سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 فبراير 1970.. المخابرات المصرية تلغى عملية تنفيذ تدمير «الحفار» فى داكار وتؤجلها إلى وقت لاحق

الجمعة، 16 فبراير 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 فبراير 1970.. المخابرات المصرية تلغى عملية تنفيذ تدمير «الحفار» فى داكار وتؤجلها  إلى وقت لاحق الحفار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تلقى جهاز المخابرات المصرية برقية شفرية نصها: «السيد محمد عزيز مصرى أرسل البضائع لعنوان ض. ب لسنج فورا.. الحاج لن ينتظر ونتحمل غرامة التأخير»، كانت البرقية من ضابط المخابرات محمد نسيم، الشهير بلقب «نديم قلب الأسد»، حسب الكاتب الصحفى توحيد مجدى: «كان نسيم فى العاصمة الفرنسية باريس لتوفير المعدات اللازمة لتنفيذ عملية تدمير الحفار التى قررتها مصر، والتأكد من خط سيره».
 
تولت المخابرات المصرية والضفادع البشرية للقوات البحرية العملية، وقادها محمد نسيم، وأخذت اسمًا كوديًا هو «الحاج»، حسب «مجدى» الذى ينقل عن رواية شخصية له من «نسيم»، نشرتها إلكترونيًا «المجموعة 73 مؤرخين» بعنوان «عملية الحفار- حقائق وأسرار تنشر لأول مرة».
 
يؤكد «مجدى»: «سافر نسيم إلى أبى قير بالإسكندرية، واختار بنفسه أربعة، هم الرائد خليفة جودت قائدًا لمجموعة الضفادع، الموكل إليها تنفيذ التدمير، ملازم أول حسنى الشراكى، ضابط عمليات، ملازم أول محمود سعد، ضابط عمليات، ضابط صف أحمد المصرى، مساعد عمليات، ومن المخابرات الحربية الرائد أنور عطية».   
  
فور وصول برقية «نسيم» يوم 16 فبراير «مثل هذا اليوم» 1970، حسب تأكيد رئيس جهاز المخابرات أمين هويدى، دعا «هويدى» إلى اجتماع مع مساعديه المعنيين بالموضوع، وحسب «هويدى» فى كتابه «أضواء على نكسة يونيو وحرب الاستنزاف» عن «دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت»، فإن الوقت كان مساء حين تلقوا البرقية، وكان أول أيام عيد الأضحى، ويؤكد أن الاجتماع أسفر على تعليمات نهائية، هى تحرك قائد العملية فى صباح اليوم التالى17 فبراير للاستكشاف على الطبيعة، ووضع الخطة التفصيلية للتنفيذ، على أن تلحق به الجماعات فى اليوم التالى، أى يوم 18 فبراير، ويتم التجمع فى داكار يوم 19، ووصل قائد العملية فعلًا إلى داكار، ووصلت جماعة التنفيذ إلى أكرا، عاصمة غانا، غير أنه لما تحرك الحفار مغادرًا داكار يوم 19 فبراير فى وقت أقصر كثيرًا مما كان متوقعًا، صدرت التعليمات بإيقاف التحركات، ثم صدرت التعليمات بعودة الجميع إلى القاهرة استعدادًا لبدء محاولة جديدة.
 
القصة تبدأ حسب رواية «هويدى» من وقت قرار إسرائيل بالتنقيب عن البترول فى مياه خليج السويس خلال احتلالها سيناء بعد نكسة 5 يونيو 1967، واستأجرت الحفار «كينتنج» لهذه المهمة.. يؤكد «هويدى»: «كان الحفار إنجليزيًا، اشترته شركة أمريكية كندية سجلت نفسها فى دنفر بالولايات المتحدة الأمريكية يجره جرار هولندى، وكان بذلك حفارًا دوليًا».
 
أخذ الحفار يتقدم إلى غرضه، وحسب «هويدى»: «استقر الرأى فى بادئ الأمر على إغراقه بواسطة طائرتنا فى مكان مناسب بالبحر الأحمر، إلا أن اقتراحًا آخر قُدّم بالتعامل معه بطريقة أهدأ، بعيدًا عن مياهنا، حتى نتجنب أى تعقيدات دولية جديدة، فلدينا منها الكثير، ووافق عليه الرئيس جمال عبدالناصر».    
 
يؤكد «هويدى» أن السرية فُرضت على فترات التحضير والتنفيذ، وسميت بالاسم الكودى «الحاج»، ومنع تبادل المذكرات أو الخطابات الكتابية بأى حال من الأحوال، وحصر التخطيط والتجهيز فى أقل عدد ممكن من الأفراد، وأعطيت المعلومات لهؤلاء بقدر حاجتهم إليها، بل حينما تحركت الأطقم  للتنفيذ لم يكن الأفراد على علم لا بالوجهة التى يقصدونها، ولا بطبيعة العمل الذى سيقومون به على وجه التحديد، ولتعزيز السرية الكاملة كان لابد من الخداع، فتم إهمال أى أخبار خاصة بالحفار، وقامت اتصالات سريعة ملحة مع المركز الرئيسى للشركة الأمريكية الكندية فى دنفر لاستئجار الحفار بواسطتنا نظير مبلغ أضخم مما دفعته إسرائيل.
 
انتحل الأبطال شخصيات وأسماء، واستطاع أنور عطية ومحمد نسيم حمل الألغام المطلوبة والخروج بها من المطارات الأوروبية، حيث لم يكن هناك طيران مباشر بين القاهرة والدول الأفريقية.
 
ويؤكد «هويدى»: بعد إلغاء تنفيذ العملية كان بقاء الأطقم يهدد بكشفها، فوجد من الأفضل أن يعودوا، وأثبتت هذه المحاولة أنه فى الإمكان التحرك بسرعة وسهولة ويسر وسرية، واعتبرت رغم فشلها تجربة عملية لمحاولة أخرى تتم بعد أيام، وفى 3 مارس تم رصد وصوله إلى أبيدجان فى ساحل العاج، فوصلها محمد نسيم يوم 6 مارس، ليجد مهرجانًا ضخمًا بمناسبة استقبال رواد الفضاء الأمريكيين، فقدر أن الأمن سينشغل بها مما يهيئ فرصة التنفيذ.
 
وفى الساعة الخامسة فجر يوم 8 مارس وضع ضباط الضفادع البشرية الألغام تحت جسم الحفار، وتم ضبطها على التفجير بعدها بثلاث ساعات، وفى الثامنة صباحًا اهتزت أبيدجان على صوت الانفجارات، بينما كان الأبطال المصريون يستعدون لدخول الطائرة التى ستقلهم إلى باريس ومنها للقاهرة.
 
أعلنت إسرائيل إلغاء مشروع التنقيب، وفى حجرة كان يتم إصلاحها داخل مبنى المخابرات، سلّم أمين هويدى النيشاين والأوسمة لأبطال العملية، والتى أنعم بها جمال عبدالناصر.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة