في خضم التوتر مع الولايات المتحدة، لجأ مسئولو إيران إلى خيارات جديدة ودعوا لتطبيقها لحل أزمات بلادهم التى باتت على شفا انهيار اقتصادى على خلفية العقوبات الأمريكية أو الدخول فى حرب لن تجد طهران على جبهتها نصيرا، ومع تصاعد الضغوط عليها، قال وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف الأحد فى بغداد إن بلاده اقترحت إبرام اتفاقية عدم اعتداء مع دول الجوار العربية في الخليج.
قال وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف الأحد خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره العراقي محمد الحكيم فى بغداد إن طهران تريد تأسيس علاقات متوازنة مع دول الجوار العربية في الخليج وأنها اقترحت إبرام اتفاقية عدم اعتداء معها.وتابع ظريف أن بلاده ستدافع عن نفسها بقوة فى مواجهة أي اعتداء عسكري أو اقتصادى، ودعا الدول الأوروبية إلى بذل المزيد من الجهد للحفاظ على الاتفاق النووي الموقع مع بلاده.
تصريحات الوزير الإيرانى فتحت الباب أمام تساؤل حول مدلاولات غصن الزيتون الإيرانى الذى تحاول مده للعرب، إذ تتخوف إيران من الاصطفاف العربى ضدها حال ما شنت الولايات المتحدة الحرب عليها، حيث تعانى بلدان عربية وخليجية من تهديدات ومخاوف من تمدد النفذ الإيرانى داخلها، ومع تصعيد التوتر مع الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إيران لتقليص عدد جبهات الصراع أمامها، ويرى مراقبون أن دعوة ظريف هى مسكنات مؤقتة للمخاوف الخليجية من النفوذ الإيرانى، غير أنها لن تمس أساس التهديدات ولن تغيير من السلوك الإيراني فى الخليج، أى لن تكون هذه البلدان بمأمن من تمدد طهران.
وفى إطار إيجاد خيارات للخروج من الأزمات، لوح الرئيس الإيرانى حسن روحانى، لتنظيم استفتاء شعبى حول برنامج إيران النووى، والحد من تخصيب اليورانيوم، وقال روحانى "المادة 59 من الدستور الإيرانى المتعلقة بالاستفتاء، من شأنها فتح الطرق المغلقة وهى نافذة مفتوحة أمام المواطنين فى أى وقت إذا اقتضى الأمر".
وأكد أنه تقدم عام 2004 عندما كان كبير المفاوضين الإيرانيين حول البرنامج النووي إلى المرشد الأعلى على خامنئى، بمبادرة إجراء استفتاء على القضية النووية، وأيد المرشد هذا الاقتراح، لكن الأمور تطورت على نحو مغاير مع تغير الحكومة".
وتابع الرئيس الإيرانى: "لكن على أى حال فإن المادة 59 يمكنها تمهيد السبيل فى أى مرحلة كانت".وقال:"إننا الآن بحاجة إلى آلية أكثر إنسيابية ولفت إلى أن المرشد خوله قيادة الحرب الاقتصادية ضد أمريكا واعتبر أن هذه الحرب بحاجة إلى صلاحيات أكثر.
وقال، إن البلاد تدفع الثمن فى المواجهة مع واشنطن لكننا سننتصر فى هذه الساحة بالتأكيد وأن الانتصار بحاجة إلى ظروف وضرورات أهمها وحدة الفكر والثقة كل بالآخر.
ليست المرة الأولى التى يدعو فيها روحانى لإستفتاء شعبى، ففى أغسطس 2018 دعا لاستفتاء لإنقاذ بلاده من العقوبات، وفى فبراير 2018 دعا روحانى للاحتكام إلى الصناديق وإجراء استفتاء للخروج من المأزق السياسى والتناحر بين أجنحة السلطة، ووقتها أثارت الدعوة موجة عنيفة من الانتقادات ضده من قبل المتشددين، وفى كل مرة كان يستشهد بالمادة 59 من الدستور الإيرانى.
وتجيز المادة التى أشار إليها روحانى "المادة 59 من الدستور الإيرانى"، الاستناد إلى رأى الشعب فى القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وتقول المادة "يجوز فى القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية المهمة جداً، ممارسة وظائف السلطة التشريعية بالرجوع إلى آراء الناس مباشرة عبر الاستفتاء العام بعد موافقة ثلثى أعضاء مجلس الشورى (البرلمان).
ويرى مراقبون أن المرشد الأعلى لن يستجيب لدعوة روحانى، لأنه يرى أن الملف النووى يحق لمسئولى البلاد فقط البت فيه وأن صانع القرار هو وحده الذى يمتلك اليد العليا، فضلا عن أنه يستغله كورقة بين أوارق ضغطه على خصوم طهران فى الخارج.
وإلى جانب ذلك تستمر الوساطة العمانية لتهدئة الأوضاع، وسافر مساعد وزير الخارجية الإيرانى عباس عراقجى عمان اليوم الأحد لبحث "التطورات التى تشهدها المنطقة" مع الوزير المسئول عن الشؤون الخارجية فى السلطنة يوسف بن علوى بن عبد الله، وقال بن علوى قبل أيام إن بلاده تحاول مع أطراف أخرى تهدئة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.