الأخلاق التى يدير بها مصطفى مدبولى مكانه الجديد كقائم بأعمال رئيس الوزراء، تستحق التأمل والدراسة، وزير الإسكان يتحمل الآن مسؤولية كبيرة فى إدارة مجلس الوزراء لحين عودة الدكتور شريف إسماعيل سالما، بإذن الله، من رحلته العلاجية، وكل الذين يتابعون دولاب العمل فى مجلس الوزراء يعرفون حجم الأدب الهائل ومساحات الحرج البرىء الذى يشعر به مصطفى مدبولى فى شغل هذه المكانة، فالرجل يمشى على حرف بين إصراره على أن تتحرك الحكومة بنفس الجدية والحماس كأن المهندس شريف لم يترك موقعه لحظة، وفى نفس الوقت يحافظ الدكتور مصطفى ببراعة ورقى على تفادى أى فعل أو موقف يجعل ظهوره فى المشهد العام لافتا للانتباه، أو مستثمرا غياب المهندس شريف ليسوق لنفسه سياسيا وجماهيريا وبرلمانيا على الطريقة المصرية القديمة فى قفز الحواجز وحرق المراحل.
هذا المشهد لا ينبغى أن يمر مرور الكرام من ناحية القيمة الأخلاقية التى يجسدها وزير الإسكان الدكتور مصطفى مدبولى، ففى نماذج مشابهة رأيناها بأعيننا من قبل، تكون الفرصة التى أتيحت للدكتور مصطفى مساحة للاستعراض الإعلامى، وإظهار العضلات الترويجية، والسعى لبروزة قراراته فى الإدارة، والعمل على إضافة رصيد مميز لشخصه وطموحه السياسى على نحو مبالغ فيه، لكن العكس تماما هو ما جرى فى حالة الدكتور مصطفى، فهو حريص على أن يكون المهندس شريف إسماعيل هو الحاضر الغائب داخل مجلس الوزراء، ويتعفف عن القرارات المنفردة، ودائم الدعاء العلنى للدكتور شريف إسماعيل، شفاه الله وعافاه، ومثابر على حالة من التراجع الإعلامى وتفادى الأضواء حتى فى المناسبات التى ربما يتوجب عليه الظهور فيها، وحتى فى القرارات التى اتخذها بشجاعة وجلبت ردود فعل جماهيرية جيدة، أصر مصطفى مدبولى على أن يحصد الثمرة زملاؤه من الوزراء فى الحكومة، وأن يؤخر نفسه خطوة أو خطوتين لتقديم هذا المثل فى العمل داخل الكواليس، والقيام بحمل الأمانة التى كلفه بها المهندس شريف دون أن تخرج من الأدراج المناورات والحيل والألاعيب السياسية المعتادة للظهور فى الكادر أو المنافسة فى الكواليس، وكم من الحيل غرقت بها مصر لسنوات، نظن الآن أننا قد شفينا منها مع هذا النموذج الذى قدمه القائم بأعمال رئيس الوزراء.
أضف إلى ذلك أن ديوان وزارة الإسكان يعمل بنفس الكفاءة رغم الأعباء الكبيرة التى ألقيت على عاتق الدكتور مصطفى، لم يتعطل ملف واحد، أو اجتماع واحد، أو زيارة واحدة، تحت شعار الانشغال بأعمال مجلس الوزراء، على العكس، مضت وزارة الإسكان بنفس نشاطها الكبير خلال الأسبوعين الماضيين، ومضى مجلس الوزراء بكفاءة كبيرة، لم يتأخر فيها طلب لوزير، أو مشروع للمناقشة، أو لقاء يتحتم عقده، أو قرار يتعين اتخاذه داخل المجلس أو داخل أى من وزارات الحكومة.
هذا النموذج الراقى يستحق الاحترام، وهذا الاختيار المشرف للقائم بالأعمال يصب كذلك فى رصيد الدكتور شريف إسماعيل نفسه الذى أحسن اختيار القيادة التى تتولى المسؤولية فى الوقت المناسب.
ونسأل الله أن يعود شريف إسماعيل بالسلامة.
ونسأل الله أن تكون الإدارة بالأخلاق هى عقيدة مصر الدائمة الآن وفى المستقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة