محمود حمدون يكتب: العدد فى الليمون.. ثقافة تقتل الإبداع

السبت، 14 نوفمبر 2015 10:00 م
محمود حمدون يكتب: العدد فى الليمون.. ثقافة تقتل الإبداع ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لكل شعب ثقافة خاصة تؤثر على تصرفات أبنائه وتدفعهم لتبنى سلوكيات حياتية محددة، وكلما تباينت الثقافات تباينت سلوكيات الناس وتمثل الثقافة هنا الموروث الشعبى أو جملة الحكم والأمثال التى تؤثر فعليًا على حياتهم وعلى العقل الجمعى بالمجتمع.

"العدد فى الليمون".. واحدة من المقولات التى نتندر بها والتى تعكس طريقة تفكيرنا فى كثافة العدد فالكل يتساوى فى النهاية ولا تأثير من وجهة نظر الكل للمجموع، فنحن لا نؤمن بالتفرّد وبقدرة الفرد على التغيير.
ولعل هذه المقولة وغيرها تمثل معضلة كبرى أصلّت لكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.

"العدد فى الليمون".. مقولة تختزل فكرا شموليا يقتل الإبداع ويختصر المجتمع فى قطعان من البشر، ذات رؤية موحدة، وتضع قيودا ثقافية على الرؤى المغايرة للتفكير السائد، ولعل هذه المقولة كانت ولا تزال سببا رئيسيا فى شيوع ثقافة "حزب أعداء النجاح" فهؤلاء يعملون وفق المقولة السابقة ويؤمنون بها ولذا يكرهون ويحاربون من يختلف معهم فى التفكير وينقلب العداء لحرب شعواء لكل من حقق لإنجازا ولو جزئيا، خاصة على المستوى العام.

وبسبب العدد فى الليمون.. لم ننظر (كمجتمع) للكثافة السكانية باعتبارها موردًا بشريًا ورأس مال طبيعيًا يمكن توظيفه للخروج من الكثير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وتوافق هذا مع رأى للنخبة، إذ ترى أن الكثافة السكانية هى مجرد أعداد لا أهمية لها ولا طائل من وراءها وهى (من وجهة نظرهم) عبء على الدولة واقتصادها.
ووفقًا لهذا تبنت الدولة ومنذ عشرات السنين مناهج اقتصادية مستوردة من الخارج لا تراعى خصوصية المجتمع.

ظلت الدولة حقل تجارب للأكاديميين من حملة الدكتوراه فى الاقتصاد وغيره كل يأتى من الخارج متسلحًا بنظريات ورؤى اقتصادية مبشّرا بقدرتها على حل المشكلات ومنتهيا بفشل ذريع .

اليابان.. دولة يندر أن تجد بها موردًا طبيعيًا، وهى مع هذا مثال لدولة تبنت منهجًا اقتصاديًا خاصًا بها نابعًا من ثقافتها المحلية، بدأت عقب انهيار وتدمير اقتصادها وبنيتها التحتية بالكامل عقب الحرب العالمية الثانية، لم تستورد نموذجا اقتصاديا من الغرب كما فعلنا، بل اعتمدت على موردها البشرى فقط، اهتمت بمراجعة ونقد الموروث الثقافى الذى يرسخ للتبعية .

الأكيد أن "العدد فى الليمون" منهج ثقافى سيطر على الأذهان والعقول وأثّر على كافة الخطط التنموية السابقة والحالية.
المؤكد أن صلاح وعلاج مشكلاتنا الاقتصادية رهن بتغيير الكثير من الأفكار التى تسود مجتمعنا وعلى رأسها، الإيمان العميق بقدرة المورد البشرى على الارتقاء بالدولة والتعامل معه كثروة لا كعبء .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة