نشرت الصحف المصرية الرسمية خبرا صغيرا يوم 18 سبتمبر 1987 عن القبض على عناصر تنظيم «ثورة مصر المسلح»، وذلك بعد أن تم فجر يوم 17 سبتمبر«راجع، ذات يوم 17 سبتمبر 2091 ».
فور عملية القبض، وحسبما يذكر الكاتب الصحفى مصطفى بكرى فى كتابه «ثورة الابن، أسرار ووثائق تنظيم ثورة مصر»: «تم نقل المتهمين إلى ملحق سجن مزرعة طرة، جنوب القاهرة.. كان القرار حبسهم انفراديا، ومنذ السابع عشر من سبتمبر كانوا يخضعون للتحقيقات أمام نيابة أمن الدولة العليا بمنطقة الجبل الأخضر.. تأتى السيارات فى الصباح والمساء وتحملهم من السجن إلى سراى النيابة، وظلت فترة التحقيقات نحو ثلاثة أشهر تقريبا».
كان ترديد اسم خالد جمال عبد الناصر بين المتهمين كقائد للتنظيم مثيرا، وأضفى على القضية أهمية فوق أهميتها التى جاءت من كونها تقاوم الوجود الصهيونى فى مصر بالسلاح، وترقب الجميع مصير القضية فى ظل هذا الوضع، وذهبت توقعات إلى أن المتهمين سيعترفون على خالد كنوع من الحماية السياسية عليهم بوصف ابن جمال عبد الناصر،غير أن «محمود نور الدين»، قرر أن يتحمل وحده «قانونيا» كل التبعات الخاصة بمن قاد وأسس، فنفى أى علاقة لخالد بالقضية، وتمسك بموقفه هذا منذ بداية التحقيقات معه يوم 18 سبتمبر، مثل هذا اليوم 1987، بل إنه أقدم على محاولة الانتحار.
فى محضر التحقيق، ذكر «نور الدين» سبب إقدامه على محاولة الانتحار قائلا: «إنهم يريدون تشويه صورة»ثورة مصر”الوطنية،ولهذا السبب حاول الانتحار وإنه هو الذى أحدث هذه الإصابات بنفسه..طلب المحقق منه تفسير ما يقصده،فأجاب: «هذا الإحساس كان نتيجة التحقيقات المتعددة التى دارت معى هنا فى السجن، فقد أحسست أنهم يحاولون زج أبرياء فى القضية ومحاولة تشويه صورتها الوطنية، مثل محاولة الإيحاء بأن هناك تمويلا خارجيا لها أو أيه علاقات أخرى مع أى نظام عربى وخاصة ليبيا، ومحاولة زج أبناء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لمجرد صداقتى القديمة لهم، والتى تمتد لسنوات عديدة،عندما كنت أعمل بالسفارة المصرية فى لندن، وكان يعمل معى فى نفس الوقت عبدالحميد جمال عبدالناصر بدرجة سكرتير ثان بعد أن رقى إلى هذه الدرجة لينضم إلى دبلوماسى السفارة».
سأله المحقق،عن أبناء جمال عبد الناصر الذين توطدت صلته بهم، فأجاب: «تربطنى علاقة صداقة مع كل من خالد وعبد الحميد وعبد الحكيم، ضمن إطار العلاقات العائلية فى محيط أعضاء السفارة المصرية فى لندن وقنصليتها العامة ومكاتبها الفنية، ثم انقطعت العلاقة عدة سنوات بعد مغادرتهم لندن، ولم يحدث أى اتصال تقريبا منذ عام 1980، ثم بدأ الاتصال مرة أخرى بعد فترة طويلة من وجودى فى القاهرة لا أتذكر مدته بالضبط، ولم تكن بالطبع هى نفس العلاقة والصداقة العائلية القديمة، وإنما كانت عبارة عن لقاءات قصيرة ومتقطعة وعلى فترات زمنية طويلة».
سأل المحقق: هل كانت بداية تعرفك واتصالك بخالد وعبد الحكيم بالقاهرة أم بالخارج..أجاب نور الدين: تعرفت على خالد داخل السفارة المصرية فى لندن أثناء زيارته لها وعملى بها آنذاك، حيث كان يقيم فى لندن للحصول على الدكتوراه التى حصل عليها من هناك، وعن طريق خالد وعبد الحميد تعرفت على عبد الحكيم الذى كان يحضر فى زيارات إلى أشقائه».
بعد سفر السادات إلى إسرائيل فى 19 نوفمبر 1977، ثم توقيعه اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل فى 17 سبتمبر 1978، أصدر محمود نور الدين مجلة «23 يوليو» من لندن، وترأس تحريرها الكاتب الساخر محمود السعدنى الذى كان يعيش فى المنفى منذ أن خرج من مصر عام 1972 إلى عدة دول عربية، ثم ذهب إلى لندن، وكان الكاتب الصحفى عاصم حنفى من هيئة تحرير هذه المجلة التى توقفت بعد عام من صدورها.
كانت مجلة «23 يوليو» مجالا لأسئلة المحققين مع عبدالحكيم وعبدالحميد عبدالناصر ونور الدين.. وفى التحقيقات التى جرت مع نور الدين يومى 18 و19 سبتمبر، سئل: «هل كان لأى من أبناء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر دور فى إصدار مجلة 23 يوليو؟..أجاب: «كانوا على علم بها، ولكن لم يكن له دور فيها سواء بالكتابة أو بأى شكل آخر”.. سأل المحقق: «ألم يكن هناك تمويل من جانبه، أو من أى نظام عربى آخر فى شأن إصدار هذه المجلة؟.. أجاب نور الدين: لم يكن هناك أى تمويل منهم أو من أى نظام عربى آخر والدليل على ذلك أن المجلة لم تستمر فى الصدور إلا لمدة سنة أو أقل».
وتواصلت التحقيقات..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة