تقرأ أنت ما تكتبه مراكز الدراسات الأمريكية عن الأوضاع فى مصر وتضرب كفًّا بكف، كيف يا أخى تحولت مراكز ومؤسسات بحثية، كانت مرموقة فى الماضى، إلى منصات تغريدات وآراء وانطباعات متضاربة ومتناقضة ومثيرة للشفقة من فرط الجهل وسقوط مناهج التحليل العلمى المحترمة؟!
قرأت أنا ما يكتبه الباحثون فى مؤسسة كارنيجى عن انتخابات الرئاسة المصرية، وعن الحرب فى سيناء، وعن الأوضاع الاقتصادية، وعن مستقبل إقليم الشرق الأوسط، ولا أرى فى كل ما قرأت سوى حقيقة واحدة وهى خضوع الباحثين السياسيين لتأثيرات بوستات وتغريدات السوشيال ميديا، فما يسمونه فى كارنيجى دراسة أو بحثًا أو ورقة علمية، ليس أكثر من «بوست كبير على فيس بوك»، أو تغريدة طائشة على تويتر، يكتبها هواة لا يرقى ما يجمعونه من معلومات وما يصلون إليه من نتائج إلى أى مستوى من العلمية أو المنهجية أو حتى التحليل الصحفى فى جريدة يومية محدودة التأثير وضيقة الأفق، ولا تشعر أن هدف الكاتب أو الباحث هو «الحقيقة ولا شىء سوى الحقيقة» لكن الأهداف صارت تقاس بمنطقة «التشيير على السوشيال ميديا»، بحجم الصدى وردود الفعل الغاضبة أو المؤيدة التى تحدثها الدراسة، إننا أمام مانشيتات صارخة وبوستات ساخنة وتغريدات قوية، ولسنا أمام حالة علمية حقيقية يمكن الاستناد إليها أو التناصح بها على مستوى رجال الدولة، أو على مستوى العلاقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.
تندهش مثلا يا أخى..
كارنيجى كان ينتقد مبارك لأنه كان يؤخر الإصلاح الاقتصادى وتحرير الصرف ورفع الدعم عن الطاقة واعتبر باحثو المؤسسة أن هذه القرارات المتأخرة سببا فى تأخر مصر.
ثم تفاجأ أن باحثى نفس المؤسسة «كارنيجى» ينتقدون الرئيس السيسى لأنه سارع بالإصلاح الاقتصادى وتحرير سعر العملة ورفع الدعم المتدرج عن الطاقة!!
كارنيجى كان ينتقد الأوضاع الأمنية فى مصر، ويعيّر البلد بالإرهاب، ويعتبر أن المؤسسات الأمنية غير قادرة على المواجهة الشاملة، ويعيب على بعض السياسات الدينية فى زمن مبارك.
ثم كارنيجى نفسه، وياللعجب، ينتقد ما طرحه الرئيس السيسى بشأن الخطاب الدينى الجديد، ويستغرب باحثوه من المواجهة الشاملة مع الإرهاب، فى حين أن دول الغرب نفسها أسقطت أممًا ودولًا بالكامل فى إطار حربها على الإرهاب!!
الباحثون فى كارنيجى يحذرون من أن غياب الاستقرار والأمن لن يسمح لمصر بأن تحقق أهدافها الاقتصادية، وأن التوترات المتتالية فى البلاد تحول دون عودة السياحة وتحبط شغف المستثمرين بالاقتصاد المصرى.
ثم الباحثون فى كارنيجى أيضا ينتقدون سياسات استعادة هيبة الدولة والاستقرار الأمنى والسياسى ويعتبرون أن الإفراط فى الحذر الأمنى يؤدى إلى تراجع الحريات، ويربطون الحريات بشغف المستثمرين بالاقتصاد المصرى.
من أنتم؟
إنهم ينتقدون الإجراءات التى كانوا يطالبون مصر بها من قبل، ويعتبرونها أساسًا لأى عملية نمو، إنهم ينتقدون الشىء ونقيضه، والدراسات المتاحة على موقعهم على الإنترنت نفسها تؤكد هذه الحقيقة، ولا نتيجة نستخلصها هنا سوى أن المطلوب هو الاشتباك وليس العلم، والمطلوب هو التجريح والضغط وليس مصلحة الدول أو استقرار الشعوب.
هل هناك من يراجع هذه الأوراق «العلمية البحثية» ويضبطها على ميزان العدل والحق، أو على الأقل يمنع تناقضها المفرط فى الوقت الذى تصدر فيه عن مؤسسة واحدة، من المفترض أن لها تاريخ فى الفكر والبحث وتنوير العالم كله بقضايا السلام والتعاون الدولى.
هل هناك رجل رشيد فى كارنيجى يمنع انحراف هذه المؤسسة العملاقة من أن تنحرف بعيدًا عن العلم، وتهوى فى دائرة البوستات والتغريدات العبثية والمتناقضة.
خسارة والله.
خسارة أن تتفوق ثقافة «الشير» على العلم والمعرفة والحقيقة.
خسارة فعلًا.
عدد الردود 0
بواسطة:
حفاة الوطن
امر طبيعى لهذه المؤسسة وغيرها من المؤسسات التى تهيمن عليها الصهيونية وتتلون من اجلها
من زمان وهذه الصفة موجودة في اليهود فسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أحبار اليهود: ماذا تقولون في عبد الله بن سلام؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا وعالمنا وحبرنا ومجدوه، فلما سمع ابن سلام منهم هذا الكلام قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله فقالوا: هو ابن كذا وابن كذا وسبوه، فقال ابن سلام: يا رسول الله ألم أقل لك: إنهم قوم بهت.