◄ "الثعلب الضال" عن التواصل مع مؤسسات أجنبية: "الناس دى شركاءنا ولازم نسمع لهم"
◄ نائب المنوفية يخاطب جهات خارجية محرضا على قانون الجمعيات الأهلية
◄ السادات فى مكالمة هاتفية: "بتواصل مع أجانب كتير وبتكلم معاهم عن القانون"
◄ "الثعلب الضال" يصدر شيكين لشركة دنماركية بـ500 ألف دولار ويمتنع عن السداد
◄ مجلس الشعب يسقط عضوية "السادات" فى 2007 بعد حكم الاستئناف بإفلاسه
◄ النائب يقدم ورقة منسوبة لـ"الاستئناف" بقبول التماسه والمحكمة تنفى صحتها
◄ أين ذهبت ثروة "الثعلب الضال" بينما أشهر إفلاسه بسبب نصف مليون دولار؟
◄ هل يستخدم السادات أسماء وممتلكات زوجته وأبنائه الثلاثة فى تلقى تمويلات؟
◄ جمعية السادات المملوكة لـ"الثعلب الضال" تتلقى عشرات الملايين فى 10 سنوات
◄ أبناء عصمت السادات يمتلكون 3 أحزاب سياسية للتغطية على تجارتهم وصفقاتهم
السقوط منظومة متكاملة، لا تنفصل فيها حلقة عن أخرى، إذ لا يستقيم أن ينهار البيت وتظل الصور والبراويز معلقة على حالها، إن سقط الأساس سقطت كل الصور، وإن تداعت الجدران تعرّى السكان، ولا عُرى أكثر من الفساد، والإفلاس، واتهامات التزوير، والطرد من البرلمان، لا عرى أكثر من أن تكون "ثعلب ضال" بالأدلة والشواهد والمعلومات والصفقات والملايين والأفدنة والتمويلات والشبهات، وبحكم محكمة.
محمد السادات
محمد أنور السادات قصة طويلة تختزل التجارة بكل أصل وثابت لقاء كل مصلحة وعائد، تختزل احتراف السقوط، وكيف يكون الرجل ذا ألف وجه، لكل موقف وحدث وحديث وصفقة وتجارة وعقد ومكسب، وجه يخصه وينسجم معه، هنا قد تكون المصلحة فى المعارضة، فليكن ادعاء المعارضة شعارا، وهناك يمكن أن يكون التحالف مع الخارج أكثر إفادة، فلنتحدث لغة الخارج، حتى لو كان التعاقد المسموم هو استدعاء الخارج ليعبث بتشريعات مصر، أو أن تكون بعض الدول والمؤسسات رقيبا على البرلمان ونوابه ومناقشاته وصلاحياته الدستورية، هكذا أرادها السادات وسعى لها، ومن حقنا أن نسأل النائب الذى انتخبه الناس ليكون عونًا وعينًا لهم، كيف يمكن لمن يتحدث عن الوطنية أكثر مما يعمل لها، أن يستدعى من يعلم عداءهم ويستعديهم على الدولة ومؤسساتها؟ وكيف يكون الأجانب شركاء فى صنع قانون وطنى أيها "الثعلب الضال"؟
"الإفلاس".. عقدة "مافيا عصمت"
فى 1924 حدث تحول كبير فى عائلة السادات، بدأ باغتيال السير "لى ستاك"، حاكم السودان العام، ما دفع الجيش الانجليزى لتقليص أعماله هناك، وانعكس الأمر على محمد السادات، العامل ضمن الفرق الطبية المعاونة للقوات الانجليزية، فعاد الرجل لمصر، منتقلا من حالة الوفرة المالية إلى شظف العيش، واستقر به المقام فى منزل بسيط فى "كوبرى القبة" بالقاهرة، بزوجاته الثلاثة وأبنائه الكثر، منتقلين من المقام القديم فى قرية "ميت أبوالكوم"، التى كان "السادات" الجد واحدًا من ناسها المهمشين والفقراء.
محمد السادات فى البرلمان
خلال السنوات التالية، كانت الحياة المتواضعة عنوانًا للأسرة كبيرة العدد، ويبدو أنها تركت أثرًا كبيرًا ومتناقضًا فى نفوس الأبناء، وشعورًا ضاغطًا بالفقر و"الإفلاس" ومقت الهامش، وبينما دفع هذا الشعور الابن الأكبر "محمد أنور" للتفوق والالتحاق بالكلية الحربية سنة 1936، لصنع نجاحه وأسطورته الخاصة وصولا لرئاسة مصر، قاد الأخ "عصمت" إلى التحقق بطرق مختلفة، هروبًا من قسوة الشعور بـ"الإفلاس"، مؤمنًا بالثروة والسطوة والنفوذ وسيلة وحيدة للتحقق واكتساب أهمية لم تمنحه إياها الحياة العادية والمستوى التعليمى المتواضع والقدرات المحدودة، فكان المال، حلالا أو حراما، علاج عصمت لعقدة النقص القديمة، وحبل النجاة من السقوط فى بئر الإفلاس.
السادات يشارك الأجانب فى قوانين مصر
عقدة الأصل التى قادت عصمت السادات وأبناءه للتورط فى كل ضلال ونقيصة، أو بحسب وصف المحكمة لها فى حكمها القاضى بإدانتهم بالفساد، بأنهم "عصابة ثعالب ضالة ومافيا تمص دماء المواطنين"، هى نفسها التى قادت "أنور" لاحقًا للتقرب من نظام مبارك، وعقد روابط وصداقات وصفقات مع عدد من وزرائه ورجاله التنفيذيين، والحصول على مساحات شاسعة من الأراضى، وبناء قصور وفنادق ومولات، والشجار والصراع على تصدير الغاز لإسرائيل، وتأسيس جمعية أهلية لتلقى التمويلات تحت لافتات وعناوين اجتماعية، وبعدها تقرب من جماعة الإخوان ونظام حكمها، وظهر مع "مرسى" فى لقاء فاضح ومهدد للأمن القومى، فقط كى يبقى "الثعلب الضال" حاضرا، وفقط كى يحافظ على مصالحه.
احتراف التلون واللعب بكل الأدوات المتاحة، وفر للسادات فرصة دائمة للمناورة والتحول وتغيير المواقف، وبعدما تقرب من كتلة الأغلبية فى مجلس النواب الحالى، وخدعها بادعاء التوافق والعمل وفق رؤية موحدة، ليحصل على رئاسة إحدى اللجان النوعية، بالشكل الذى يمكنه من التحرك بحرية أوسع من كونه نائبا عاديا، غيّر "الثعلب الضال" قبلته وتحرك عكس الاتجاه، تواصل مع جهات خارجية وفتح قنوات اتصال مع مؤسسات سياسية وأهلية دولية، وفى الشهور الأولى من عمر البرلمان استقبل السادات مخاطبات ومهاتفات وأرسل تقارير ومعلومات تخص عمل المجلس، ووصل الأمر ذروته باصطحاب 11 نائبا فى رحلة لـ"جنيف" دون علم المجلس أو موافقته، وكانت المحطة الأكثر انكشافا وتجاوزا تسريبه لمشروع قانون الجمعيات الأهلية.
لم يكن "الثعلب الضال" يتخيل أن تنكشف الدائرة المغلقة من العلاقات التى يوظف فيها موقعه البرلمانى لتوطيد صلاته بجهات خارجية، تم الأمر بالمصادفة البحتة، سفير إحدى الدول الأجنبية يلتقى وزيرة التضامن ويناقشها فى مشروع القانون، تسأله عن كيفية وصوله ليده، يخبرها أنه حصل عليه من السادات، فتتقدم الوزيرة بشكوى رسمية لرئيس المجلس ضد النائب، ويضع المجلس التفاصيل وعناصر الصورة إلى جوار بعضها، المخاطبات والتقارير، شكوى الاتحاد البرلمانى الدولى، وفد "جنيف"، وأخيرا تسريب القانون، ليجد النائب نفسه أمام فضيحة ضخمة، متعددة الأركان ومكتملة التفاصيل، وهنا كان عليه اتباع الاستراتيجية نفسها، الدوران والتلون وتبديل الأقنعة، فكانت فكرة ادعاء المعارضة وتطوير الهجوم وتغيير وجهة القضية الأساسية بالحديث عن موازنة المجلس وسيارات هيئة المكتب.
تليفون "الثعلب الضال" يؤكد إدانته
الفترة التالية فى رحلة سقوط "الثعلب الضال" برلمانيا وسياسيا، شهدت اتباع استراتيجية للإنكار والتبرؤ من التهمة، والعمل على محاور عدّة لتسويقها وإشاعة حالة من البلبلة والارتباك، فاستغل النائب عددا من تابعيه وحلفائه العاملين بحقل الإعلام، ضمن حملة علاقات عامة واسعة للتضليل والتدليس، تدفق خلالها سيل ضخم من المعلومات المغلوطة والتصريحات المنحرفة عن أصل القضية، وبوساطة مستشاره ونائبه فى رئاسة حزب الإصلاح والتنمية، خالد هيكل، الذى قال إنه قبل استقالته بعد واقعة إهانته للمجلس ورئيسه، والحقيقة أنه ما زال رجله الأول وذراعه الأيمن، تمكن "الثعلب الضال" من خلق حالة من الفوضى، استكملها مؤخرا بتسريب مكالمتين مسجلتين من هاتفه مع شخصين مجهولين، بحسب ما أكدته مصادر قريبة من دوائر السادات، يحاول من خلالهما نفى التهمة وإثبات براءته من تسريب مشروع القانون.
المفاجأة أن "الثعلب الضال" كان ضالا فى وهمه، إذ تحمل المكالمتان دليل تأكيد على الأمر لا نفى، ففى إحداهما يتحدث السادات مع شخص يعدد له قائمة تجاوزاته التى تضمنتها شكوى وزيرة التضامن ضده، ومنها حديثه مع مدير مكتبها وإخباره بأنه تواصل مع جهات أجنبية وأن عددا منهم سيخاطبونه وعليه الحديث معهم والإجابة على أسئلتهم، وعقب انتهائه يبدو الارتباك والتوتر على صوت "السادات"، يصمت لثوان ثم يتحدث متلعثما، ليعترف بالتواصل مع بعض الجهات ومخاطبة مدير مكتب الوزيرة، وأن هذا أمر عادى وطبيعى، وبالفعل قابل كثيرين من الأجانب الذين أثاروا معه موضوع القانون، وفى المكالمة الثانية يتحدث الرجل مع مجهول آخر، عن اتصالات تلقاها من منظمات دولية طلبت منه الاطلاع على القانون وتسجيل ملاحظاتها عليه، وأنه أكد أحقيتهم فى هذا، بينما استفسروا فى حديثهم عن خضوع جمعيات الجاليات والسفارات للقانون، وكان حديثه يشى بانحيازه لرؤية الجهات التى يتحدث عنها، وتأييد توجهها لإخراجها من ولاية القانون، وفى هذه المكالمة يقول بالنص: "الناس بيقولوا إحنا شركا، ومهم إن إحنا نستمع"، وحقيقة لا ندرى كيف يكون الأجانب شركاء فى قانون وطنى؟ وكيف يقبل "الثعلب الضال" هذه الشراكة على "جثة القانون"، أو مشروع القانون الذى أراده جثة، فسربه وتحدث عنه مع الخارج وحرض عليه.
محمد السادات خلال ترؤس لجنة حقوق الإنسان
إسقاط عضوية "الثعلب الضال" بالبرلمان
الآن يقف "السادات" مواجهًا تهمة التزوير، واحتمال الطرد من البرلمان، وبينما يصور الأمر على أنه محاولة لإسكاته والتخلص منه، فالحقيقة أن الطرد إن حدث هذه المرة فلن يكون الأول، ففى ملفات "الثعلب الضال" سابقة للطرد، كما فى ملفاته سابقة للإدانة بالفساد.
فى 27 مارس 2007 أصدرت محكمة استئناف شمال القاهرة "الدائرة 64"، حكمًا نهائيا بإفلاس محمد أنور عصمت السادات، وتعيين رئيس الدائرة 30 "إفلاس كلى" قاضيًا للتفليسة، وأمرت بوضع الأختام على أمواله ومحل تجارته ومخازنه، وانتدبت لذلك رئيس القلم التجارى بالمحكمة، وجاء الحكم على خلفية ضمان "السادات" لشركة دنماركية، بشيكين بقيمة 500 ألف دولار، وفى وقت لاحق أفلست الشركة الدنماركية، وفوجئ وكيل الشركة صاحبة الحقوق المالية بأن رصيد السادات لا يغطى حقوقها، فرفع قضية ضده وحصل على حكم بإفلاسه.
على خلفية الحكم قررت لجنة اللجنة التشريعية بالمجلس، نهاية مايو 2007، إسقاط عضوية نائب المنوفية، التزاما بأحكام قانونى التجارة فى مادته 588، وممارسة الحقوق السياسية فى مادته الثالثة، اللذين يقطعان بأنه لا يحق لمن يُشهَر إفلاسه أن يكون ناخبًا أو عضوًا فى البرلمان لحين رد اعتباره، وبالفعل خرج "السادات" مطرودًا من المجلس لـ"فقدان الثقة والاعتبار"، بينما كان شقيقه الراحل طلعت، شريكه فى "عصابة الثعالب"، يقضى عقوبة الحبس بعد إهانته للقوات المسلحة.
التفاصيل السابقة ملخص سريع للقصة، ولكن الأمر لم يكن بهذه البساطة، وبينما كان الحكم والقانون الوقائع كلها تنهى وجود "الثعلب الضال" تحت قبة البرلمان بهدوء ودون حاجة لجدل ونقاش، كان للرجل رأى آخر، ينسجم مع ما يواجهه الآن بشأن تهمة "تزوير توقيعات النواب"، فالنائب محمد أنور السادات قدم وقتها ورقة للمجلس، قال إنها صادرة عن محكمة الاستئناف، تشير إلى قبولها التماسه وتحديد جلسه لنظره بتاريخ 30 مايو، أى بعد 72 ساعة فقط من اجتماع اللجنة لاتخاذ قرار إسقاط عضويته، ولكن المفاجأة أن المستشار حاتم بجاتو، مساعد وزير العدل وقتها، نفى علاقة المحكمة بالورقة، وفى ضوء النفى تواصل المجلس مع وزير العدل ورئيس المحكمة، وتأكد من التزوير، فكان قرار الطرد.
السؤال الأكثر إلحاحا فى قضية الإفلاس السهل بسبب 500 ألف دولار فقط، هو أين ذهبت ثروة السادات الضخمة وقت القضية؟ وإن كان قد أفلس حقا وقتها، فمن أين حصل على المليارات التى يملكها الآن؟ الحقيقة أن القصة ملتبسة وتقبل الشكوك والتفسيرات، خاصة أن جزءًا كبيرًا مما جمعه السادات من ثروات وأموال، مسجل بأسماء زوجته وأبنائه الثلاثة، إضافة إلى حصص أخرى فى شركات مملوكة للعائلة، تدخل فيها أسماء زوجات وأبناء عفت وطلعت، فهل تحايل "السادات" على الشركة الدنماركية للهروب من دفع مستحقاتها؟ أم أفلس فعلاً ثم ما لبث أن جمع عشرات الملايين والفدادين والقصور والشركات والعمارات والمحلات والشقق فى 10 سنوات فقط؟ ترجيح أى سؤال منهما قد يحمل إدانة للرجل، وفى كل الأحوال يُوجب النظر فى ثروات العائلة، وكما كان عصمت السادات زعيما لـ"عصابة ثعالب" حسب وصف المحكمة، يمكن أن يكون أى من أبنائه زعيمًا لـ"عصابة ثعالب" أخرى، والتثبت الوحيد وسط دوامة الشبهات وعلامات الاستفهام، فى إخضاع عائلة عصمت بكل أجيالها والمتعاملين معها للفحص والتدقيق.
أدوات "عصابة الثعالب" لنهش مصر
لا يبدو احتمال الطرد من البرلمان نهاية لمسيرة "الثعلب الضال"، فالرجل الذى استغل اسم عمّه وتربح واستولى على الملايين الحرام، يجيد التكيف والتلون وإعادة الظهور بصور وأشكال شتّى، فعلها بعد 1983، وفعلها بعد 2007، وبالتأكيد سيفعلها بعد 2017 إن حملت بطاقة طرده الثانية من البرلمان، وأدواته فى هذا كثيرة ومتنوعة، وساحة العلاقات بالخارج ومراكز القوى الدولية مفتوحة ومتعددة المحاور.
ضمن أدوات "السادات" لوضع المكياج ومساحيق التجميل والتضليل على وجهه بين موقف وآخر، حزب الإصلاح والتنمية، الذى أسسه سنة 2009، ويتولى رئاسته منذ بدايته، ولا يسجل الحزب أى حضور سياسى مؤثر، ويكاد لا يعرفه أحد، بينما يتحكم فيه السادات ونائبه خالد هيكل بشكل كامل، والغريب أن "عصابة الثعالب" كلها اعتمدت النفاذ للحياة السياسية كواحدة من بوابات التغطية على حضورها الملتبس، وكانت الأحزاب وسيلتها الذهبية لهذا النفاذ، فمن حزب "الثعلب الضال"، إلى رئاسة شقيقه الراحل طلعت للحزب الوطنى الديمقراطى عقب ثورة يناير، قبل حكم القضاء الإدارى بحله، ثم تأسيسه لحزب "مصر القومى" بشراكة توفيق عكاشة، نائب التطبيع "ساقط العضوية"، وإلى جانب هذين الحزبين تمتلك العائلة وتدعم وتنفق على حزب "السادات الديمقراطى"، لتنتقل من حالة "التكويش" الاقتصادى إلى حالة "التكويش السياسى"، وتمتلك وحدها 3 أحزاب سياسية.
الحزب الوطنى قبل هدمه
العمل الأهلى المفترض فيه الانحياز للدور الاجتماعى والتنموى لم يسلم من الحضور ضمن أدوات "الثعلب الضال"، عبر جمعية السادات للتنمية والرعاية، التى تلقت عشرات الملايين من الجنيهات خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب ملايين أخرى تصدت وزارة التضامن لدخولها، على ما يبدو بعد تأكدها من شبهة موردها أو شبهة مصرفها، بينما تظل الأسئلة معلقة بشأن إمكانية استغلال شركات السادات ومكاتبه ذات التعاملات الدولية، والشركات والأصول المسجلة بأسماء زوجته وأبنائه، فى الحصول على تمويلات خفية وخارج الرقابة، فإذا كانت ثروته الضخمة قد اختفت وقت قضية الإفلاس، فلم تف بالتزامات ضئيلة لا تتجاوز نصف المليون دولار، فمن الوارد أن تكون الجهة التى أخفتها، بابا خفيا لتمرير تمويلات وتعاملات مالية خارج القانون.
محمد السادات
جمعية السادات، التى تلقت آلاف الدولارات فى 2014 لتوزيع 170 دراجة على شباب مركز تلا بالمنوفية، بحضور سفراء 4 دول أوروبية، فى واقعة غريبة وربما تحمل إشارات لعلاقات أقوى من تمويل وعدّة دراجات، فالقائمة اللامعة من السفراء قد تحضر لـ"السادات" أو تستحضره لما هو أكبر من "ركوب العَجَل"، والجمعية التى سعت للحصول على 1.2 مليون يورو لشراء "لعب أطفال" لأبناء قرية صغيرة، إضافة إلى عشرات التمويلات الضخمة لصالح مشروعات محدودة، أو لم تنفذ، يمكنها أن تكون ستارا جيدا لتسهيل الحركة فى المجال العام، خاصة أن صاحبها لا يفلت من التناقض الكاشف فى كثير من الأحيان، إذ قال فى بيان نشره عبر موقعه الشخصى مساء الجمعة، إن 98% من العاملين بالجمعية استقالوا، كما لم تنشر صفحة الجمعية عبر "فيس بوك" أى منشور منذ 6 شهور، وقبل منشورها الأخير بشهر واحد نشرت خبرا عن مؤتمر للجمعية استضافه فندق "سويس إن" الفخم بمدينة العين السخنة، وكان آخر نشاط أهلى مسجل للجمعية من خلال الصفحة فى 2014، وهو ما لا ينسجم مع حجم التمويلات التى تلقتها، فأين ذهبت ملايين التمويل الخارجى؟.
أنور السادات "الساقط دائمًا"
حكاية محمد أنور عصمت السادات منذ شبابه، وصولا إلى بدء شيخوته الآن وهو فى الثانية والستين من عمره، تحمل من المنعطفات ما يثير التساؤل، ومن الشبهات ما يستوجب التوقف، ومن التجاوزات ما يفرض الحساب، وليس حكم محكمة القيم بإدانته و"عصابة الثعالب"، إلا علامة على ما هو أكبر، والأمر نفسه فيما يخص إفلاسه وطرده من البرلمان فى 2007، ونشاط جمعيته الأهلية والملايين التى يتلقاها من الخارج، وتجاوزاته الخمسة فى حق مجلس النواب، سواء تسريب مشروع قانون قيد الإعداد والدراسة لسفارات أجنبية، واستدعائهم ليكونوا شركاء حاكمين فى إعداد قانون وطنى، أو تزوير توقيعات زملائه على مشروعات قوانين، أو شكواه للاتحاد البرلمانى الدولى ضد المجلس، حسبما قال رئيسه الدكتور على عبدالعال، وحتى وقوفه الآن أمام البرلمان متهمًا ومدانًا بالتزوير باعتراف 7 من الأعضاء، كلها وصمات تلاحق السادات، وحفر ومستنقعات تتلقفه وتتبادل استقباله.
كل المحطات تقطع بأن "الثعلب الضال" لا يقوم من سقطة حتى يتورط فى غيرها، سقط وطنيا وأخلاقيا فى 1983، سقط اجتماعيا وعائليا عندما استغل ضائقة ابن عمه المالية، سقط اقتصاديا عندما أفلس، فى لعبة أو تحايل أو سلب للحقوق، سقط سياسيا عبر رحلة طويلة من التلون والمواقف الرمادية وحزب كارتونى وعلاقات لا تعلو مستوى الشبهة مع وزراء ومسؤولين سابقين، تربح بفضلها وراكم ثروة ضخمة وإمبراطورية مترامية الأطراف، وسقط برلمانيا عندما طُرد من مجلس 2007 وقادته تجاوزاته للوقوف فى مواجهة الطرد فى 2017، وسقط إنسانيا بقائمة الشبهات المحيطة بجمعيته والملايين التى تلقتها، والمحصلة أن محمد أنور عصمت السادات سقط على كل المستويات، وما زال يواصل سقوطه، وأنه يمكن اختصار اسم "الثعلب الضال" ورحلته، فى أنه السياسى والبرلمانى ورجل الأعمال والناشط الاجتماعى والإنسان "الساقط دائمًا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة