يعيش العالم كله هذه الأيام حالة من الترقب بسبب انتشار فيروس "كورونا" فى الصين، مما يجعلنا نفتح تاريخ الأوبئة ونتحدث فى البداية عن معنى كلمة "وباء" من خلال كتاب "علم الأوبئة" لـ رودولفو ساراتشى التى صدرت ترجمته عن مؤسسة هنداوى.
ما المقصود بعلم الأوبئة؟ وكيف يمكننا تتبع أسباب أحد الأمراض، أو تحديد متى تفشى أحد الأوبئة؟ فى هذا الكتاب من سلسلة "مقدمة قصيرة جدًّا"، يقدم رودولفو ساراتشى نظرةً متعمقة لمنطق علم الأوبئة ومناهج بحثه، وذلك بهدف توضيح قيمة البحث فى أمور الصحة والمرض فى المجتمعات السكانية.
يشرح "ساراتشى" المفاهيم الإحصائية الأساسية اللازمة لتخطيط الدراسات الوبائية وتحليلها، فضلًا عن أنه يطيح بالمفاهيم الخاطئة الشائعة حول تأويل تلك الدراسات، وذلك دون أن يقتصر تركيزه على تَبِعاتها الأخلاقية والسياسية، وإنما يمتد ليشمل تأثيراتها على الصحة العامة.
هذا الكتاب هو العدد 224 من سلسلة مقدمة قصيرة جدًا، وهى سلسلة من مطبعة جامعة أكسفورد تصدر منذ 1995. كتب صغيرة الحجم نسبيًا كبيرة المحتوى، يمكنك من خلالها التعرف على الكثير من المجالات المختلفة بسهولة ودون تعقيد مهما كانت صعوبة المجال، او لأنك لأول مرة تقرأ فيه، فهى تستهدف الجميع مهما كانت التخصصات ويقدمها متخصصين فى مجالاتهم، وقد قامت مؤسسة هنداوى بترجمتها وتوفيرالكثر من اعدادها باللغة العربية
فى هذا الكتاب يقوم الكاتب رودولفو ساراتشى وهو من رواد علم الأوبئة بمحاولة لتقريب هذا العلم لعامة الناس فالكثيرين لا يعرفون ما هو
الكتاب مكون من 10 فصول، عرض من خلالها تعريف لعلم الأوبئة ومحاولة للتفرقة بينه وبين علم الطب الحيوى وبعض العلوم التى قد تختلط بعلم الأوبئة فى أذهان الناس، كما عرض تاريخ علم الأوبئة الذى يرجع لأكثر من ألفى عام وكيف تطور مع الوقت حتى وصل إلى علم الأوبئة المعاصر، ويكمل المؤلف طريقه بعرض العديد من طرق البحث فى هذا العلم مع أمثلة توضحها.
يحتوى الكتاب (التعريف بعلم الأوبئة، قياس الصحة والمرض، البحث عن أسباب المرض، إثبات أسباب الأمراض، أنواع الدراسات المستخدمة فى علم الأوبئة، متابعة صحة الأفراد، بحث تجارب الأفراد السابقة، رسم خرائط الصحة والمرض، من علم الأوبئة إلى الطب والوقاية والصحة العامة، علم الأوبئة بين الاعتبارات الأخلاقية والسياسة)
ويقول الكتاب: كلمة علم الأوبئة epidemiology مشتقة من كلمة epidemic (التى تعنى وباء)، المشتقة بدورها من المقطعين اليونانيَّين epi (بمعنى بين) وdemos (بمعنى الناس)، إن أوبئة مثل "سارس" وهى تهاجم مجتمعًا سكانيًّا فى مظهر غير معتاد لأحد الأمراض تتطلب أبحاثًا فورية، غير أن الأسلوب المتبع فى البحث فى هذه الحالة هو ذاته المطبق على جميع الأمراض بصفة عامة، سواء أكانت غير معتادة فى نمطها أو فى معدل تكرار الإصابة بها أم متواجدة بصورة دائمة فى مجتمع سكانى ما؛ أى "متوطنة" فيه. فى حقيقة الأمر تُستخدم الوسائل نفسها فى دراسة الأحداث الفسيولوجية الطبيعية مثل الإنجاب والحمل، والنمو الجسمانى والعقلى داخل المجتمعات السكانية. وإيجازًا يمكن القول إن علم الأوبئة هو علم يدرس الصحة والمرض داخل المجتمعات السكانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة