انقسم إعلام إيران بين منتقدة للدور القطرى الراعى للإرهاب فى الإقليم، ومدافع عن الإمارة الصغيرة، وواقف إلى جانبها، بعدما بثت الوكالة القطرية تصريحات لأمير قطر تميم بن حمد آل ثانى، التى امتدح فيها دور طهران قائلا: "إن بلاده نجحت فى بناء علاقات قوية معها، نظرًا لما تمثله إيران من ثقل إقليمى وإسلامى لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار فى المنطقة عند التعاون معها، وهو ما تحرص عليه قطر من أجل استقرار الدول المجاورة، فيما وصف حزب الله بالحزب المقاوم" - على حد زعمه.
"لا ينبغى على إيران أن تعول على مواقف أمير قطر الأخيرة تجاهها، فلا يخفى على أحد دعم قطر للجماعات الارهابية لاسيما داعش".. توصية سياسية خرج بها محلل إيرانى على إحدى التقارير على موقع التلفزيون الإيرانى، عقب ساعات من تصريحات أمير قطر حول إيران.
وحذر المحلل السياسى الإيرانى مصطفى عبدلى، فى مقاله على موقع التلفزيون الإيرانى، بلاده من التعويل على مواقف أمير قطر، مشدد على أنه "يدعم الإرهاب"، قائلا: "لا ينبغى على إيران أن تعوّل على مواقف أمير قطر الأخيرة تجاهها، فلا يخفى على أحد دعم قطر للجماعات الإرهابية لاسيما داعش".
وأكد المحلل الإيرانى، على أنه لا ينبغى أخذ السياسيات الإعلامية لأمير قطر على محمل الجد، قائلا: "هناك اختلافًا بين السماء والأرض فى السياسيات الإعلامية والإعلانية لدولة قطر".
وعلى الجانب الأخر، وعلى عكس ما التوصيف الدائم من إعلام طهران لقطر بالدولة الراعية للإرهاب، وتميم بعراب التطرف فى المنطقة، خرجت بعد وسائل الإعلام للاصطياد فى الماء العكر، وإذكاء الفتنة القطرية ـ الخليجية، حيث قال تقرير بثه التلفزيون الإيرانى للمحلل راض محمد مراد، إن قطر ضحية مؤامرات سعودية وأمريكية فى المنطقة، زاعمًا أن هناك مؤامرة تم طبخها وراء الستار بين الرياض وواشنطن بشأن قضية التطرف، كى يتم إغفال الدور السعودى فى نشر الارهاب وبدلا منها تُتهم قطر.
فى السياق نفسه، دافعت وكالة تسنيم الإيرانية، عن الدوحة وزعمت أن تميم تراجع عنها إثر ضغوط سعودية، وزعمت وكالة تسنيم الإيرانية، وجود خلافات بين قطر والمملكة العربية السعودية، متابعة: "إن قطر مستاءة من تعزيز السعودية لدورها الإقليمى فى المنطقة والتى تسعى لعزلة سائر الدول العربية على حد تعبيره، لذا تسعى قطر لانتهاج سياسة مستقلة للتقارب مع باقى الدول العربية.
وأضافت الوكالة الإيرانية، أن الخلافات بين الدول العربية التى تطل من حين لآخر، تشير إلى أن مساعى السعوديين لتسويتها وتعزيز علاقاتها مع الدول العربية بائت بالفشل، واصفة هذه الخلافات العربية بـ "نار تحت الرماد" من الممكن اشتعالها فى أى لحظة - بحسب قولها.
وبحسب الوكالة تحاول قطر إعادة تعريف دورها عبر تشكيل تحالفات جديدة فى المنطقة ويمكن تفسير هذا من خلال علاقاتها الجيدة مع تركيا وروسيا وسعيها للتقارب من إيران، مشيرة إلى أن قطر كانت من بين الدول العربية التى أرسلت التهانى للرئيس حسن روحانى عقب فوزه بولاية رئاسية ثانية.
وزعمت وكالة تسنيم الإيرانية فى تقريرها، أن تميم تراجع عن هذه التصريحات كلامه إثر ضغوط سعودية، ودافعت عن تميم، قائلة، إن تصريحاته أصبحت ذريعة لشن هجوم سعودى عليها.
العلاقات الإيرانية القطرية رهان خسرته الدوحة
وفى وقت سعت فيه الدوحة للارتماء فى أحضان طهران والاحتفاظ بعلاقات دبلوماسية رسمية فى أعلى مستوياتها، بادلتها طهران العلاقات السياسية الرسمية، وجعل أبواق اعلامها أمام ساسة طهران، ونشر مقالات لهم على المواقع الإلكترونية التى تمولها، إلا أن الدولة الشيعية لم تلتفت إلى التصريحات والتهانى التى دوما يرسلها أمير الدوحة إلى الولى الفقيه (المرشد الأعلى فى طهران) فى مختلف المناسبات، إذ وصف إعلام طهران، الدوحة، بالدولة الأولى الراعية للإرهاب، وباعتراف ايضا من حكام طهران.
العلاقات المشبوهة لقطر لم تصل عند هذا الحد، فعقب تصاعد الحرب الكلامية بين الخليج وإيران، العام الماضى، عقب توترات نجمت عن سياسات طهران فى المنطقة، وقيام أغلب الدول الخليجية بسحب الدول سفرائهم من طهران بسبب الهجوم على سفارة المملكة فى طهران، اكتفت الدوحة باستدعاء سفيرها وتمسكت بعلاقات قوية مع حكام طهران.
وحاولت دويلة قطر الصغيرة اللعب على وتر القطيعة الخليجة الإيرانية العام الماضى، من أجل تحقيق طموحات الدولة الصغيرة لانتزاع دورا أكبر من مساحتها فى الاقليم، حيث تطلعت الدوحة للقيام بوساطة بين إيران والمملكة العربية السعودية، بعد أن اتخذ التوتر منحنا تصاعديا بين البلدين، واستندت تقارير إعلامية إيرانية، إلى مكالمة هاتفية بين الرئيس الإيرانى حسن روحانى وأمير قطر حاول فيها الأخير حث طهران على منح دولته الصغيرة هذا الدور.
شقيقة تميم تمول أفلام إيرانية
علاقات قطر بطهران لم تقف عند هذا الحد من تبادل الزيارات المختلفة، إذ مولت الدوحة بشكل مباشر الأفلام الإيرانية، وكشف طهران مؤخرًا عن تمويل "مؤسسة الدوحة للأفلام" المملوكة لـ"المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثان" شقيقة أمير قطر لفيلم "البائع" الإيرانى الحاصل على أوسكار 2017.
ولم تتمكن الأموال القطرية من تصحيح صورتها حتى داخل إيران، من خلال المشاركة بأموالها فى تمويل الأفلام الإيرانية، إذا تعالت الأصوات الاحتجاجية داخل طهران على تمويل المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثان للفيلم.
وحذر إعلام طهران مخرج الفيلم أصغر فرهادى من "دولارات الإرهاب القطرية" والتمويل المشبوه لشقيقة تميم للفيلم - بحسب وصفه، وقال الصحفى الإيرانى الشهير شريعتمدارى نائب المرشد الأعلى للشئون الصحفية بصحيفة كيهان، إن دولارات قطر"الداعم الأصلى للإرهاب التكفيرى فى المنطقة" قادت الفيلم إلى الأوسكار.
وعلى مدار الأشهر الماضية انتقدت مواقع إيرانية تمويل قطر لفيلم "البائع" الإيرانى، وحذرت الدوائر السياسية المخرج الإيرانى من التعامل مع قطر، وقالت: "كان يجب على فرهادى الانتباه إلى أن يتعاون مع مؤسسة تابعة لنظام يعقد صفقات على أى شئ بالأموال، ولم يترك جريمة إلا وارتكبها"، وبحسب الإعلام كان ينتظر أن يقول المخرج الإيرانى "لا" للحكومة القطرية التى تحتضن التمويل المالى للإرهابيين، وألا يمد يده لعراب الإرهاب فى المنطقة، على حد تعبير كيهان الإيرانية، مشيرة إلى أن قطر مولت جماعات إرهابية ماليًا من بينها داعش والنصرة.
وباعتراف إعلام طهران، قد طوعت قطر لجنة التحكيم لمهرجان الأوسكار وجعلتها أداة بأيديها من خلال دولاراتها، إذا اعترفت أن دولارات قطر النفطية جعلت الفيلم يصل بشكل منفرد إلى الميدان النهائى، وهى نفسها الأموال التى ساهمت فى حذفت فيلم "محمد رسول الله" الإيرانى للمخرج مجيد مجيدى من سباق الأوسكار العام الماضى.
أبواق قطر فى يد طهران
ويحاول إعلام الدوحة تلميع طهران، عبر نشر مقالات لمسئولى طهران، وقبل ساعات من انطلاق القمة الإسلامية الأمريكية، فى الرياض والتى أدانت السياسيات الإيرانية، نشرت إحدى المواقع الممولة لقطر، مقالا لوزير الخارجية الايرانى، هاجم فيه الدول الخليجية، وسياسيات الرياض فى المنطقة، بالإضافة إلى دعوته للدخول فى حوار.
ويرى مراقبون داخل إيران، أن رهان قطر على إيران رهان خاسر، لأن الموقف الدوحة الإيجابية تجاه طهران، تقابل بكشف المستور عنها، ووصفها فى اعلام إيران بالراعية للإرهاب فى المنطقة وأمير قطر بعراب الإرهاب، فلم يتمكن تميم من تغيير صورة بلاده حتى مع التصريحات البراقة وإنفاق المليارات على إيران.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة