عم صابر ساعى فى إحدى المصالح الحكومية، يربى ابنه "محمود"، ويحلم بتخرجه وتعيينه فى وظيفة مرموقة داخل المصلحة التى يعمل بها، غير أن محمود يتنكر لوالده فى كل مرة يريد الأب أن يتفاخر به أمام زملائه، ورغم عقوق الابن إلا أن الأب يسامح ويصبر ويقف إلى جواره ابنه فى كل المصائب التى تحدث له، هذا هو ملخص فيلم "وبالوالدين إحسانًا" بطولة فريد شوقى "عم صابر" وسمير صبرى "محمود"، وكريمة مختار "والدة محمود" الذى تم عرضه لأول مرة عام 1976 .
كلما شاهدت هذا الفيلم المقتبس اسمه من الآية القرآنية "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً"، أتعجب وأتحسر على حال بعض الأبناء الذين يقابلون جميل آبائهم وتفضيلهم على أنفسهم بالإساءة والإنكار وسوء المعاملة والعقوق بكافة صوره وأشكاله.
عقوق "محمود" وإنكاره لوالده "عم صابر" فى فيلم "وبالوالدين إحسانًا"، كان أقصى ما يمكن أن أتخيله عن عقوق الوالدين، أو ربما كان هذا أقصى ما يمكن أن نراه فى مجتمعنا من عقوق للوالدين فى فترة عرض الفيلم عام 1976، فما نراه اليوم تعدى "العقوق" بمراحل كثيرة ليتطور إلى "جرائم ضد الوالدين".
خلال الأيام القليلة الماضية شهدت عدد من محافظات مصر جرائم قتل بشعة كان العامل المشترك بينها هو أن الجريمة بطلها ابن وأحد والديه، آخرها في مدينة العبور بمحافظة القليوبية، حيث تجرد شاب عاطل، من كل المشاعر الإنسانية وكتم أنفاس والده أثناء نومه حتى وفاته، بزعم أنه يرفض الإنفاق عليه، وفى كفر الشيخ أيضًا قبل أيام، ذبح تاجر أخشاب والدته ذات الثمانين عامًا، بدم بارد إثر مشاجرة نشبت بينهما، وفى بنى سويف قتل شاب والده لرفضه مساعدته في الزواج.
قضية عقوق الوالدين، أو "جرائم الأبناء ضد الآباء"، هي قضية تستحق وجديرة بالدراسة والبحث من قبل علماء النفس والاجتماع ومراكز وأساتذة البحوث الجنائية، وتضافر جهود رجال الدين فى مصر ووزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى للبحث عن سبل مواجهة القضية قبل استفحالها وتحولها إلى ظاهرة بل كارثة تهدد الاستقرار الأسرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة