سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 21 سبتمبر 1955.. إلغاء المحاكم الشرعية والقضاء الملى وشيخ الأزهر يصفها بالخطوة التحررية وجماعة الإخوان تهاجمها وتعتبرها «لا دينية»

السبت، 21 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 21 سبتمبر 1955.. إلغاء المحاكم الشرعية والقضاء الملى وشيخ الأزهر يصفها بالخطوة التحررية وجماعة الإخوان تهاجمها وتعتبرها «لا دينية» عبدالرحمن الرافعى
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان يوم 21 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1955، موعدا لإصلاح حاسم، لم يكن محتملا أن تقدم عليه حكومة غير حكومة الثورة، وهو إلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية وإحالة اختصاصها أى دعاوى الأحوال الشخصية والوقف إلى المحاكم الوطنية، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «ثورة 23 يوليو».


يذكر «الرافعى»: «الأصل أن يخضع جميع السكان على اختلاف جنسياتهم وأديانهم لقوانين البلاد ومحاكمها، ولجهة قضائية واحدة بصرف النظر عن نوع المسائل التى تتناولها خصوماتهم، أو القوانين التى تطبق عليها، ولكن جرى الحال على غير هذا القانون، فكانت جهات القضاء فى مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين أنفسهم متعددة، وكل جهة تطبق قوانينها وتتبع إجراءاتها الخاصة بغير أن يكون هناك صلة تربطها، أو هيئة عليا تسرف على قضاتها، رغم أن الدولة استردت سلطتها بالنسبة للأجانب بإلغاء المحاكم المختلطة منذ سنة 1949».


يؤكد «الرافعى» أن مصر ورثت نظام تعدد جهات القضاء فى مسائل الأحوال الشخصية عن الماضى، فقامت المحاكم الشرعية، وقام إلى جانبها القضاء الملى «خاص بالمسيحيين»، وتعددت أيضا جهات القضاء الملى، فكان لكل طائفة قضاؤها الخاص وقوانينها الموضوعية الخاصة، مما أدى إلى الفوضى والأضرار بالمتقاضين، حيث استتبع تعدد جهات القضاء رغبة كل جهة فى توسيع دائرة اختصاصها والاعتداء على سلطة غيرها، خصوصا مع عدم وجود حدود دقيقة أو ثابتة لاختصاص كل منها، واستتبعت هذه الفوضى تنازع المحاكم بينها، وتعددت الأحكام التى تصدر فى النزاع الواحد، وكان المتقاضون ضحية تلك الفوضى، فجاء هذا القانون علاجا لتلك الحالة.


يذكر «الرافعى» أن القانون الجديد ينص على: «ابتداء من أول يناير 1956 تلغى المحاكم الشرعية بالمحاكم والمجالس الملية، وتحال الدعاوى المنظورة أمامها لغاية 31 ديسمبر سنة 1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار النظر فيها، وفقا لأحكام قانون المرافعات وبدون رسوم جديدة، وبالنسبة للدعاوى الجديدة التى كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو المجالس الملية، فإنها ترفع أمام المحاكم الوطنية، ونص هذا القانون على أن تشكل بالمحاكم الوطنية دوائر جزئية وابتدائية واستئنافية لنظر قضايا الأحوال الشخصية والوقف التى كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو المجالس الملية، وأن تتبع أحكام قانون المرافعات فى الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف».


ونص القانون على إلحاق قضاة المحاكم الشرعية بالمحاكم الوطنية أو نيابات الأحوال الشخصية، أو الإدارات الفنية بوزارة العدل، وأجاز للمحامين الشرعيين الحضور أمام المحاكم الوطنية على أن يكون حضور كل منهم فى الدرجة التى كان مقبولا أمامها فى المحاكم الشرعية.


قوبلت هذه الخطوة بترحيب كبار الشيوخ، ونشرت الصحف المصرية يوم 26 سبتمبر 1956 التهانى منهم، وذكرت «الأهرام» فى 28 سبتمبر 1955 خبرا مع صورة للإمام الأكبر شيخ الأزهر عبدالرحمن تاج، وهو يشكر الرئيس عبدالناصر على هذه الخطوة التحررية، غير أن جماعة الإخوان هاجمتها، وجاء موقفها عبر فرعها فى سوريا، ويذكر الدكتور عبدالله فوزى الجناينى فى كتابه «ثورة يوليو والمشرق العربى 1952-1956»: «عقدت الجماعة اجتماعا يوم 30 سبتمبر 1955، عقب صلاة الجمعة فى الجامع الكبير بحلب، استنكرت فيه ذلك القرار، ووزع المكتب التنفيذى التابع لها منشورات فى سوريا بعنوان «طاغية مصر يحارب الإسلام»، قالت فيه: إن عبدالناصر بإلغائه المحاكم الشرعية يؤسس اللادينية فى مصر، ويتأسى بخطوات مصطفى كمال أتاتورك فى القضاء على الإسلام».


وفى حمى الهجوم على ثورة 23 يوليو، استدعى خصومها من الجماعة وغيرها قصة «سيف والفيل» القاضيين الشرعيين بالمحكمة الشرعية بالإسكندرية والمتهمين بالرشوة الجنسية فى يوليو 1955، لتزعم أن القصة ملفقة للتخلص من هذه المحاكم، غير أن المستشار محمد سعيد العشماوى كان ممن حققوا فى هذه القضية، ورغم أنه من المعارضين للثورة، فإنه يشهد بصحة الاتهامات الموجهة للشيخين، ومما جاء فيها بالنص: «بدأت تنتشر، فى الآونة الأخيرة، مقالات فى الصحف والمجلات عن إلغاء المحاكم الشرعية فى مصر، ممن لا يعرف ما يكتب ولا يعى ما يقول، تدعى رجما بالتقول وزعما بالتعمّل، أن هذا الإلغاء-الذى حدث سنة 1955- كان لأسباب سياسية، أو لانفعال أحد ضباط «انقلاب عام 1952» من حكم صدر ضد رغبته من هذه المحاكم، وتتعدد الأسباب، لتوهم ظنا بغير الحقيقة، وقولا يلقى بغير دراسة، أن هذه المحاكم كانت مثالية ومنضبطة، وأن إلغاءها كان ظلما وبهتانا، ويترتب على ذلك- فى الظن العليل والفهم الكليل- أن الإسلام كان هو المستهدف الحقيقى من وراء ذلك وجراء ما حدث».


«ولما كنت الوحيد الباقى على قيد الحياة، من هيئة المحكمة، وتشكيل النيابة العامة، وأعضاء الدفاع عن المحامين، ورجال الشرطة، الذين قاموا بالضبط، وشهدوا فى المحاكمة، فى قضية تعرف باسم قضية «الفيل سيف» كشفت عن الفساد الذى كان يجرى على ألسنة الناس، من المتقاضين أمام المحاكم الشرعية، وبذلك رؤى إلغاء هذه المحاكم ودمج قضائها وقضاتها ضمن القضاء العادى».










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة