قال الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيرى عضو مجلس الإمارات للإفتاء، خلق الله تعالى البشر مختلفين فى الأفهام كاختلاف ألوانهم وألسنتهم، وهذا الاختلاف يعد آية من آيات الله تعالى الدالة على كمال قدرته وبالغ حكمته كما قال سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} وقد بين الحق سبحانه أن الاختلاف سنة بشرية لا بد لها منه، فقال سبحانه: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} أى: ولا يزال الخُلف بين الناس فى أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم.
وأضاف خلال بحثه بعنوان "أخلاقيات إدارة الخلاف الفقهى"، والمقدم بمؤتمر الأمانة العام لدور وهيئات الإفتاء بالعالم ،المنعقد اليوم الأربعاء ،تحت عنوان "الإدارة الحضارية للخلاف الفقهى" ،لا مطمع أن يكون الناس على رأي واحد أوكلمة واحدة، لأن الناس مختلفون في الفكر والحفظ وقوة الاستنباط، يؤدى احتما إلى الاختلاف في تنزيل الأحكام، ما لم تكن هناك نصوص صريحة لا تقبل الاجتهاد، كأصول العقائد والأحكام القطعية من لفرائض الكلية والحدود والأعداد، ونحو ذلك مما كان من القواطع اليقينية الدائمة إلى يوم الدين، فإنها لا تقبل الاجتهاد بالتغيير أو التنقيح أو التعديل، كما قالوا: "لا اجتهاد في مورد النص".
أما ما سوى ذلك من الفروع التطبيقية كجزئيات العقائد وفروع الفرائض فإنه لا مطمع أن يتفق الناس فيها على قول واحد، فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين شاهدوا التنزيل، وتلقوا الوحيين مباشرة كان لهم اختلاف واسع فى تطبيق ما بلغهم، وقد أقرهم النبى عليه الصلاة والسلام على ذلك الاختلاف فى الفهم كما فى قصة النفير إلى بنى قريظة، حيث قال لهم: " لا يصلين أحد العصر إلا فى بنى قريظة " فأدرك بعضهم العصر فى الطريق، فقال بعضهم: لا نصلى حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلى، لم يرد منا ذلك، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدا منهم" لأن كل واحد منهم اجتهد وأعمل رأيه فى فهم منطوق النص النبوى، فكان مصيبا فى فهمه، ولا مانع أن يتعدد الحق إذا كان مبنيا عن اجتهاد مؤصل، كما قرره التفتازانى كما لو اجتهد المصلون فى تحديد القبلة فاختلفوا، فإن الحق فيه متعدد اتفاقا؛ لأن المصلى مأمور باستقبال القبلة، فلو لم يكن جميع الجهات قبلة بالنسبة إلى المصلين إلى جهات مختلفة لما تأدى فرض من أخطأ جهة القبلة، واللازم باطل؛ لأن صلاتهم جميعا صحيحة، حيث لم يؤمروا بإعادة الصلاة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة