منذ أن بدء فيروس كورونا بالانتشار فى الولايات المتحدة، لا يزال العلماء يحلون العديد من الجوانب المحيرة لكيفية مهاجمة فيروس كورونا الجديد للرئتين وأجزاء أخرى من الجسم.
كشفت دراسة نُشرت فى مجلة Nature Communications، أن نقص الأكسجة الصامت ناتج على الأرجح عن مجموعة من الآليات البيولوجية التى قد تحدث فى وقت واحد فى رئتى مرضى كوورنا.
مما يعتبر أحد أكبر الألغاز وأكثرها خطورة على الحياة هو كيف يتسبب الفيروس فى "نقص الأكسجة الصامت"، وهى حالة تكون فيها مستويات الأكسجين فى الجسم منخفضة بشكل غير طبيعى، والتى يمكن أن تلحق الضرر بالأعضاء الحيوية بشكل لا يمكن إصلاحه إذا لم يتم اكتشافها لفترة طويلة.
وكان مهندسو الطب الحيوى فى جامعة بوسطن والمتعاونون من جامعة فيرمونت قد بدأوا فى حل هذا اللغز. مؤكدين أنه على الرغم من معاناة بعض المرضى من انخفاض خطير فى مستويات الأكسجين، فإن العديد من الأشخاص المصابين بحالات حادة من كورونا لا تظهر عليهم أحيانًا أعراض ضيق التنفس أو صعوبة التنفس.
الاكسجين الصامت
في مرضى الفيروس التاجي، يُعتقد أن العدوى تتلف الرئتين أولاً، مما يجعل أجزاء منها غير قادرة على العمل بشكل صحيح، وتفقد هذه الأنسجة الأكسجين وتتوقف عن العمل، ولم تعد تغمر مجرى الدم بالأكسجين ، مما يتسبب فى نقص الأكسجين الصامت.
شهد بعض مرضى فيروس كورونا ما وصفه بعض الخبراء بمستويات من الأكسجين فى الدم "غير متوافقة مع الحياة"، وللمساعدة فى الوصول إلى حقيقة أسباب نقص الأكسجة الصامت، استخدم مهندسو الطب الحيوى فى جامعة بوسطن النمذجة الحاسوبية لاختبار 3 سيناريوهات مختلفة تساعد فى تفسير كيف ولماذا تتوقف الرئتان عن توفير الأكسجين لمجرى الدم.
عادة، تؤدى الرئتان مهمة الحفاظ على الحياة المتمثلة فى تبادل الغازات، حيث توفر الأكسجين لكل خلية فى الجسم أثناء تنفسنا وتخليصنا من ثانى أكسيد الكربون فى كل مرة نقوم فيها بالزفير.
الرئتين السليمتين تحافظان على أكسجين الدم عند مستوى يتراوح بين 95 و100 % - إذا انخفض إلى ما دون 92 %، فهذا مدعاة للقلق وقد يقرر الطبيب التدخل بالأكسجين الإضافي.
نظر الباحثون أولًا فى كيفية تأثير COVID-19 على قدرة الرئتين على تنظيم توجيه الدم، عادة، إذا كانت مناطق الرئة لا تجمع الكثير من الأكسجين بسبب التلف الناتج عن العدوى، فإن الأوعية الدموية سوف تنقبض فى تلك المناطق.
هذا فى الواقع شيء جيد تطورت الرئتان للقيام به، لأنه يجبر الدم على التدفق عبر أنسجة الرئة المليئة بالأكسجين، والتى يتم تداولها بعد ذلك فى جميع أنحاء الجسم.
لكن وفقًا للباحثين، أشارت البيانات السريرية الأولية إلى أن رئتى بعض مرضى COVID-19 قد فقدت القدرة على تقييد تدفق الدم إلى الأنسجة المتضررة بالفعل، وفى المقابل، كان من المحتمل أن تفتح تلك الأوعية الدموية أكثر - وهو أمر يصعب رؤيتها أو قياسها فى الأشعة المقطعية.
باستخدام نموذج حسابى للرئة، اختبر الفريق هذه النظرية، وكشفوا أنه حتى تنخفض مستويات الأكسجين فى الدم إلى المستويات التى لوحظت فى مرضى COVID-19، يجب أن يكون تدفق الدم أعلى بكثير من المعتاد فى مناطق الرئتين التى لم تعد قادرة على جمع الأكسجين، مما يساهم فى انخفاض مستويات الأكسجين فى جميع أنحاء الجسم.
بعد ذلك، نظروا فى كيفية تأثير تخثر الدم على تدفق الدم فى مناطق مختلفة من الرئة، فعندما تلتهب بطانة الأوعية الدموية من عدوى COVID-19، يمكن أن تتشكل جلطات دموية صغيرة جدًا لا يمكن رؤيتها فى الفحص الطبى داخل الرئتين.
ووجدوا، باستخدام النمذجة الحاسوبية للرئتين، أن هذا قد يحرض على نقص الأكسجة الصامت، ولكن من غير المحتمل وحده أن يتسبب فى انخفاض مستويات الأكسجين إلى أدنى مستوياتها فى بيانات المريض.