نقرأ معا "مقدمة إلى وسائل الإعلام الجديدة والثقافات الإلكترونية" لـ برامود كيه نايار، ترجمة جلال الدين عز الدين على مراجعة نيڤين عبد الرؤوف، والصادر عن مؤسسة هنداوى.
ويقول الكتاب عن التلاعب التجميلى للجسد، إنه قديم قدم الإنسانية، زرعات السليكون، وأنظمة الحد من السمنة، وتمرينات اللياقة البدنية، و"عمليات التجميل" المنوعة تؤكد جميعها الحفاظ على شكل معين، شكل يسعى إلى التلاؤم مع الفكرة التى يمكن قبولها اجتماعيًّا عن الجسد "الجميل"، كان التعديل الجراحى للجسد موجهًا فى أغلب الأحوال نحو تحسين نوعية حياة الناس، وخصوصًا أولئك الذين يُعانون إعاقة حركية أو أى نوع آخر، أما الزرعات والأجهزة التعويضية والأطراف الاصطناعية فهى وسائل مساعدة لتحسين بقاء الجسد، وأما الوشم وغيره من علامات تمييز الجسد فهى على الأغلب علامات للهُوية، قد تستخدم المجتمعات والقبائل والجماعات الاجتماعية علامات ميزة للإشارة إلى عضويتها، ويُمكن أن يكون تعديل الجسد علامة على التمرد فى الجماعات الثقافية الفرعية، بما يجعله تحرُّكا سياسيًّا على نحوٍ سافر.
ويقول الكتاب إن تعديل الجسد فعل "سياسى اجتماعى"، لأنه ينشد تعريف دور الجسد البشرى، وقدرته، وهُويته، و"فاعليته"، حتى وهو يرسى الشأن السياسى فى الجسد.
صارت نزعة تعديل الأجساد أكثر ذيوعًا فى تسعينيات القرن العشرين، وأرجع بعض الباحثين جذورها إلى ثقافة الوشم التى كانت سائدة فى حقبة أسبق ، وصار تعديل الجسد حركة ثقافية فرعية مع نشأة جماعة "البانك" فى سبعينيات القرن العشرين، وهى تزلزل فكرة الجسد المتماسك، وتُثير التساؤلات عن الأعراف الراسخة بشأن ما "ينبغى" أن يكون عليه الجسد، ومن الناحية السياسية، تشكل جماعات الأجساد المعدلة ثقافة فرعية راديكالية.
وفى حالة النساء، طالما كان تعديل الجسد محل جدال كبير، فالجراحة التجميلية، كما يزعم أنصار النظريات النسوية تزيد من تسليع المرأة باعتبارها جسمًا جنسيًّا، ومع ذلك، تدَّعى فنانات أنهن، بإقبالهن بمحض إرادتهن على تعديل أجسادهن، تقبلن الأعراف السائدة بشأن جمال المرأة.
أما تعديل الجسد من قِبَل المثليين والمثليات والمتحوِّلين جنسيًّا فيجعل الجسد نفسه شاذًّا، ولأنهم أفراد تقع هُوياتهم على أى حال على هوامش الثقافة "السائدة"، فإن مثل هذه المُمارسات تُبرِز سياسة جنسية راديكالية، وهم يُثيرون، باستعراض رغبات الجسد الموصومة التساؤلات بشأن معايير السلوك الجنسى.
ومن النماذج الشهيرة للفنون ما بعد البشرية التى تُعيد تشكيل الجسد من خلال الجراحة والتكنولوجيا، ما قدَّمه ستيلارك، وأورلان، وفريق السايمبيوت إيزا جوردون وجيس جاريل. فقد وصَّل الفنان الأسترالى ستيلارك جسده بالشبكة العنكبوتية العالَمية على نحو مكن أناسًا، يُصدِرون أوامر باستخدام لوحة مفاتيح الكمبيوتر من أماكن أخرى، من تحريك جسده، وأما الفنانة الأدائية أورلان فهى تخوض عمليات تجميلية متعددة لتغيير وجهها وجسدها — وتُبَث العمليات بثًّا مباشرًّا على الشبكة العنكبوتية العالمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة