لا أعرف لماذا يستدعى الدكتور محمد البرادعى النوستالجيا الخاصة بشخصه وذكرياته فى التكريمات والزيارات الدولية، واللقاءات مع زعماء العالم.. الدكتور الذى هجرنا غفلة بعد 30 يونيو، وتبرأ من إرادة الشعب بعد أن ملأ قلبه الخوف من الضغوط الدولية، لا يبدو لى اليوم قادرًا على أن ينطق بكلمة رشيدة، أو ينتج فكرة جديدة، أو يقاسم هذه الأمة التى ينتمى إليها نظريًا أحزانها أو أفراحها، الدكتور يقلّب اليوم فى ألبوم صوره القديمة عندما كان يحتل منصبًا دوليًّا، وتراهن عليه قوى مختلفة بأن يحل خليفة على عرش السلطة فى مصر، قبل أن تدرك هذه القوى، ويدرك أنصاره فى الداخل أنه لا يصلح للقيادة، ولا يعرف سوى تنفيذ الأوامر الدولية، كما كان عليه حاله فى الهيئة الدولية للطاقة الذرية.
الدكتور يعيش اليوم على الذكريات، حيث نشر على حسابه فى «تويتر»، وهو ميدانه الوحيد قبل الثورة وبعدها، ذكريات تجمعه مع قيادات العالم المختلفة فى سنوات سابقة، فنشر لشخصه صورة مع الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة تم التقاطها عام 2007، بمناسبة قيام الجزائر بمنحه وسام (الأثير)، وقبلها نشر الدكتور البرادعى صورة أخرى لشخصه مع ملكة هولندا فى العام 2006، يذكّر الناس بأنه حصل على وسام هولندى رفيع قبل 12 عامًا من اليوم، ثم قبلها أيضًا نشر السياسى المتقاعد فى أوروبا صورة تجمعه مع الدالاى لاما فى زيارة للنصب التذكارى لضحايا القنبلة النووية فى هيروشيما فى نوفمبر 2010، قبل 8 سنوات من اليوم.
استدعاء الصور التذكارية التاريخية للدكتور بنفسه عن نفسه يحتاج إلى تحليل سيكولوجى لحالته الصحية والنفسية بعد نجاح 30 يونيو، ثم نجاح مصر فى صد الهجمات الإرهابية بعد 30 يونيو، ثم نجاح الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى التصدى للإرهاب فى سيناء، ثم نجاح الدولة المصرية فى تجاوز العقبات الاقتصادية المؤلمة، وتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى بكفاءة كبيرة، والتفاؤل الدولى بارتفاع نسبة النمو الاقتصادى فى مصر، وهو التفاؤل الذى تؤكده جميع المنظمات الاقتصادية الدولية تقريبًا.
لم يكن مستقبل مصر ضمن توقعات السيد الدكتور البرادعى، كان الرجل قد تنبأ لهذه الأمة بالفشل، والحرب الأهلية، والانهيار الاقتصادى، وأتذكر أنه قال لنا فى تغريدة شهيرة بعد هروبه للخارج (ستذكرون ما أقول لكم)، بعد أن تنبأ بالضياع الكامل للدولة المصرية، والسقوط النهائى لمقدراتها، واليوم لا يملك البرادعى كلمة حق ليقولها لبلاده، فراح يستدعى ذكرياته، ويذكّر الناس بأنه كان يومًا ما شخصية مهمة.
سنذكر صورك يا دكتور، ولكننا لن نذكر ما كنت تقوله لنا.
بلادنا لم تسقط كما تنبأت، والإرهاب لم يحتلها كما توقعت، واقتصادها لم ينهَرْ كما كنت تُلقى فى قلوب الناس الفزع من قبل.
والحمد لله من قبل ومن بعد.
سنتذكر صورك الرقيقة مع زعماء العالم، إذ تبقى مجرد ذكرى، ولكننا مرة أخرى، لن نذكر ما كنت تقوله لنا.
مصر من وراء القصد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة