من القصص التى وردت فى القرآن الكريم قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام ولقائه الملائكة الكرام، حيث يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة هود فى الآية رقم 69 «وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ».
يقول الإمام ابن كثير فى تفسيره هذه الآية، يقول تعالى: «ولقد جاءت رسلنا» وهم الملائكة، إبراهيم بالبشرى، قيل: تبشره بإسحاق، وقيل: بهلاك قوم لوط، ويشهد للأول قوله تعالى: «فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا فى قوم لوط»، «قالوا سلاما قال سلام» أى: عليكم.
قال علماء البيان: هذا أحسن مما حيوه به، لأن الرفع يدل على الثبوت والدوام، «فما لبث أن جاء بعجل حنيذ» أى ذهب سريعا، فأتاهم بالضيافة، وهو عجل: فتى البقر، حنيذ «مشوى» شيا ناضجا على الحجارة المحماة.
هذا معنى ما روى عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك، والسدى وغير واحد، كما قال فى الآية الأخرى، ويقصد بها الآيات 26 و27 من سورة الذاريات «فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون».
ويعود ابن كثير إلى قوله فى الآية 70 من سورة هود «فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم» تنكرهم، «وأوجس منهم خيفة»، وذلك أن الملائكة لا همة لهم إلى الطعام ولا يشتهونه ولا يأكلونه، فلهذا رأى حالهم معرضين عما جاءهم به ، فارغين عنه بالكلية فعند ذلك نكرهم، «وأوجس منهم خيفة».
قال السدى: لما بعث الله الملائكة لقوم لوط أقبلت تمشى فى صور رجال شبان حتى نزلوا على إبراهيم فتضيفوه، فلما رآهم إبراهيم أجلهم، «فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين» فذبحه ثم شواه فى الرضف، فهو الحنيذ حين شواه، وأتاهم به فقعد معهم، وقامت سارة تخدمهم فذلك حين يقول: «وامرأته قائمة وهو جالس» فى قراءة ابن مسعود «فلما قربه إليهم قال ألا تأكلون قالوا: يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن، قال فإن لهذا ثمنا، قالوا وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوله، وتحمدونه على آخره فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا»، «فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم» يقول: فلما رآهم لا يأكلون فزع منهم، وأوجس منهم خيفة، فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هى تخدمهم، ضحكت وقالت: عجبا لأضيافنا هؤلاء، إنا نخدمهم بأنفسنا كرامة لهم، وهم لا يأكلون طعامنا.
وقال ابن أبى حاتم عن عثمان بن محصن في ضيف إبراهيم قال: كانوا أربعة: جبريل ، وميكائيل، وإسرافيل ، ورفائيل، وقال نوح بن قيس: فزعم نوح بن أبي شداد أنهم لما دخلوا على إبراهيم ، فقرب إليهم العجل، مسحه جبريل بجناحه ، فقام يدرج حتى لحق بأمه، وأم العجل في الدار.
وقوله تعالى إخبارا عن الملائكة: «قالوا لا تخف» «إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت» أى قالوا: لا تخف منا، إنا ملائكة أرسلنا إلى قوم لوط لنهلكهم. فضحكت سارة استبشارا منها بهلاكهم، لكثرة فسادهم، وغلظ كفرهم وعنادهم، فلهذا جوزيت بالبشارة بالولد بعد الإياس.
وقال قتادة: ضحكت «امرأته» وعجبت من أن قوما يأتيهم العذاب وهم فى غفلة «فضحكت من ذلك وعجبت فبشرناها بإسحاق».
وقوله: «ومن وراء إسحاق يعقوب» قال العوفى، عن ابن عباس: «فضحكت» أى: حاضت.
وبالطبع هناك رؤى إسلامية أخرى مقاربة لما أوردناه، لكننا اكتفينا بهذا القدر الذى يوضح المعنى ويقدم القصة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة