطنية موحدة للتصدى للمشاريع التخريبية للولايات المتحدة ولجم الاحتلال الإسرائيلي، والضغط على دول الاتحاد الأوروبى وغيرها من القوى الدولية لملاحقة إسرائيل المتطرفة وفرض عزلة إقليمية ودولية على اليمين المتطرف الحاكم لإسرائيل والأهم العودة لسياسة المقاطعة الاقتصادية لكافة المنتجات والسلع الإسرائيلية حتى تتوقف حكومة الاحتلال بشكل كامل عن التصعيد العسكرى والاغتيالات المستمرة ضد القيادات الفلسطينية بشكل خاص والعربية بشكل عام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة