مسألة الاستفادة من المواعيد الإجرائية من عدمه تُعد من أخطر الأمور التي تواجه المحامين والمختصين من إقامة دعواهم أو الطعون، فكثير ما يقتضي القيام بالإجراء انتقال القائم به من بلدة إلـى أخـرى، بحيـث يستغرق الانتقال فترة زمنية قد تطول ويترتب على ذلك حرمانـه مـن جزء من الميعاد، وهو الأمر الذي يثير العديد من المشاكل في ساحات القضاء.
فقد واجه المشرع المصري ما قد يترتب على بعد المسافة بين المكان الذي يجب انتقال الخصم إليه للحضور أو لمباشرة اجراء قانوني من ضياع للوقت في الانتقال، بما يخل بمبدأ المساواة، مما يفيد معه أحد الخصوم على حساب الآخر، وقد عوض المشرع ذلك بإضافة ميعاد إلى الميعاد الأصلي هو ميعاد المسافة.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية مواعيد المسافة من الناحية الإجرائية مدى جواز الاستفادة من مواعيد المسافة إذا كان الإجراء القانوني داخل نفس المحافظة؟ بمعني أدق هل يجوز من الناحية العملية والقانونية استخدام "مواعيد المسافة" إذا كان الطعن أو الإجراء القانوني سيقام بنفس محافظة الطاعن والحكم صادر من محافظة أخري؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامي معتز المهدى.
فى البداية - المشرع المصري واجه تلك الأزمة حيث قرر "امتداد الميعاد بسبب المـسافة" لفترة معينة تختلف باختلاف المسافة، وذلك حتى يتمكن الـشخص من الإجراء القانوني دون تمايز بينهم – الخصوم - بسبب بعد أو قرب المكان المتواجدين فيه عن المكـان الواجب اتخاذ الإجراء فيه.
ما هو ميعاد المسافة من الناحية القانونية؟
وميعاد المسافة فى حقيقة الأمر هو فترة من الزمن تضاف إلى الميعاد الأصـلي وتقـدر بحسب درجة البعد بين المكان الذي يجب الانتقال منه والمكان الذي يجب الانتقال إليه، والمكان الذي يجب الانتقال منه هو المكان الذي تمت فيه الواقعة المجرية للميعاد وهو في العادة الموطن الأصلي، والمكان الذي يجب الانتقال إليه هو المكان الذي يجب اتخاذ الإجراء فيه وهو غالبا مقر المحكمة.
احتساب المسافة على أساس الموطن الأصلي للمدعى عليه ومقر المحكمة
فميعاد المسافة الذي يضاف إلى ميعاد الحضور بالنسبة للمدعى عليه يحتـسب على أساس المسافة بين الموطن الأصلي للمدعى عليه "باعتباره المكـان الذي تمت فيه الواقعة المجرية للميعاد وهي إعلانه بـصحيفة الـدعوى" ومقر المحكمة "باعتباره المكان الذي يجب اتخاذ الإجـراء فيـه وهـو الحضور"، ويضاف - ميعاد مسافة - سواء كان الميعاد يحتسب بالأيام أو بالـشهور أو بالسنين أو حتى بالساعات، كما يضاف ميعاد مسافة سواء كان الميعـاد ناقصا أو كاملا، أما الميعاد المرتد أو السابق فقد سبق أن بينا أنه لا يمتد – وفقا لـ"المهدى".
ماذا لو كان اليوم الأصلي يوم عطلة؟
ويضاف ميعاد المسافة على الميعاد الأصلي دون فاصل بينهما، ولو كـان آخر يوم في الميعاد الأصلي يوم عطلة، لأنه يتكون من مجموعهما ميعاد واحد متواصل الأيام غير أنه إذا صادف آخر يوم للميعاد بعـد إضـافة ميعاد المسافة عطلة رسمية، فإنه يمتد بسبب العطلة لأول يوم عمل بعده ويختلف ميعاد المسافة.
الفرق بين المقيم داخل مصر والمقيم على حدودها والمقيم خارجها
وقد فرق المشرع بين من يقيم داخل مصر ومن يقيم على حدودها ومن يقيم في الخارج على الوجه الاتي:
ا- بالنسبة لمن له موطن في مصر ولا يدخل ضـمن منـاطق الحـدود يشترط لكي يضاف ميعاد مسافة بالنسبة لهم أن تكون المسافة ٥٠ كيلـو مترا على الأقل، فإن قلت المسافة عن ٥٠ كيلو متر فلا يضاف ميعـاد مسافة، وإذا زادت عن ٥٠ كيلو متر يحتسب ميعاد مسافة يوم كامل لكل٥٠ كيلو متر بحد أقصى ٤ أيام، وإذا كانت هناك كسور تزيد عـن ٣٠ كيلو متر أضيف لها يوم كامل، أما الكسور التي لا تزيد عن ٣٠ كيلو، والعبرة بالمسافة الرسمية بين البلدة التي ينتقل منها والبلدة التـي ينتقـل إليها، فلا تحتسب المسافة بين سكن الشخص ومحطة البلدة الأولى أو بين محطة البلدة الثانية ومقر المحكمة.
وقد عينت المادة 16 من قانون المرافعات ميعاد المسافة حيث نصت علي: " إذا كان الميعاد معيناً في القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه زيد عليه يوم لكل مسافة مقدارها خمسون كيلومتراً بين المكان الذي يجب الانتقال منه والمكان الذي يجب الانتقال إليه، وما يزيد من الكسور على الثلاثين كيلو متراً يزاد له يوم على الميعاد، ولا يجوز أن يجاوز ميعاد المسافة أربعة أيام ويكون ميعاد المسافة خمسة عشر يوماً بالنسبة لمن يقع موطنه في مناطق الحدود".
الفروق الثلاثة بالتحديد
أولا: المقيمين داخل مصر
بالنسبة للمقيمين داخل مصر فإنه يجب لكي أن يستفيد من الميعاد ألا تقل المسافة بين المكان الذي يجب الانتقال منه والمكان الذي يجب الانتقال إليه عن 50 كيلو متر، فاذا قلت عن ذلك، لا تعتبر مسافة تستوجب امتداد الميعاد، فقد قدر المشرع أنها مع تطور وسائل المواصلات أنها لا تؤثر في الميعاد، فإذا كانت المسافة 50 كيلوا كترا فأكثر زيد على الميعاد الأصلي يوما لكل مسافة مقدارها 50 كيلو مترا، وما يزيد من الكسور على 30 كيلو مترا يزاد له يوما على الميعاد، ولا يجوز أن يجاوز ميعاد المسافة أربعة أيام.
وعلى ذلك فإذا كانت المسافة 50 كيلو مترا يزاد يوم على الميعاد، فاذا كانت 80 ظلت يوما واحدا أما إذا أصبحت 81 زاد الميعاد إلى يومين، فإذا كانت المسافة 100 كيلو ظلت يومين حتى 130 كيلو فإذا أصبحت 131 أصبحت المسافة ثلاثة أيام، وهكذا مع مراعاة ألا تزيد عن أربعة أيام مهما بلغت المسافة.
ثانيا: المقيم على الحدود المصرية
أما من يقيم على حدود مصر فقد راعى المشرع بعد مكان إقامتهم وتطرفه وصعوبة انتظام المواصلات فجعل ميعاد المسافة بالنسبة لهم ميعاد موحد وهو 15 يوما .
ثالثا: المقيم خارج مصر
أما من يقيم خارج مصر أيا كان محل اقامته فقد حدد المشرع ميعاد موحد أيضا للمسافة وهو 60 يوما مع مراعاة انه يجوز بأمر من قاضي الامور الوقتية إنقاص هذا الميعاد تبعا لسهولة المواصلات وظروف الاستعجال على أن يعلن هذا الأمر مع الورقة، وفي جميع الأحوال يضاف ميعاد المسافة إلى الميعاد الأصلي بحيث يعتبر معه كل لا يتجزأ، ويراعى أخيرا أن ميعاد المسافة يعد من النظام العام.
تصدى محكمة النقض للأزمة
محكمة النقض المصرية تصدت لهذا الأمر في الطعن 1827 لسنة 58 جلسة 1997/04/24، وقد جاء بطعون محكمة النقض تفسيرا وإرساء للقواعد المتبعة في ذلك الأمر حيث جاء بها: "أن المادة 16 من قانون المرافعات توجب إضافة ميعاد مسافة إلى الميعاد المعين في القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه ومن ثم يجب أن يضاف إلى ميعاد الاستئناف ميعاد المسافة بين موطن المستأنف ومقر محكمة الاستئناف.
وإذ كان من شأن إضافة ميعاد المسافة إلى الميعاد الأصلي للاستئناف أن يتكون من مجموعها ميعاد واحد هو ميعاد الطعن في الحكم بطريق الاستئناف والعبرة في تحديد الموطن فى هذا المقام هو الموطن الذي اتخذه الطاعن لنفسه فى مراحل التقاضي السابقة على الطعن ولو كان له موطن آخر بالبلدة التى بها مقر المحكمة التى أودع فيها صحيفة الطعن.
المادة 16 من قانون المرافعات
إذ جرى نص المادة 16 من هذا القانون " قانون المرافعات " على أنه: "إذا كان الميعاد معيناً فى القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه زيد عليه يوم لكل مسافة مقدارها 50 كيلو متراً بين المكان الذى يجب الانتقال منه وبين المكان الذى يجب الانتقال إليه على أن لا يتجاوز ميعاد المسافة فى أية حالة 4 أيام، وكان الانتقال الذى يقتضيه القيام بهذا الإجراء فيما يتعلق بتعجيل الدعوى هو انتقال المحضر من مقر المحكمة التى قدمت صحيفة التعجيل إليها إلى محل من يراد إعلانه بها، فإن ميعاد المسافة الذى يزاد على ميعاد إعلان صحيفة التعجيل يحتسب على أساس المسافة بين هذين المحلين ، طبقا للطعن رقم 839 لسنة 68 جلسة 2010/03/08.
حكم آخر
وفى طعن آخر، قالت محكمة النقض أن مؤدى نصوص المواد 252، 213، 16 من قانون المرافعات أن ميعاد الطعن بطريق النقض 60 يوما تبدأ بحسب الأصل من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، وللطاعن أن يضيف إلى ذلك الميعاد ميعاد مسافة بين موطنه الذى يجب عليه الانتقال منه وبين مقر المحكمة التى يودع قلم كتابها صحيفة طعنه - والتي يجب عليه الانتقال إليها، وذلك فى الحدود المبنية فى المادة 16 سالفة الذكر والعبرة فى تحديد الموطن فى هذا المقام هى بمواطن من له سلطة القيام بالعمل الإجرائى خلال الميعاد "، طبقا للطعن رقم 1876 لسنة 55 جلسة 1992/06/08.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة