هذه هى المرة الأولى فى التاريخ التى لا يؤسس فيها قائد مصرى شعبيته على أساس الوعود الكاذبة، أو المشروعات الوهمية، أو مغازلة مشاعر الناس بالباطل.. أنت حين تستمع إلى الرئيس السيسى فى الجلسات المتعددة لمؤتمر «حكاية وطن»، ثم كل ما قبل ذلك من حوارات ولقاءات وخطابات وقرارات، منذ توليه الموقع الرئاسى فى البلاد، ستدرك بلا عناء أنك لست أمام رئيس يطلب تصفيق الناس وهتافاتهم بالدعايات السياسية الكلاسيكية، وعبر البروباجندا الصاخبة التى ترسم قصورًا على الرمل، وتحلق بأحلام الأمة فوق السحاب، بل سترى فى كل كلمة، ومع كل إشارة، وفى كل قرار، أنك أمام رجل لا يطلب إلا الإصلاح ما استطاع، ولا يكذب على الناس سعيًا للسلطة، ولا يضلل مشاعر الوطن طلبًا للبقاء على رأس الحكم.. رجل يتواضع أمام كل ما حققه من إصلاحات هيكلية فى السياسة، والأمن، والاقتصاد، والعمران، وآليات الحكم، واستعادة دولة المؤسسات.. رجل رغم كل ما قدّم خلال السنوات الماضية لا يزال يتكلم عن حلم مصرى يجب أن يتحقق، وعن دولة يجب أن تبقى، وعن شعب يجب أن يعيش بكرامة.
السيسى مضى عكس كل نظريات السياسة والحكم التى يعرفها العالم، وتوارثتها مصر عن القيادات والرؤساء والزعماء، شعبيته لم تكن شبحًا يفزع موقعه على رأس الدولة، والتهديد بالفوضى لم يكن سيفًا على رقبته عند اتخاذ القرارات الكبرى، وقرر وحده أن يكون الإصلاح جذريًّا بدلًا من أن يحيا البلد على الشعارات، ووحده آمن بأن الزبد يذهب جفاء، وأن ما ينفع الناس فإنه يمكث فى الأرض.
حتى عندما أراد أن يعرض مسيرة إنجاز 42 شهرًا فقط حتى الآن، فإنه لم يختر عنوانًا يعبر عن شخصه، لكنه قرر أن يختار اسم «حكاية وطن»، وكأنه يريد لهذه الروح الإصلاحية، وهذه المواجهة الشجاعة، أن تتحول من إنجاز فردى لرجل واحد، إلى إنجاز وطنى عام، يجب أن يستمر، سواء كان الرجل فى السلطة أو خارج دائرة الحكم. لم تكن «الشعبية» صنمًا يعبده الرئيس السيسى، رغم أن هذه الشعبية هى الصنم الأول الذى يقدسه كل زعماء العالم، سعيًا للبقاء فى السلطة، وحرصًا على امتلاك زمام الحكم، لكن السيسى أطاح بهذا الصنم، واعتبر أن تأجيل الإصلاح خيانة، وراهن على أن شعبيته ستبقى فى القلوب، طالما عرف الناس أنه اتقى الله فى الأمة، حماية للبلد وصونًا للشعب.
«حكاية وطن» لا يروى القصة كاملة فى الحقيقة، لأن ما تم إنجازه أكبر كثيرًا من كل هذا العمران.. ما تم إنجازه هو انتصار شعب مصر والدولة المصرية، رغم قسوة الحرب على بلادنا.. ما تم إنجازه هو بداية الطريق، وعبور لأعقد المنحنيات الصعبة فى مسيرة مصر، وهذه الحكاية التى نرويها فى الماسة هى البداية فقط، هذه ليست القصة بالكامل، لكننا نستهل بإذن الله أول الحكاية.
وإذا كان الرئيس قد مضى خلال السنوات الشاقة عكس كل نظريات السياسة الكلاسيكية، فإن أملنا كبير بأن خروجه على النصوص المزيفة لموروثات السياسة والحكم ستحقق فى السنوات الأربع المقبلة ما هو أعظم بإذن الله.
ومصر «هتبقى قد الدنيا»
يا رب
بلادى من وراء القصد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة