من فجر التاريخ الدينى وحتى الآن ترى المؤسسات الدينية بمختلف توجهاتها خطرا من بعض الكتب أو الدراسات التى ربما تعتقد إنها تحمل أفكار تناقد العقيدة، وتشكك فى تعاليم الدين من وجهة نظرها.
وعلى مدار التاريخ المسيحى واجهت الكنائس المختلفة عددا من الأعمال خاصة الأدبية والروايات، باعتبارها تحمل أفكارا مهرطقة تخالف تعاليم المسيح والكنيسة، ورغم أنها فى الأساس عمل فنى وإبداعى إلا أن ذلك لم يشفع له أمام قرارات الحظر الكنسية.
الأمير
رواية الأمير لصاحبها نيكولو مكيافيلى Niccolo Machiavelli التى نشرها 1513 تعتبر واحدة من أشهر الروايات التى تم حظرها من جانب الكنيسة الكاثوليكية حتى 1532 حيث وصفتها بأنها عمل ردىء، وانتقدها الآخرون ووصفوها بأنها تتلاعب ببعض العقائد الموجودة فى الديانة المسيحية وتضلل من يقرأها، حيث يركز مكيافيللى حديثه من خلالها عن الدين، منتقدًا بشدة الدين المسيحى والكنيسة التى على حد قوله كانت لعدة قرون سبب عدم قيام الوحدة الوطنية الإيطالية.
المسيح يصلب من جديد
صدرت الرواية عام 1931، وتحكى الرواية عن الإنسان ومصيره، فمن إعادة ذكرى صلب السيد المسيح فى عملٍ مسرحى تقيمه قريةٌ صغيرة لا يشعر بها العالم ينطلق "كازنتاكيس"، محاصرًا القارئ بتفاصيل ممتعة شيقة تتسع لألف تأويلٍ وتأويل.
فيصور الكاتب وبحسب مقال مترجم الرواية للعربية "شقى جلال" لآلام المسيح، بشكل ملحمى يوصف به صراع الجنس البشرى على مر التاريخ وكأن الكاتب يكتب هذه الرواية لزمننا هذا وكأنه يعيش أحداث عالمنا العربى لحظة بلحظة ويتساءل ترى هل يمكن لرواية أن تعبر كل تللك العصور لتتجسد أحداثها بهذا العصر أم أن زعماءنا الأبطال سرقوا المسيح ليصلبوه بهذا العصر.
الإغواء الأخير للمسيح
رواية نيكوس كازانتزاكيس صدرت عام 1953، وتجسد شخصية المسيح كأى إنسان عادى من الممكن أن يضعف أمام شهواته أو أى إغراءات أمامه، حيث يصور المؤلف العلاقة بين السيد المسيح وماريا المجدلية، باعتبارها هى المحرك الأساسى لمشاعر المسيح نحو رغبة الحياة.
أثارت الرواية استياء الكثيرين من المسيحيين منع عرضه فى عدة بلاد أوربية، وبعد تحويل الرواية إلى عمل فنى سنة 1988، قامت إحدى الجماعات المسيحية الفرنسية المتشددة بإلقاء المولوتوف داخل قاعة سينما سانت ميشيل فى باريس أثناء عرض الفيلم.
الإنجيل يرويه المسيح
صدرت الرواية عام 1991، ويحاول فيها ساراماجو تتبع حياة المسيح، من خلال قراءته للأناجيل الأخرى، حيث يقول: "إن أنجيلى يحاول ملء المساحات الخيالية بين الحوادث المختلفة التى حدثت فى حياة المسيح كما رويت فى الأناجيل الأخرى مع بعض التأويلات الشخصية من قبلى".
ويتبع ساراماجو حياة المسيح من الوعى إلى الصلب، مسلطاً الضوء على يسوع بسيط لا يستطيع مقاومة تسلط الغرائز البشرية عليه، حيث كان يعيش مع مريم المجدلية.
وواجهت الرواية منذ صدوره موجة من الانتقادات، حيث ثار عليها أعضاء الطائفة الكاثوليكية البرتغال، الأمر الذى وصل إلى إزالة اسمه من قوائم المرشحين لجوائز الأدب الأوروبى عام 1992 بقرار من الحكومة البرتغالية.
إنجيل الابن
صدرت الرواية عام 1997، ويحاول الروائى نورمان ميلر من خلال الرواية كتابة سيرة المسيح كإنسان مغاير للآخرين، كما هو فى أناجيل العهد الجديد، ويحاول الكاتب بالنفاذ عميقا ومتبصرا إلى قلب يسوع بل يعيد خلق العالم الذى مشى فيه المسيح ليقدمه لنا واقعيا كالدم، كما قال أحد النقاد، فيستطيع بذلك أن يقنعنا أكثر من أى كاتب قبله ممن تناولوا هذا الموضوع.
الأمر كان على هذا النحو بالنسبة ليسوع الإنسان، ولعل ميلر قد كتب روايته هذه فى محاولة لإعادة الاهتمام بالرأفة والوعى بضرورة مساعدة الضعفاء والوقوف معهم سعيا وراء نوع من التوازن فى وجه قوى لا تعرف إلا الربح والمال.
صدرت ترجمة الرواية إلى العربية عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن سلسلة الجوائز، من ترجمة المترجم السورى ثائر ديب.
شفرة دافنشى
نشرت عام 2003، وتدور أحداثها فى فى كل من فرنسا وبريطانيا. تبدأ بالتحديد من متحف اللوفر الشهير عندما يستدعى عالم أمريكى يدعى الدكتور روبرت لانغدون أستاذ علم الرموز الدينية فى جامعة هارفارد على أثر جريمة قتل فى متحف اللوفر لأحد القيمين على المتحف وسط ظروف غامضة، ذلك أثناء تواجده فى باريس لإلقاء محاضرة ضمن مجاله العلمي.
تدور أغلب أحداث الرواية حول اختراعات وأعمال دافنتشى الفنية. اكتشف لانغدون والفرنسية الحسناء صوفى نوفو خبيرة فك الشفرات -والتى يتضح لاحقا أن لها دور كبير فى الرواية- سلسلة من الألغاز الشيقة والمثيرة والتى تستدعى مراجعة التاريخ لفك ألغازه وسط مطارده شرسة من أعضاء منظمة كاثوليكية تسعى للحصول على السر.
صادف صدور الرواية موجة من الغصب إلى حد منعها من الدخول إلى عدة دول منها الفاتيكان والذى اعترض اعتراضاً شديداً على محتويات الرواية، ذلك لأنها تتناول علاقة المسيح بـمريم المجدلية بطريقة منافية لما هو مذكور بالكتب المقدسة. مُنعت الرواية أيضا من دخول بعض الدول الأوروبية والدول العربية مثل لبنان والأردن، وتم تحويل الرواية إلى عمل سينمائى عام 2006، من إخراج الفيلم رون هاوارد وبطولته توم هانكس.
عزازيل
عزازيل
رواية صدرت سنة 2008، للكاتب الدكتور يوسف زيدان، تدور أحداثها فى القرن الخامس الميلادى ما بين صعيد مصر والإسكندرية وشمال سوريا، عقب تبنى الإمبراطورية الرومانية للمسيحية، وما تلا ذلك من صراع مذهبى داخلى بين آباء الكنيسة من ناحية، والمؤمنين الجدد والوثنية المتراجعة من جهة ثانية.
أثارت جدلا واسعا؛ نظرا لأنها تناولت الخلافات اللاهوتية المسيحية القديمة حول طبيعة المسيح ووضع السيدة العذراء، وقد أصدر الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بيانًا اتهم فيه مؤلف الرواية بالإساءة إلى المسيحية، مشيرا إلى أنه أخذ فيها منحى المؤلف دان براون في روايته شفرة دافنشي، واعتبر سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية السابق، إن زيدان يريد هدم العقيدة المسيحية الحقيقية واتهمه بالتدخل فى الأمور المسيحية الداخلية.