الحال مختلف هذه المرة فى القمة العربية..
لم نعد نكرر، إعلاميا، كلاما قديما كنا نستحسنه من قبل
كلاما من عينة.. ما فائدة القمة، وهل لدينا بالفعل عمل عربى مشترك، وما تأثير الانقسام العربى على اجتماعات الزعماء؟
هذا الكلام اختفى من أجندة الإعلام عند الحديث عن قمة الظهران، رغم أن الانقسام العربى لم يختف من الأساس، هذا الكلام اختفى، وتضاعفت معدلات التفاؤل بما يمكن أن تقوم به مؤسسة القمة، رغم استمرار التحديات الأساسية المزمنة، القضية الفلسطينية نموذجا، وانفجار تحديات مستحدثة، كالأزمة فى سوريا، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والأخطار التى تهدد وحدة ليبيا، والتدخلات الإقليمية فى اليمن.
الفرق كبير بين هذه القمة وما سبقها من قمم، فالحال مختلف هذه المرة لأسباب متعددة أهمها، هذا التنسيق الجاد بين بلدان التحالف العربى «مصر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين» بشأن مواجهة الدول الداعمة للإرهاب وعلى رأسها قطر، فهذا الرباعى أثبت جدارته بالتصدى للملفات الحرجة فى المنطقة، وأثبت كفاءة كبيرة فى التنسيق رغم المحاولات التى بذلتها أطراف مختلفة وقوى إقليمية ودولية فى زرع شقاق داخل هذا التحالف الرباعى.
إلى جانب هذا التنسيق، شهدت الأشهر القليلة الماضية تناميا فى الوعى السياسى والأمنى لدى الشعوب العربية، ليس فقط داخل بلدان الرباعى العربى، بل بين جميع الدول الأعضاء فى جامعة الدول العربية، فالبلدان الأربعة ظهرت بمشهد شديد القوة والوضوح أمام المواطنين العرب، وساعد الإعلام فى بلدان الرباعى على صد موجات التضليل والشائعات، وتكثيف عرض الحقائق السياسية أمام الرأى العام، وهو ما ساعد على هيمنة وعى جمعى يدرك حجم المخاطر التى تتهدد الأمن القومى العربى، ويدرك كذلك طبيعة البلدان التى تهدد هذا الأمن العربى فى الداخل أو فى الخارج، يلعب الوعى الشعبى هنا دورا كبيرا فى دعم هذه القمة، ويسهم فى فهم المواطن العربى لطبيعة الرسائل السياسية والأمنية التى يطلقها الزعماء فى جلستهم الافتتاحية، صار الحلال بيّنًا والحرام بيّنًا فى المشهد الإقليمى، وصارت قوى الشر واضحة، وقوى الخير حاسمة، والثقة تتزايد فى جهود زعماء الرباعى العربى فى المواجهة ووحدة الصف.
الجدية، والثقة، هما المتغيران الأساسيان هذه المرة فى القمة العربية، وإذا استقرت مؤسسة القمة على استدعاء نفس هذه الحالة من الجدية التى يعمل بها الرباعى العربى، ونفس المستوى من بناء الثقة مع الشعوب، فإن الحالة العربية مرشحة للتغير، وما كنا نعتبره بالأمس أزمات تستعصى على الحل، يمكن أن يتحول إلى مشكلات قابلة للتفكيك، طالما كانت الإرادة العربية جادة بنفس المستوى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة