"الأقصر بلدنا بلد سواح فيها الأجانب تتفسح"، تلك الأغنية الشهيرة لفرقة رضا التي قدمت في فيلم "غرام في الكرنك"، أظهرت سحر وجمال كورنيش النيل بمحافظة الأقصر والذي ظل طوال السنوات الماضية دون تطوير وتجميل ليضاهى المدن العالمية التى لا تضاهى الأقصر في التاريخ الفرعونى وجذب السائحين بصورة يومية طوال العام.
محافظة الأقصر مثلها كباقى المدن المطلة علي نهر النيل في جنوب الصعيد بها كورنيش للنيل، ولكنه كان مهملا بصورة كبيرة علي مر السنوات الماضية، واشتكي الأهالي والسائحون من سوء وتردى حالة الكورنيش، وعرض العشرات من المهندسين والشباب خطط لتطوير الكورنيش لم تكتمل وترى النور، فكورنيش النيل بالأقصر له بريق خاص فهو يمتد بمسافة نحو أكثر من 1700 متر ويقع على جانبه الشرقى معبدى الأقصر والكرنك، ويبدأ من إشارة فندق إيبروتيل حتى شمالى المدينة مرورًا بمتحف الأقصر ومتحف التحنيط، وفى البر الغربى يمتد لمسافة بسيطة لا تتعدى 300 متر، فهو مقصد سياحى طبيعى رسمته الأيادى المصرية بجمال ليذهل السائحين الأجانب لدى دخولهم المحافظة، ولكنه أصبح آفة تضر بهم لسوء حالته وصعوبة التوجه للمراكب والفلوكات بالمرسي المتهالك.
بداية الغيث.. رئيس الوزراء يطلق إشارة البدء في خطة التطوير الشاملة لكورنيش الأقصر
بعد تلك الأزمات المتكررة خلال السنوات الماضية لاحت بارقة أمل جديدة بقرار رسمي من رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي خلال مجلس المحافظين السابق، والذي عقد اجتماعا مع المستشار مصطفي ألهم، لبحث الموقف التنفيذي لمشروع التطوير الشامل لكورنيش النيل، حيث تم استعراض مُخطط تطوير الكورنيش والذى يأتى فى إطار استراتيجية التنمية الشاملة لمدينة الأقصر، والتى تتضمن بالإضافة للكورنيش، المُتحف المفتوح، والمحاور الرئيسية للمدينة، بالإضافة إلى أن المشروع يشمل تطوير 4 ميادين مؤدية إلى الكورنيش بالقطاع المقابل لمعبد الأقصر ومُتحف التحنيط ومبنى المحافظة شمالاً، وفندق الوينتر بالاس جنوباً بطول 1700 متر.
وتم خلال الاجتماع التأكيد على الأهمية الكبيرة لهذا المشروع والتى تتمثل فى ربط الكورنيش بالمنطقة الأشمل، والتى تضم قلب مدينة الأقصر ومنطقة المثلث الذهبى، من خلال استعمالات الأراضى وعناصر الحركة والمشاة الملائمة لتعزيز وإظهار الهوية المميزة للمدينة، وتم استعراض الخطوات التنفيذية التى تمت فى هذا المشروع وما تم اتخاذه من إجراءات لبدء تنفيذ الاستراتيجية الشاملة لتطوير مدينة الأقصر، كما تم توضيح الرؤية المقترحة لتطوير القطاعين الأول والثاني للكورنيش، من خلال طرح عدة بدائل للتطوير واستعراض المُعوقات والتحديات التي تواجه عملية تنفيذ المشروع، بجانب استغلال المناطق ذات الطابع العمراني الفريد والمُميز بشكل أمثل لإظهار وإثراء الطابع والهوية المميزة لمدينة الأقصر، إضافة إلى أن هناك خططاً وبدائل لتطوير الميادين الأربعة المؤدية للكورنيش، وفي ختام الاجتماع وجّه رئيس الوزراء بسرعة بدء تنفيذ تطوير الكورنيش، والذى يأتى ضمن المخطط الشامل لتطوير المدينة، وبما يُظهر القيمة التاريخية والحضارية للأقصر، ويُسهم في زيادة تدفق السائحين لهذه المنطقة.
محافظ الأقصر يستعرض تفاصيل خطة تطوير كورنيش النيل
في هذا الصدد قال المستشار مصطفى محمد ألهم محافظ الأقصر، إن كورنيش النيل يستعد حالياً لدخول أكبر مرحلة تطوير، وذلك لإعادته للسحر القديم المبهر الذي يليق بالأقصر أمام السائحين، حيث سيتم إحلال وتجديد كافة الخدمات علي الكورنيش من أوله لآخر حجر فيه.
وأضاف محافظ الأقصر لـ"اليوم السابع"، أن تطوير الكورنيش أمر هام للغاية قبل دخول الموسم الشتوي السياحي الذي يعول عليه الكثير من العاملين بالقطاع السياحي ليكون من أفضل المواسم بعد أحداث ثورة يناير التي تعطلت بعدها حركة السياحة، موضحاً أنه يتم حالياً وضع مخطط كامل بكافة تفاصيل التطوير ومراحله من الألف للياء، وذلك بعقد لقاءات لاكتمال الخطة التطويرية لشارع الكورنيش ضمن الاهتمام بالهوية البصرية للمدينة التاريخية ما يساهم في تسويقها عالمياً بشكل يليق بها.
وأوضح المستشار مصطفي ألهم، أنه سيتم خلال الخطة إحلال وتجديد كامل للممشي القديم والممشي الجديد مع توفير كافة الخدمات الأساسية عليه للجميع عبر تنظيم نفق خدمات بطول كيلو متر يضم حوالي 62 بازار سياحي، البازار الواحد منها مساحته 4 × 4 بارتفاع 3 م، وذلك بغرض خدمة السائحين الذين يستقلون البواخر والذهبيات والمراكب النيلية للاستمتاع بالأقصر، وكذلك 24 كافيتريا على جانبى الطريق لخدمة الجميع من السائحين الأجانب والمصريين وأبناء مدينة الأقصر وكذلك تنسيق موقع أسوار الكورنيش بالكامل.
فيما قال اللواء هشام شادى، سكرتير عام محافظة الأقصر، إنه لتطوير كورنيش النيل وإدخاله مرحلة الخدمات المميزة للجميع من أهالي الأقصر والسائحين، تم طرح عدد من المشروعات الإستثمارية بالمزاد العلنى والتي تتضمن استغلال 87 بازار بالممشى السياحى بكورنيش النيل، واستغلال كافتيريا حديقة الكرنك بارك، واستغلال كافتيريا وحديقة الهوست واستغلال كافتيريا مركز الاستعلامات السياحى، حيث تم طرح تلك المشروعات بهدف تقديم خدمات مميزة لزوار كورنيش النيل منطقة الممشى السياحى بالأقصر وخلق فرص استثمارية جديدة وتشغيل للشباب.
وأضاف سكرتير عام محافظة الأقصر، أن خطط تطوير الكورنيش تأتي ضمن "مشروع الهوية البصرية"، والتى تشمل تطوير مظهر الكورنيش بالكامل بجانب ميدان مرحباً وميدان أبو الحجاج وميدان الإيبروتيل والمنطقة أمام فندق الونتر بالاس والمنطقة المواجهة لديوان المحافظة، موضحاً أن مشروع "الهوية البصرية" لمحافظة الأقصر، انطلق منذ عدة أشهر بالتعاون مع الجامعة الألمانية، بهدف إظهار الأقصر بشكل شبابي عالمى جديد، لدعم التاريخ والآثار الفرعونية التى تهم شباب مصر والعالم أجمع من الذين يهتمون بالتراث الفرعونى بعد أعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى عن تبنيه، فى المؤتمر الوطنى للشباب بجامعة القاهرة، حول "الهوية البصرية لمصر"، والذى يهدف إلى ترسيخ مفاهيم الهوية والترويج السياحى لمصر.
خبراء السياحة يتحدثون عن خطط تطوير وتجميل كورنيش النيل
وعبر رجال السياحة والمرشدون السياحيون بمحافظة الأقصر، عن سعادتهم بالاهتمام الكبير الذي حظيت به خطط تطوير كورنيش النيل من رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي الذي زار الأقصر مؤخراً أكثر من مرة وشاهد بنفسه المستوي الهزيل الذي ظهر عليه الكورنيش، حيث قال الطيب عبد الله حسن مرشد سياحي بالأقصر، إن كورنيش النيل خلال آخر 5 سنوات أصبح مهملا للغاية وبه عشرات التكسيرات بالبلاط الخاص به، بجانب التعرجات غير المنتظمة والتكسير أيضاً بالممشي السياحي الجديد والقديم ومنطقة المراسي التي تتوقف أمامها عشرات المراكب السياحية طوال الموسم الشتوي بل وخلال فترة الصيف.
وأضاف الطيب عبد الله حسن لـ"اليوم السابع"، أن ذلك الإهمال بالكورنيش اشتكي منه عدد كبير من السائحين بعد تعرض الشباب منهم وكبار السن للوقوع أكثر من مرة علي الكورنيش والمراسي السياحي المتهالكة، وجميع المرشدين السياحيين بالأقصر قدموا عشرات الشكاوي للمحافظ الحالي والمحافظ السابق بتلك الأمور لحلها، وهم ينتظرون حالياً تطبيق قرارات رئيس الوزراء لعودة الكورنيش لسحره من جديد وإدخال الوسائل المتطورة الجمالية عليه ليضاهي كورنيش المدن العالمية السياحية لتقديم افضل خدمة لضيوف الأقصر ومصر بالموسم الجديد.
أما الخبير السياحي محمد عثمان عضو لجنة التسويق السياحي بالأقصر، فيؤكد أن مشروع تطوير الأقصر بشكل عام وتطوير الكورنيش بشكل خاص يصب فى صالح القطاع السياحى، حيث يعد المشروع الجديد نقلة حضارية مهمة للسياحة الثقافية فى الأقصر، والذى يمثل واجهة مهمة للمدينة الواقعة على ضفاف نهر النيل، موضحاً أن مُخطط تطوير الكورنيش يأتى فى سياق التنمية الشاملة للأقصر، ويكتسب أهمية خاصة حيث تتم عملية التطوير قبل الموسم الشتوى القادم، والذى يشهد توافد السياح على تلك المدينة التاريخية العظيمة والتى تعد أهم وأقدم متحف مفتوح فى العالم.
وأضاف محمد عثمان لـ"اليوم السابع"، أنهم قدموا عددا من الشكاوي خلال الفترة الماضية للمسئولين بالسياحة والمحافظة بسرعة الاهتمام بطريق كورنيش النيل وإصلاح التكسير وتجميله حيث كان من الصعب للغاية أن يسير عليه السائحون كما كان في السابق وبالأخص كبار السن الذين يعشقون زيارة الأقصر سنوياً، وهو ما استجابت له الحكومة حالياً موجهاً الشكر للدكتور مصطفي مدبولي علي هذا الاهتمام الجيد بعاصمة الحضارة المصرية القديمة لتطوير حركة السياحة داخلها مستقبلاً، مشدداً علي أن المراسى السياحية تأتي ضمن التحديات التى رصدتها لجنة تسويق السياحة الثقافية بتقريرها السنوى كأحد العوامل المؤثرة فى حجم الحركة، وتطويرها ينعكس بشكل كبير على حجم الحركة الوافد للأقصر، فهى فى حاجة إلى أن يتم تجهيزها بشكل يلائم ذوى الاحتياجات الخاصة ويضع فى الاعتبار معايير السياحة الميسرة، وهو ما يمكن المقصد السياحى من جذب شريحة جديدة من السائحين (ذوى الاحتياجات الخاصة)، تمثل 20% من حجم السائحين حول العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة