أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 1 نوفمبر 1947.. تلاميذ الشيخ أمين الخولى فى جامعة فؤاد الأول حائرون.. والإخوان يطالبون «خلف الله» بالتوبة وتجديد عقد زواجه والبكاء مدى الحياة

الجمعة، 01 نوفمبر 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 1 نوفمبر 1947.. تلاميذ الشيخ أمين الخولى فى جامعة فؤاد الأول حائرون.. والإخوان يطالبون «خلف الله» بالتوبة وتجديد عقد زواجه والبكاء مدى الحياة الشيخ أمين الخولى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمكنت الحيرة من طلاب الدراسات العليا الذين يشرف عليهم الدكتور الشيخ أمين الخولى، الأستاذ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول، يوم «1 نوفمبر، مثل هذا اليوم، عام 1947، وهو اليوم التالى لقرار الجامعة برفض رسالة الدكتوراه «الفن القصصى فى القرآن» للدكتور محمد أحمد خلف الله، وتحويل صاحبها إلى موظف إدارى، وحرمان المشرف أمين الخولى من تدريس علوم القرآن والإشراف على الرسائل التى تتصل بالقرآن.. «راجع، ذات يوم، 31 أكتوبر 2019».
 
كان القرار انتصارا للجمود، واحتار تلاميذ الخولى.. هل يبقون فى تخصصهم تحت إشراف أستاذ غير الخولى، أو تغيير التخصص والاستمرار مع الأستاذ الذى أصبح يقوم بتدريس «علوم البلاغة والنحو والأدب المصرى»، حسبما يؤكد الدكتور نصر حامد أبوزيد فى بحثه عن القضية، المنشور ضمن كتاب «الجامعة المصرية والمجتمع»، مؤكدًا: «تمسك به تلاميذه لأن الخولى كان أستاذا نادرا، شهد بذلك كل من عرفه ومن غيرهم، كما تشهد بذلك رسائل تلاميذه..وترك الطالب «محمد شكرى عياد» الذى حصل على الماجستير فى موضوع «يوم الدين والحساب فى القرآن» بإشراف الخولى، وفضل العمل مع أستاذه مع تغيير التخصص من مجال الدراسات القرآنية إلى مجال النقد والبلاغة».  
 
هكذا خسرت قضية «التجديد الدينى» واحدة من جولاتها داخل أروقة الجامعة، ويكشف «الخولى»،  كواليس هذه الجولة، فى مقدمته للطبعة الثانية من «الفن القصصى فى القرآن الكريم» التى صدرت عام 1953، أن الرسالة حين عرضت على لجنة التقييم لتحديد موعد المناقشة أبدى أعضاء اللجنة رضاهم عن مستواها الأكاديمى مع اقتراح بعض التعديلات، لكن بعض المعلومات عن الرسالة تسربت إلى الصحف، وكان هذا بداية الجدل الملتهب عن الرسالة والمنهج، وقوانين الجامعة التى تسمح بإجازة مثل هذه الرسالة فى مجتمع مسلم.. أثيرت شائعات عن رفض «أحمد أمين» – أحد أعضاء اللجنة –للرسالة بسبب ضعفها العلمى.. أشيع أيضًا أن العضو الثانى «أحمد الشايب» قرر أن الرسالة تتضمن أفكارا تتعارض مع العقيدة، خصوصا الزعم بأن القصص القرآنى مجرد سرد أدبى.. قيل أيضا إن الطالب فى الفصل الخاص بالمصادر زعم بأن القصص القرآنى مأخوذ من مصادر توراتية وأسطورية.. وحول هذه النقطة فإن «خلف الله» كان حريصا على بيان الفارق السردى والأدبى بين القصص التوراتى وبين القصص القرآنى من جهة، هذا إلى جانب تأكيده أن هذا القصص التوراتى كان معروفا للمتلقين للقرآن، باعتباره كان جزءا من الموروث القصصى الشفاهى المعروف فى المنطقة، و«خلف الله» ينقد مزاعم بعض المستشرقين أن محمدا تعلم هذه القصص من راهب نصرانى».
 
قدم «خلف الله» ردودا وشروحا لكل ما أثير ضده، لكن كل هذا لم يوقف الهجوم عليه.. يذكر «أبوزيد»: «أرسل الاتحاد العام للمنظمات الإسلامية رسالة احتجاج إلى الملك فاروق وأرسلت نسخا منها إلى كل من رئيس الوزراء ووزير المعارف، ومدير الجامعة، وعميد الكلية وشيخ الأزهر، يطالب فيها الموقعون تقديم كل من «خلف الله» و«الخولى» إلى محاكمة أمام الدائرة القضائية المستعجلة لجرائمهم فى حق الإسلام والقرآن، والمنظمات الإسلامية المندرجة فى الاتحاد العام هى: جمعية الإخوان المسلمين، جمعية الشبان المسلمين، جمعية أنصار السنة، جمعية الشريعة، وجمعية الأخلاق الحميدة».
 
كتب «خلف الله» إلى جريدة «جمعية الإخوان المسلمين» أنه على استعداد لحرق أطروحته بيديه لو ثبت تتضمنها لأى شىء يعارض الإسلام أو القرآن، كما أعلن عن استعداده لمناقشة «أحمد أمين «على صفحات الرسالة.. كان رد جريدة الإخوان أنه لوصحت العبارات المنسوبة إلى الرسالة لما كان حرقها كافيًا حتى لو تم فى حضور كل أساتذة الجامعة وطلابها، بل يجب على صاحب الرسالة أن يتوب إلى الله توبة نصوحة، ويعلن العودة إلى الإسلام، ويجدد عقد زواجه إن كان متزوجا، الأهم من ذلك أن يحرق الشيطان الذى أملى عليه هذا الشر، وأن يظل يبكى مدى الحياة لعل الله أن يغفر له».
 
توالى الهجوم وتوالت الردود من «خلف الله»، ولم يهدأ الجدل بعد قرار الجامعة برفض الرسالة، حيث أثار توفيق الحكيم القضية فى «أخبار اليوم»، وأطلق عليها وصف «النكسة الجامعية»، وتلقى من أطرافها ردودًا عليها، وشرح «خلف الله» له رحلته معها، منبها ومحذرا: «إن الدراسة الجامعية لا تستقيم إلا مع الحرية، وإنا لنعجب كيف يكون الأساتذة الجامعيون قادة الرجعية فى البيئات العلمية، وكيف لا يشعرون بأن ذلك الخطر كل الخطر على التقدم العلمى فى هذه الديار، ولعل العجب يأخذ حده ويبلغ منتهاه حين نعلم أن تلك الرجعية لا يقرها الدين ولا يرضى من رجاله العلماء.. هذه هى قضية النكسة الجامعية».. علق الحكيم عليه: «الذى لست أفهمه هو موقف أساتذة الجامعة العصرية الذين يحكمون بالكفر على طالب، ويطفئون بأيديهم الجامدة مشعل الحرية الفكرية الذى هو صلب عملهم وعمود رسالتهم».
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة